لماذا التقى عباس مع فياض بعد قطيعة طويلة؟!

الساعة 06:23 م|01 يوليو 2018

فلسطين اليوم

أثار لقاءٌ مفاجئ عقده الرئيس محمود عباس مع رئيس وزرائه السابق الدكتور سلام فياض أول من أمس، بعد قطيعة استمرت سنوات، الكثير من التكهنات حول إمكان عودته إلى المشهد مجدداً.

وكانت مصادر مطلعة لصحيفة «الحياة اللندانية» كشفت أن اللقاء الذي استمر أكثر من ساعة، تناول الضغوط والأزمات التي تواجهها السلطة وسبل مواجهتها.

وقالت مصادر في السلطة أن الرئيس عباس يُقدر خبرة الدكتور فياض في التعامل مع الأزمات، وأن اللقاء كان استشارياً. وأوضح أحد المسؤولين: «من المبكر القول أن فياض سيعود إلى قيادة الحكومة»، مضيفاً: «لكن، من الواضح أن القطيعة بين الرجلين انتهت، وأن هناك فرصة للعمل المشترك في حال توافر أرضية مشتركة».

وتابعت: «الافتراق بين الرجلين وقع عندما حدث اختلاف في الرؤية، فالدكتور فياض كان يقود الحكومة في اتجاه مختلف عن رؤية الرئيس، وهذا ما أدى في النهاية إلى حدوث خلاف قاده إلى الاستقالة». واعتبر «أن الظروف تغيّرت اليوم، وهناك فرصة تلوح في الأفق، لكنها مرهونة بتفاهم كامل حول المستقبل، وهذا التفاهم لم يكتمل حتى الآن».

عن دلالة لقاء عباس - فياض، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، أن اللقاء يأتي في ظل ظروفٍ عصيبة تعصف بالسلطة والقضية الفلسطينية تتمثل في مرض الرئيس محمود عباس، وعدم قدرته على القيام بمهامه الرئاسية منذ أن دخل المستشفى الاستشاري في رام الله الشهر الماضي، إضافة إلى التحديات التي تتعرض لها القضية والتي تتمثل في محاولة الإدارة الامريكية برئاسة دونالد ترمب فرض "صفقة القرن" التي تسعى لتصفية القضية.

ويرى أبو سعدة أن لقاء عباس - فياض جاء من باب تعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية لمواجهة صفقة القرن، وللنهوض بالقضية في ظل الأوقات العصيبة التي تعيشها السلطة، وتأزم المشهد الفلسطيني الداخلي مع فشل محاولات التوصل إلى مصالحة حقيقة تنهي الانقسام المستمر منذ 12 عاماً.

وعن إمكانية التأثير في المشهد الفلسطيني، يعتقد أبو سعدة ان في جعبة الدكتور فياض الكثير من الأفكار التي من الممكن ان تؤثر في المشهد الفلسطيني، مستشهداً بخبراته الطويلة في مجال الحكم والسلطة، إذ تولى وزارة مالية في عهد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، إضافة إلى منصب وزير المالية، إضافة لتوليه وزارة الزراعة، والسياحة، والاقتصاد الوطني، والطاقة، والتخطيط، وتوليه منصب رئيس الحكومة في رام الله في العام 2007، بعد أحداث الانقسام التي وقعت في تاريخ 14/حزيران/2007.

وأشار إلى أنَّ فياض شخصية ذات نفوذ وتحظى باحترامٍ شديد من قبل الإدارة الامريكية والاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أنَّ لدى فياض توجهات وأفكار تختلف عن رؤى عباس من بعض الملفات، إذ يرى فياض أهمية دمج حركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني، واستيعاب موظفي غزة في الهياكل الإدارية والمالية للسلطة الفلسطينية.

وذكر أبو سعدة أنَّ سلام فياض قد يكون المنقذ للوضع الفلسطيني في ظل الضغوط التي تتعرض لها السلطة من قبل الإدارة الامريكية.

وكان فياض أعلن في وقت سابق رؤية سياسية خاصة تقوم على توحيد القوى والفصائل الفلسطينية المختلفة في إطار منظمة التحرير، واستيعاب التغيّرات التي حصلت في قطاع غزة أثناء حكم حركة «حماس». واعتبر في ورقة منشورة أن على السلطة استيعاب موظفي «حماس» وأجهزتها الأمنية، وأن على منظمة التحرير ضم الفصائل المختلفة في إطارها القيادي الموقت، بما يضمن تحقيق شراكة سياسية فاعلة.
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو أن سلام فياض لا يختلف كثيراً عن سابقيه من ناحية المنهج والارتباط بالخارج، الا أنَّ مهنيته ووجود نوع من التوافق الوطني الداخلي عليه قد يساعد في اخراج الحالة الفلسطينية من الضبابية والغموض بسبب غياب الرئيس وبسبب استمرار الانقسام والعقوبات على غزة.

وأشار إلى أنه على الرغم من التوافق الداخلي على شخص فياض إلا أن تلك العودة لن يكتب لها النجاح دون حسم موضوع العقوبات وانهاءها من جذورها، مشدداً على انَّ "الشراكة هي مفتاح الخروج من النفق المظلم الذي تعيشه الحالة الفلسطينية".

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي حسن عصفور أنه لا يمكن اعتبار لقاء فياض – عباس  بأنه خبراً عادياً يرتبط بـ"لقاء اجتماعي" خاصة وأن المرة الأخيرة التي التقيا فيها جاءت في شهر فبراير (شباط) عام 2017، بعد الفيتو الأمريكي على تعيين د. فياض مبعوثا للأمم المتحدة في ليبيا.

ويشير الكاتب عصفور -في مقال صحفي له بعنوان في ظل "الخيبة الكبرى"..هل يكون فياض هو الحل!- إلى أنَّ سلام فياض "رغم كل ما قيل عنه أو ما يشاع حول طريقة الإدارة السابقة، لكن الواقع أشار الى انه الأكثر تقديرا للواقع، ويمتلك تصوراً سياسياً واقتصادياً، للمرحلة القادمة -سبق أن أعلنها- لكن الأنانية السياسية وعدم المسؤولية الفصائلية لم تقف لدراسة تلك "الرؤية"، ما أدى الى موقفٍ سلبيٍ من فياض بقبوله عرضا للعمل في أحد جامعات أمريكاً".

وفي نهايته مقاله يطرح عصفور تساؤلاً "هل يصبح "فياض هو الحل" للخروج من ضبابية المرحلة القادمة، أم أن "الظلامية الفصائيلية" تواصل فرض منطقها حتى ينتقل المشهد من "إنقسام الى إنفصال" لتبدأ رحلة البحث عما لها في "بقايا البقايا من الوطن"!".