سكان "الخان الأحمر": خيارنا البقاء في أرضنا أو الموت فوق ترابها

الساعة 01:44 م|12 يوليو 2018

فلسطين اليوم

خلال زيارتك للخان الأحمر المهدد بالترحيل والهدم من قبل الاحتلال تلاحظ إجماع سكانه صغيرهم قبل كبيرهم على رفضهم الحديث عن إمكانية رحيلهم عن أرضهم التي ولدوا معظمهم وتربوا فيها.

ومن تسأله "ماذا لو أجبروكم على الرحيل" يكون الرد واضحاً وقاطعاً: "نموت هنا ولا نرحل". رغم أن الخوف من إجراءات الاحتلالية الانتقامية من الخان وسكانه كان واضحاً، إلا أن هذا لا يعني قبولهم، ولو تخيلاً، بالرحيل عن أرضهم إلى مكان آخر.

وخلال التجوال والحديث إلى السكان يلفت نظرك قوة السكان وثقتهم بحقهم والتمسك اللامحدود بالأرض، وسعادتهم بهذا التضامن الذي يلفهم، فتخوفهم الأكبر أن يبقوا وحيدين في مواجهة جرافات الاحتلال التي باتت أقرب عليهم من كل مرة.

وبدأت المعاناة الحالية للخان الأحمر الحالية قبل عام تقريباً عن طريق شق طريق التفافي في محاذاه التجمع، في المنطقة التي يعرفها السكان باسم "وادي حلوة"، ومع بدء العمل الفعلي في الشارع قبل شهر تقريباً، والتي تزامنت مع تقديم إخطار بالترحيل والهدم النهائي بالتزامن في 24 مايو/أيار الماضي، فكانت المداهمات اليومية وتطويق الخان وفرضه منطقة عسكرية مغلقة.

ولكن هذا المخطط هو جزء من المخطط العام للاحتلال ضمن ما يعرف بمخطط الخان الأحمر E1 وتهجير بدو القدس بالكامل، أي أكثر من 45 تجمع بدوي، وجمعهم في منطقة العيزرية في مكان محصور جداً، وحرمانهم من طابعهم.

وكانت صحيفة هآرتس العبرية كشفت الأسبوع الفائت أن هذا الترحيل يأتي ضمن خطة وضعها وزير الزراعة الحالي أوري اريئيل، بطرد البدو من المنطقة الواقعة إلى الشرق من القدس قبل 40 عاماً.

وبحسب الصحيفة فإن المخطط من الناحية العملية يهدف لتحويل منطقة فلسطينية تضم حوالي 100،000 إلى 120،000 دونم، إلى منطقة إسرائيلية وتطويرها على أنها "رواق يهودي" يمتد من السهل الساحلي إلى نهر الأردن.

يقول مختار الخان الأحمر، إبراهيم خميس أبو داهوك، لـ "فلسطين اليوم الإخبارية" إن سكان الخان الأحمر قرارهم واضح فإما الحياة في أرضهم التي عاشوا فيها ولا زالوا أو الموت، فلا خيارات أخرى لديهم، وفكرة الترحيل غير مطروحة لديهم بالكامل.

وأضاف: "نحن قررنا وعزمنا على عدم الرحيل من هنا إلا إذا أعادونا إلى أرضنا الأصلية في النقب".

وتابع:" نحن هجرنا من أراضي النقب في العام 1948 وسكنا هذه المنطقة منذ ذلك الحين وحتى الآن، وبنينا حياتنا بجهد وتعب، واليوم يسعون لهدم حياتنا بالكامل".

ويسكن في الخان الأحمر حوالي 40 عائلة، وعدد السكان فيهن بين أطفال ورجال ونساء يصل 350، يعيشون على رعي الأغنام والمواشي وبيع منتجاتها.

ويروي أبو داهوك كيف امتدت مخططات الاحتلال من حصر التجمع البدوي في منقطة واحد إلى قرار الترحيل قائلاً: "سكنا هذه المنطقة في العام 1951، كانت المنازل ممتدة على كل المنطقة وكنا في الصيف نعزب ننتقل إلى مناطق رام الله المحيطة بحثاً عن العشب والمياه ونعود في الشتاء للخان".

واليوم بحسب أبو داهوك، فإن جرافات الاحتلال تعمل بالقرب من مضاربهم ولم يعد يفصلهم عن الشارع العام الذي تقوم هذه الجرافات بفتحه سوى جدار المضارب فقط، وهو ما يشكل تخوف كبير لديهم وخاصة أنه شارع معد للمستوطنين في المنطقة، والذين يصنفوا على أنهم من أكثرهم تشدداً في كره الفلسطينيين.

ولكن في بداية السبعينات تغير الحال، وبدأت الإجراءات الاحتلالية بحصر تواجدهم من خلال شق الطرق وبناء معسكرات التدريب للجيش الاحتلال. ومع بداية الثمانينيات كان بناء المستوطنات المحيطة " كفار أدوميم" وغيرها والتي حصرت التجمع أكثر، وبدأ بناء المستوطنات حول التجمع، والطرق المحيطة، ورسم حدود هذه المستوطنات، حتى تجمعت الأسر البدوية في منطقة الحالية، ومنعوا من الوصول إلى رؤوس الجبال المحيطة ومنابع المياه.

يقول أبو داهوك:" لم نعد نخرج "للتعزيب" خارج الخان، ونقضي الصيف والشتاء في نفس المكان، ونتحمل تكاليف إطعام المواشي خلال موسم الصيف ونقل المياه لهم، ففي حال خرجنا من هذا التجمع نحن نعرف تماما أننا لن نعود أبدا".

وكان محامو هيئة مقاومة الجدار والاستيطان استطاعوا استصدار أمر احترازي بمنع التهجير وهدم المنازل حتى 16 من تموز الحالي، ثم البت بهذه القضية في المحكمة بعد ذلك، وهو ما اعتبره البعض أنه يأتي في إطار محاولات الاحتلال امتصاص الغضب وحالة التضامن والتواجد الدائم للمتضامنين في الخان الأحمر، وتحسين صورتها في المجتمع الدولي في ظل التركيز الإعلامي على ما يجري من تضيق على الخان الأحمر وسكانه.

كلمات دلالية