هل يمكن لأمريكا فرض "صفقة القرن" كأمر واقع على الفلسطينيين؟

الساعة 06:39 م|01 يوليو 2018

فلسطين اليوم

تواصل الإدارة الأمريكية مساعيها الحثيثة لإطلاق ما تسمى بـ "صفقة القرن" المرفوضة فلسطينياً، وهو ما تجلى في الزيارات المكوكية للمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جاريد كوشنير والتقائه بالزعماء العرب ورئيس الوزراء الفلسطيني في ظل رفض فلسطيني بالالتقاء بالمسؤولين الأمريكيين منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وهو ما يثير التساؤل هل الولايات المتحدة تستطيع فرض الصفقة على الفلسطينيين كأمر واقع وتجاوزهم؟ وهل إن فعلت ذلك سيكتب لها النجاح؟

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي د. نشأت الأقطش في حديث لـ "فلسطين اليوم"، أن الإدارة الأمريكية تستطيع أن تفرض الصفقة بقوة السلاح، كشكل من أشكال الاحتلال، كما الاحتلال الإسرائيلي موجود بالقوة، كما يمكنهم فرضها عبر شخصيات تابعة للاحتلال بالقوة؛ ولكن السؤال هل تنجح في حال فرضوها؟ الجواب بكل تأكيد "لا"، لأن هدف الصفقة هي شرعنة الاحتلال الإسرائيلي، كون "إسرائيل" بدأت تتأذى في العالم من المقاطعة ومن أنها دولة احتلال وهي تريد شرعنة الاحتلال من خلال رفع كلمة "محتل" لتصبح دولة ضمن معاهدة مقبولة وهذا لا يتحقق إلا بتوقيع الفلسطينيين جميعاً.

وأوضح أن منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد، وحركة حماس كونها تسيطر على جزء من الوطن (قطاع غزة) المقترح أن تقوم عليه الدولة الفلسطينية، لذلك لن يتحقق لأنهم بحاجة لاعتراف فلسطيني. إضافة إلى أن الصفقة تريد تحقيق تخفيض سقف التوقعات عند الفلسطينيين، بدلاً من دولة في حدود 67 يقبلوا بدولة في سيناء، وهذا لا يمكن أن يتحقق أيضاً. ومن هنا فالصفقة ولدت ميتة.

وأشار إلى أن من طرح أفكار الصفقة هم صهاينة مع اليهود اجتمعوا مع بعضهم واجتهدوا وقرروا ووضعوا هذا الحل، وهذا لن يتحقق لأنه لا يوجد فلسطيني وطني يقبل بذلك من "فتح أو حماس"، لأنها صفقة تصفي القضية وتتنازل عن حق العودة والقدس وتشرعن الاحتلال، وهذا لا يوقع عليها إلا عميل، ولا أظن في الفلسطينيين من يقبل بذلك.

وحول الانقسام الفلسطيني وتأثيره على الموقف الفلسطيني في التصدي للصفقة، رأى الدكتور الأقطش، أن هذا الانقسام صنع صناعة من قبل إسرائيل وحلفائها، لكي يتم تقسيم الفلسطينيين إلى قسمين، والأخطر من ذلك أن كل قسم (فتح وحماس) يدعي أنه الممثل الشرعي، لافتاً أنه في حال تغيب الرئيس أو استقال أو توفاه الله فإن حركة فتح ستعلن رئيس بناء على شرعيات منظمة التحرير، وحركة حماس من جهتها ستعلن رئيس بناء على شرعيات المجلس التشريعي وبذلك نصبح برئيسين، ورئيسين وزراء وهذا ما تريده "إسرائيل"، وبذلك تستطيع إسرائيل ابتزاز الفلسطينيين.

وشدد على ضرورة أن يتم مواجهة الانقسام من قبل حركتي فتح وحماس بتحقيق الوحدة كخطوة على طريق مواجهة الصفقة، خاصة وأنه لا توجد خلافات أيديولوجية حقيقية بين فتح وحماس، وإن الخلافات هي على المواقع والحكم ومن هو شرعي وغير شرعي، وأن كلاهما يريد دولة في حدود 67.

وأعرب عن اعتقاده أن إنهاء الانقسام غاية يصعب تحقيقها أمام المصالح الشخصية لبعض الأفراد، في فتح وحماس على حدٍ سواء.

وبشأن الموقف العربي من صفقة القرن، أكد أن الموقف العربي بلا استثناء يتبع الموقف "الإسرائيلي"، ومواقفها تخدم "إسرائيل".

وحول ما سرب من وساطة قطرية بين حماس وإسرائيل حول مصير الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة، رغم نفي حركة حماس لذلك، قال الأقطش أن حركة حماس اليوم هي لاعب مهم، وتمسك أوراق مهمة جداً ليس فقط الجنود الأسرى، وإنما هي قوة حقيقية، وإسرائيل تريد تحييدها، لذلك لا استبعد وجود مفاوضات سرية غير مباشرة بين "إسرائيل" وحماس سواء حول الجنود، أو حول اتفاق ثنائي.

وأعرب عن تقديره الشخصي، أن تذهب حركة حماس لاتفاق مع إسرائيل حول هدنة، بسبب الضغط الشديد الممارس عليها من "السلطة ومصر والأنظمة العربية وإسرائيل".

ورأى أن حركة حماس باتت مقتنعة أن هذا الحصار الشديد الظالم على الشعب لا ينتهي إلا بخطوات ثنائية، وهذا كلام خطير، لأن بذلك يعني تفرد إسرائيل بالفلسطينيين واحد تلو الآخر.

في ذات السياق، ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، إنّ "موقفا مشتركا بين مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بعدم الاعتراض على الخطة المقدمة المعروفة باسم صفقة القرن، رغما عن رئيس السلطة".

وعبرت السلطة الفلسطينية في أكثر من مناسبة عن رفضها للخطة الأمريكية، وفي هذا السياق اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن الحديث عن جولة أميركية جديدة في دول المنطقة لبحث ما تسمى صفقة القرن سيكون "مضيعة للوقت"، مؤكدا أن "مصيرها سيكون الفشل" إذا استمرت بتجاوز الشرعية الفلسطينية.

كما أكدت فصائل المقاومة الفلسطينية في أكثر من مناسبة على رفضها للصفقة، وأنها ستفشلها بكل السبل، وما مسيرات العودة إلا جزءاً من الرفض الفلسطيني لهذه الصفقة التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.

ويجمع السياسيون الفلسطينيون على ضرورة تحقيق الوحدة الفلسطينية، والاتفاق على استراتيجية موحدة في مواجهة الصفقة.

كلمات دلالية