رقصة الحرية لنساء موريتانيا -هآرتس

الساعة 01:03 م|09 يوليو 2018

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: في وضع موريتانيا الذي ما زالت توجد فيه عبودية وتمييز ضد النساء فان حفلات رقصة "البنجا" تشكل فرصة للنساء هناك من اجل تبادل الآراء والتعبير بحرية عن أنفسهن - المصدر).

طبل كبير مغطى بالجلد من الجانبين، غالون فارغ أو اثنان، اصوات مدهشة لنساء وحركات رقص مرنة وصاخبة هي اساس رقصة "البنجا"، المشهورة لدى نساء موريتانيا. التطبيل السريع والجارف للنساء اللواتي يرتدين فساتين كبيرة وملونة من القماش تغطي كل اجسامهن، كل ذلك هو الذي يملي وتيرة الرقص. الموسيقى والاغنية التي تذكر احيانا بأغاني الهيب هوب واحيانا بالراب، والكلمات معظمها بالعربية وجزء منها باللغة البربرية، تتحدث عن صعوبة الحياة اليومية وعن الوظائف الكثيرة للنساء وعن الكراهية أو الحب للزوج، واحيانا ايضا عن مكانة النساء في الدولة التي تمتد معظم مساحتها على الصحراء. في المقابلات الصحفية النادرة تحدث اعضاء فرق "البنجا" أن الرقص هو الوسيلة وربما الوحيدة التي تعطيهن الشعور بالحرية. أمسيات رقص كهذه تجري في بيوت النساء، فقط النساء فوق جيل الاربعين مسموح لهن المشاركة فيها. وعلى الرجال ممنوع المشاركة بتاتا، حتى كمشاهدين. "هذه أمسية رقص لنساء من اجل النساء"، قالت واحدة ممن اجريت معهن المقابلة، "أمسية حرة يمكن فيها أن تستمتع بدون مراقبة الرجال". هذه الظاهرة ليست جديدة، لكن الامر لا يتعلق بعرض عادي للفلوكلور، بل بتجديد نسوي يطور قدرات النساء، اللواتي يؤلفن الموسيقى والكلمات. في امسية كهذه ليس فقط يرقصون ويغنون، بل يمكن تبادل الآراء والافكار ايضا، وأن تأخذ وتعطي نصائح، وأن تعثر على صداقات جديدة.

          بالنسبة لعدد من النساء فان هذا يشكل دخل ايضا. فمقابل تنظيم أمسية كهذه أو تلحين موسيقى يحصلن المضيفات على المقابل، فرق "البنجا" تعرض ايضا في الاعراس والاحتفالات العائلية الاخرى، التي يحصلن فيها على 90 – 120 دولار للامسية، وهذا متعلق بعدد العازفات والمغنيات المشاركات. موريتانيا هي دولة فقيرة. حسب معطيات صندوق النقد الدولي، الدخل المتوسط للفرد فيها هو تقريبا 4.500 دولار سنويا. بمفاهيم القوة الشرائية (مقابل 37 ألف دولار في اسرائيل). حوالي 20 في المئة من أصل 4.3 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر. نصف العاملين يرتزقون من الزراعة. النظام استبدادي ويدار من قبل الرئيس محمد بن عبد العزيز الذي استولى على الحكم في 2009 وبعد ذلك انتخب في انتخابات عامة في 2014. هذا مجتمع قبلي تقليدي، الذي حسب تقديرات المؤسسات الدولية، حوالي 20 في المئة من مواطنيها هم عبيد.

 صحيفة "الغارديان" البريطانية نشرت في الشهر الماضي مقال مصور عن وضع العبيد في موريتانيا. ووصفت فيه ظروف الحياة الرهيبة لرجال ونساء مقيدين بالعبودية لدى اصحاب مزارع، ولا يسمح لهم بأن يبحثوا لانفسهم عن مصدر رزق بديل. صحيح أن الدولة وقعت على الميثاق الدولي لمنع التمييز ضد النساء، والقانون ينص على أنه يخصص للنساء 20 في المئة في قائمة المرشحين للانتخابات في المدن والبرلمان، ويلزم بتمكين الاطفال في جيل 6 – 14 سنة من الوصول الى التعليم. ولكن موريتانيا تواصل تطبيق قوانين الشريعة في كل ما يتعلق بمكانة المرأة وقوانين الزواج.

سن الزواج الرسمي هو 18 سنة، ولكن بموافقة الوالدين يمكن تزويج الطفلات، النساء لا يمكنهن اعطاء الجنسية لاولادهن، القانون يحظر ايضا الاجهاض، وختان النساء هو ظاهرة مقبولة. طفلات كثيرات يتسربن من المدارس في جيل 12 سنة من اجل العمل أو الاستعداد لحياة الزوجية، وحتى اذا أكملن تعليمهن الثانوي ووصلن الى الجامعة فان وظائف كثيرة في الخدمة العامة مغلقة امامهن. في هذا الوضع، فان حفلات رقصة "البنجا" تحولت الى صمام أمان يمكن النساء من البقاء في ظروف الحياة القاسية.

          اذا كان رقص النساء في موريتانيا يستخدم كمنصة احتجاج وتحرر، فان مكانة فرق نسوية مسلمة في مصر والجزائر تختلف من حيث الهدف. قبل 25 سنة اقتحمت المجال العام في مصر فرقة نسوية باسم "صبا"، التي ركزت على تقديم اغاني باللغة العربية ولكن بألحان غربية معروفة. الآن يوجد في الدولة على الاقل 100 فرقة نسائية. العضوات فيها يظهرن وهن يرتدين الحجاب واحيانا النقاب. خلافا للنساء في موريتانيا فان الراقصات والمغنيات في مصر يرافقن غناءهن بأدوات عزف حديثة مثل الغيتار الكهربائي، وملابسهن تكون بألوان فاتحة وبراقة ومتألقة، وغطاء الرأس يكون باللون الاحمر الفاتح أو ألوان جريئة اخرى، حركات الايدي تشبه حركات الراب، وبالنسبة للمضمون فقد بقي تقليدي وديني.

في احد اعلانات الدعاية لفرقة "فتيات الاسلام" كتب "سعادتك ستكون اكبر عندما تذعن لله". هذه الفرقة تعرض في الصالات والفنادق والبيوت الخاصة وفي حفلات الحناء. والاعلان يشمل صورة لفتاة ترتدي نقاب ابيض اللون حيث كفي يديها في وضع الصلاة. في صفحة الفيس بوك للفرقة تظهر العضوات وهن في صالات فاخرة حيث عدد منهن مزودات بهواتف ذكية جديدة. احدى المتصفحات سألت لماذا لا يوجد رجال في هذه الفرق. ولم تتم الاجابة على هذا السؤال. فرق نسوية كهذه كانت ظاهرة مقبولة في حفلات الزفاف في اوساط الطبقات المتدينة الثرية، التي تعتبر الرقص الشرقي إثم فظيع، لكن رقص نساء محجبات هو أمر حلال في نظرها. في حفلات كهذه لا يوجد بالطبع انتقاد للنظام أو احتجاج على مكانة النساء في مصر.

 

كلمات دلالية