خبر المفكر الكبير فهمي هويدي لـ « الشرق »: « لوبي » من رجال الأعمال وراء مواقف القاهرة السياسية الأخيرة

الساعة 10:02 ص|04 يناير 2009

المفكر الكبير فهمي هويدي لـ "الشرق": "لوبي" من رجال الأعمال وراء مواقف القاهرة السياسية الأخيرة

2009 عام سيئ عربياً سياسياً واقتصادياً

إسرائيل دخلت في العمق المصري بالدرجة التي تهدد سياستها الخارجية إزاء الفلسطينيين وقضايا المنطقة

لا أحد يسعى لعزل مصر لكنها تختار مواقع تنتقص من دورها كدولة كبرى

المادة 60 من قانون المعاهدات الدولية تحرر السلطة ومصر من الالتزام باتفاقية المعابر

الأمن القومي غائب في غزة ودارفور والبحر الأحمر وتهديدات القراصنة تركناها لاتحاد المتوسط!

انكفاء شديد على الشأن الداخلي في الصحف المصرية ليس له علاقة بالتوزيع

التهدئة خلفت 30 شهيدا فقط لكنها أبقت مليوناً ونصف المليون في دائرة الموت بسبب الحصار

 

أجرى الحوار: طه حسين ـ الشرق القطرية 4/1/2009

كشف الكاتب الصحفي فهمي هويدي عن وجود" لوبي" لعدد من رجال الاعمال في مصر يصطفون خلف المواقف السياسية الاخيرة للحكومة المصرية مما يجري في غزة.

وأكد هويدي في حوار مع " الشرق" ان اسرائيل دخلت في العمق المصري بالدرجة التي تحدد سياستها الخارجية ازاء الفلسطينيين وقضايا المنطقة عبر هذا اللوبي الذي بات يشكل ضغطا داخليا يضاف للضغوط الخارجية الممارسة من قبل امريكا واسرائيل وان جماعات الضغط الداخلية التي تتكون من عدد من رجال الاعمال هي عمليا ليست ضد التعاون العربي مع فلسطين (حركة حماس) ولكنها ترى ان مصلحتها مع اسرائيل التي دخلت في بعض المواقع المهمة في مصر وخصوصا رجال الاعمال عن طريق اغراءات بالاستثمار والثراء.

واشار الى ضبابية في الرؤية تعاني منها السياسة الخارجية في مصر غابت معها الاولويات في الامن القومي وتمثلت شواهد كثيرة تؤكد ذلك سواء في البحر الاحمر(القراصنة) او في دارفور او في غزة.

وحذر هويدي من ان عام 2009 سيكون الاسوأ عربيا، معربا عن اعتقاده بأن القمة العربية لن تنعقد في هذه الظروف، نافيا في الوقت نفسه وجود محاور تهدف الى عزل مصر التي قال انها مهتمة بالانكفاء على الداخل وهو ما يجعلها تغيب عن اشياء متعلقة بقضية الامن القومي بينما الواقع هو ان كل المحيط العربي ينتظر دورها الذي ضعف بفعل ضغوط داخلية وخارجية.

ورأى هويدي في اتكاءة ليفني على الوزير احمد ابو الغيط اساءة اعلامية كبيرة لمصر واستغلتها اسرائيل لاحراج القاهرة واظهارها كمؤيد للعمليات العسكرية ضد الفلسطينيين في غزة منوها الى غضب انقرة التي زارها اولمرت قبل اسبوع من الغارات لأنه لم يبلغ رئيس الوزراء التركي بنيته بشن هجمات ضد حماس بينما لم يبد الوزير ابو الغيط أي رد فعل تجاه ليفني.

وقال ان المطلوب من مصر حاليا استقلالية القرار السياسي ومراعاة ان يكون البعد الاستراتيجي في الامن القومي المصري حاضرا في القرار السياسي..

وفيما يلي نص القرار:

عندما نقرأ مقالاتك نلمح فيها بوضوح الامن القومي المصري ببعده العربي والاسلامي والاقليمي فلماذا اختفت هذه الابعاد في السياسة الخارجية لجمهورية مصرالعربية؟

• انا اكافح على جبهتين في مصر اولا جبهة الخروج من المحلية الى العربية لأنك لو دققت في الجرائد المصرية ستجد انكفاءا شديدا على الشأن الداخلي وهذا ليس له علاقة بالتوزيع وانا كنت في جريدة الاهرام وقت ان كان توزيعها ثلاثة اضعاف ما هو قائم في الوقت الراهن وكان لديه اهتمام بكل ما هو عربي ودولي، فالبعد العربي والاسلامي مغيب بقدر ما في الصحافة المصرية ويمكن ان نلمس اهتماما بأوروبا وامريكا اكثر من اهتمامها بالشأن العربي، والشيء الآخر هو ان قضية الامن القومي يفترض ان تكون موضوعا استراتيجيا وكنت أتحدث مع بعض الشخصيات السودانية حول دارفور باعتبارها جزءا من الامن القومي المصري والبحر الاحمر هو جزء من الامن القومي المصري بينما نحن في موضوع القراصنة وتهديدات السفن العابرة تركناها للاتحاد المتوسطي مع ساركوزي وهو لا يمثل لنا اضافة حقيقية في الامن القومي والبعد الدعائي موجود في الاتحاد المتوسطي لكن موضوع الامن الحقيقي موجود في البحر الاحمر، وواضح ان السياسة المصرية مهتمة بالانكفاء على الداخل وهذا يجعلها تغيب عن اشياء متعلقة بقضية الامن القومي الذي يمكن تعريفه بأنه كل ما يتعلق بعافية المجتمع وليس فقط بقوته بمعنى عندما اكون اعتمد في استهلاكي من القمح على بلد ما فهذا شيء يهدد الامن القومي وعندما تزيد عندي نسبة البطالة فهذا شيء يهدد الامن القومي وعندما تنهار عندي المنظومة التعليمية فهذا يهدد الامن القومي لأن هذا معناه انني اتسبب في ضعف الاجيال القادمة فأنا افهم الامن القومي على انه الضمانة لكيفية ان تكون قويا في بنيتك الداخلية وفي الجبهات التي تحيط بك فهو امر يتجاوز الامن العسكري والامن بمفهومه التقليدي، فعند الحد الادنى نجد ان هناك خللا في الاولويات بحيث ان هناك قضايا يفترض ان تحتل رأس القائمة نجدها متراجعة لأن مصر منكفئة ومشغولة بترتيب الاوضاع الداخلية أكثر من اهتمامها بتأمين المجتمع او بالمحيط العربي، فهل يعقل ان مصر عندما تريد ان تتعامل مع موضوع غزة ترسل وزير الخارجية احمد ابو الغيط الى تركيا وتعجز عن الحديث المباشر مع دمشق؟ هذا يجعلنا نسأل وزير الخارجية لماذا أغلقت خطوطك مع دمشق؟ هذا جزء من الامن القومي والنماذج عديدة وباختصار اقول ان الاولويات محتاجة الى اعادة نظر وان تضع حدا لتركيزها على الوضع الداخلي اكثر من اي شيء آخر.

أين يذهبون

اذا نظرنا الى غزة كجزء من الامن القومي المصري البعض ينظر الى اهتمام سوريا او ايران بغزة وبالقضية الفلسطينية على انه تهديد للامن القومي المصري وان تعامل ايران مع حماس اختراق للامن القومي المصري وفهموا الامن القومي بهذه الصورة التي ربما وضعت البعض في دائرة التخوين والعمالة فهل الامر كذلك؟

• هذه امور مبالغ فيها تماما فأنا أعرف ان قادة حماس موجودون في دمشق اضطرارا فابحثوا لهم عن مأوى واذا رفعت سوريا يدها عن هؤلاء فأين يذهبون، هل يتوجهون الى امريكا اللاتينية؟ لايوجد امامهم بديل اخر، أما ايران فلن تفعل شيئا اكثر من تقديم المساعدات المالية، ولا سلاح ولا شيء آخر، الوضع بخلاف حزب الله لأن غزة مغلقة ولن تستطيع اي دولة ان تقدم غير المساعدات المالية والغذائية والدوائية هم يقولون اذن من يساعدنا اذا كنتم تعترضون على مساعدة ايران لنا؟ ثم ما العيب في ان تساعدهم ايران في حين ان السلطة تتلقى مساعدات مالية وعسكرية من الولايات المتحدة الامريكية فكل طرف يتلقى مساعدات وفي العالم الثالث لا تستطيع التغييرالا بمعونة احد والسؤال هل هذه المساعدات تؤثر على قراراتك السياسية أم لا، ومعلوماتي ان هناك نقاط اتفاق ونقاط خلاف بين حماس وايران ففي احدى المرات وتحديدا في اتفاقية التهدئة الاولى لم توافق عليها ايران لكن حماس أقدمت على التهدئة لحساباتها الخاصة، بينما الحسابات الايرانية لم تكن مرحبة بهذه الخطوة وابلغتها حماس صراحة ان هذا شأن خاص بنا وحساباتنا نحن نقررها، فحكاية سوريا وايران كلام سطحي بسيط يمكن ان نقول على غراره ان امريكا والاتحاد الاوروبي واسرائيل موجودون في رام الله اذا كان الامر بهذه البساطة.

كيف تتعاطى الصحف المصرية مع الاعتداءات الاسرائيلية هل هناك بعد قومي واضح أم انها تصطف خلف المواقف الرسمية؟

• اولا انت تعرف ان الصحف المصرية ليست شيئا واحدا، والصحف ليست كل الاعلام لكن الصحف القومية تتبع الخط السياسي للحكومة فاذا كانت الحكومة مشتبكة فهي تشتبك والحكومة مثلا عندما انتقدها السيد حسن نصر الله انفتحت الابواق في الصحف القومية بشكل مبالغ فيه واكثر من اللازم رغم انه تكلم كلاما سياسيا عاديا فالصحف القومية ملحقة بالسياسة تأييدا أو معارضة والصحف المستقلة تتعامل باحتشام اكثر وليس لها علاقة بالخط السياسي بالدرجة الاولى.

مليون ونصف

اذا تحدثنا عن فترة التهدئة وان انتهاءها كان سببا في ويلات الحرب على الفلسطينيين هناك من يرى ان خروقات اسرائيل لها لم تخلّف اكثر من 30 قتيلا في 6 شهور بينما في 6 ايام سقط 400 قتيل فهل هي سباحة ضد التيار اذن؟

• لا، دعنا نقول هل لابد ان يكون الواحد قتيلا حتى يكون محسوبا فهناك غير الـ30 قتيلا مليون ونصف المليون معذب في سجن كبير والاسرائيلي عنده وسيلتان الاولى انه يأخذ ولا يعطي والثانية انه عندما يبرم اتفاقا يأخذ منه البند الذي يهمه والباقي يضرب به عرض الحائط معتمدا على قوته فاتفاق التهدئة كان يتضمن وقف اطلاق الصواريخ مقابل فتح المعابر في توقيتات معينة فهم أخذوا التهدئة لمصلحتهم واغلقوا المعابر فأنا لا استطيع ان اقول ان حماس رفضت التهدئة لأن الاسرائيليين هم الذين خرقوها وأخلوا بشروطها، ولا اظن انه حتى الحالة الرقمية الخاصة بالوفيات دقيقة فهؤلاء الثلاثون الذين قتلوا فما بالك بالثلاثمائة الذين ماتوا نتيجة نقص العلاج والدواء والذين قضوا عند المعابر المغلقة.

اذن لم يعد لدى الفلسطينيين ما يخسرونه؟

• اسرائيل ماذا تريد، تريد وقف اطلاق الصواريخ بينما تطلق يدها في الضفة وغزة فهل هذا مقبول؟ وهل هذا كلام يقول به عاقل واي سلطة هذه التي تقول بذلك وبأي معيار تحترم به السلطة في غزة اذا قبلت شيئا من هذا القبيل، هم يقولون نحن مستعدون للقبول بالتهدئة بشرط ان تلتزم بها اسرائيل لكن اسرائيل تطلب منهم الالتزام بينما هي في حل منه والحاصل هو ان تغلق المعابر بما ترك اثره الواضح على الصحة والتعليم والغذاء وماكينة الحياة كلها من مواد خام وطحين ونفط ووو..

تثار أيضا في قضية التزامات مصر التزامها باتفاقية 2005 لتنظيم المعابر وكما قال الوزير ابو الغيط لابد لفتحها من وجود السلطة الفلسطينية والاتحاد الاوروبي ومراقب اسرائيلي خلف شاشة الكاميرا ألا يعد غياب هؤلاء مبررا لاستمرار غلق معبر رفح؟

• هذه الاتفاقات لا تتحرك فى فراغ قانوني، فهي تظل محكومة بمرجعية القانون الدولى العام، والقانون الدولى الانسانى. و الكلام ليس لي، و لكنه رأي فقهاء القانون، حيث يتحدث القانون بوضوح عن ان حق الاتصال بين الدول هو من الحقوق المعترف بها، والمقررة قانونا، الأمر الذي لا يجيز لأي دولة ان تفرض حصارا يعزل اى دولة عن العالم المحيط بها، ويمنع وصول مقومات الحياة اليها. وفى حال التعارض بين اي اتفاقات موقعة، وبين القانون الدولي الإنسانى فالأولوية للقانون الدولي الانساني، لأنه لا ينبغي ان يسمح بالتضحية بحياة البشر لاى سبب كان. واتفاقية المعابر تحمل اسرائيل بالتزامات هي أخلّت بها، منها النص على ان تعمل المعابر بشكل متواصل، وان تسمح بتصدير جميع المنتجات الزراعية بقطاع غزة، وان تضمن انسياب حركة مرور الاشخاص والبضائع والمنتجات عبر المعابر التى تصل الأراضي الفلسطينية بمصر واعني معبر رفح وباسرائيل وبالأردن. وتشغيل ميناء غزة مع تعهد اسرائيل بعدم التدخل فى عمله. لكن اسرائيل لم تفِ بشئ من تلك الالتزامات، جريا على عادتها، فى أن تأخذ ولا تعطي فلماذا نظل نحن متمسكون بما لا تتمسك به اسرائيل؟ لذلك، فان من حق السلطة الفلسطينية وحكومتها اما أن تنهي هذه الاتفاقات من جانب واحد، او توقف العمل بها، استنادا الى المادة 60 من اتفاقية فيينا بشأن قانون المعاهدات وهذا رأي القانون الدولي وليس رأيي.

9 يناير

لكن هناك من يرى خطأ في التخطيط الاستراتيجي لحماس هذه المرة، فبينما كانت هناك استحقاقات جديدة في 9 يناير تتعلق بانتهاء ولاية الرئيس محمود عباس وبالتالي عدم شرعية استمراره بينما تبقى هي كجهة شرعية منتخبة تتولى السلطة بموجب انتخابات ديمقراطية وساعتها كانت تنقض التهدئة؟

• اولا 9 يناير ليست معركة كبيرة وهي ليست معركة ضد الاحتلال وهم حسب ما فهمت كانت لديهم النية في التفاهم بشأن التمديد للرئيس محمود عباس ولم يعتبر احد هذا حدا فاصلا وان كان البعض ومنهم فاروق قدومي امين سر حركة فتح رئيس الدائرة السياسية بمنظمة التحرير الفلسطينية قال انه غير معترف بشرعية الرئيس محمود عباس بعد 9 يناير.

ألم يكن ممكنا اذن ان يحمل 9 يناير فرصة للمصالحة الوطنية بموجب تفاهم مشترك بين حماس وسلطة ابو مازن المنتهية قانونا؟

• غير صحيح، ولا توجد اي فرصة تلوح في الافق الفلسطيني للمصالحة الوطنية قبل انتهاء التهدئة وحدوث الاعتداءات الاسرائيلية. والورقة التي قدمت لحماس كانت تقول لحماس: اركعوا امام ابو مازن. فاين المصالحة ونحن عندما نتصالح ألا نتقابل في نقطة وسط بما يحقق المصالح العليا؟ واذا كان هناك من يقول ان الموجودين في رام الله هم حكومة السلطة الشرعية فالموجودون في غزة ايضا لديهم سلطة شرعية اكتسبوها بانتخابات شرعية ونزيهة، لذلك اصبحت لدينا شرعيتان في فلسطين، شرعية رام الله وشرعية غزة واذا اردنا التفاهم علينا ان نعد ورقة جديدة فالورقة التي قدمت في القاهرة من قبل السلطة لتحقيق المصالحة الوطنية لا تحقق مصالحة وانما تستهدف تركيع حماس لكل طلبات ابو مازن وهذا لا يشكل مصالحة وانما اسمه اخضاع ، والغريب ان الناس كانوا موافقين حرصا على المصلحة الفلسطينية ولكن قدموا ملاحظات فرفضت الملاحظات وقيل لهم وقعوا على هذه الورقة.

فشل القاهرة في احتواء خلاف الطرفين هل يعد تراجعا في دور مصر في فلسطين؟

• دور مصر تراجع ليس فقط في فلسطين بل في كل الجبهات وعندما تعجز مصر عن الحديث المباشر مع سوريا وتضطر للذهاب الى تركيا فما معنى هذا؟ يعني انه غير قادر وبالممارسة للاسف الشديد فان مصر وقفت منحازة والدول الكبرى يجب ان تكون شقيقة كبرى للجميع وكان يجب ان تحفظ حقا لحماس والورقة التي قدمت للمصالحة لا تعطي لحماس اي شيء فأنت وقفت في صف الطرف الاخر ففقدت شرط الحياد الذي يؤهلك للوساطة.

خسائر

من دارفور الى غزة مرورا بالقرصنة في البحر الاحمر هل يمكن القول ان السياسة الخارجية لمصر في عهد الوزير احمد ابو الغيط تحقق خسائر متتالية لمصر دون مكاسب؟

• السياسة الخارجية لمصر تقع اغلب ملفاتها في الرئاسة.

لكن هذا كان موجودا منذ عهد الوزير عمرو موسى؟

• عمرو موسى يختلف انه كان يعرف كيف يعبر عن نفسه افضل من الوزير ابو الغيط الذي يعبر عن نفسه بطريقة أضعف كثيرا وتخلق مشاكل اكثر من اللازم ، لكن لا أظن ان ابو الغيط يقدم على شيء خارج التعليمات.

كانت هناك مناداة بعقد القمة العربية ومعها كانت هناك بوادر بتحديد ملامح فاصلة بين خطي المقاومة والاعتدال في العالم العربي هل ترى ان هذه البوادر ستتضح اكثر في الفترة القادمة؟

•أظن ان عام 2009 سيكون عاما سيئا عربيا سواء على الصعيد الاقتصادي للاسباب التي تعرفها والمتعلقة بالازمة العالمية او على الصعيد السياسي سوف نشهد تصعيدا سياسيا لأن مصر تقوم بالتصعيد والانقسام يتعمق وما حدث في اجتماع وزراء الخارجية العرب الاخير كان هناك التفاف وهروب من مسألة القمة العربية ولن تكون هناك قمة عربية.

هل تلمح محاولات عربية في جبهة المقاومة لتحقيق مكاسب سياسية أو مزايدات على حساب مصر؟

• مصر تستطيع ان تفرض نفسها لكنها لا تريد ولا احد يريد ان يعزلها بالعكس الكل ينتظر دورها وأظن انه لا يوجد طرف عربي الا ويهمه ان تكون مصر موجودة، هي التي تختار مواقع وتحيزات تجرّح دورها وتنتقص من دورها كدولة كبرى.

اذا قلنا ان ذلك يعود الى ضغوط امريكية وتوازنات تحرص مصر عليها كثقل في المنطقة هل ترى انه بالفعل هناك ضغوط على مصر؟

•هناك ضغوط متعددة امريكية واسرائيلية وضغوط داخلية وهناك ايضا أجنحة مستفيدة في مصر "لوبيز" قوى ضغط في الداخل لها مصالح وهناك رجال اعمال كثيرون لهم مصالح مع اسرائيل.

بمعنى ان اسرائيل دخلت في العمق المصري بالدرجة التي تحدد سياستها الخارجية ازاء الفلسطينيين وقضايا المنطقة؟

اسرائيل دخلت في بعض المواقع المهمة في مصر وخصوصا رجال الاعمال، لان هناك اغراءات بالاستثمار والثراء والمال أليس كذلك • بمعنى ان هناك " لوبي" من بعض رجال الاعمال المصريين يحول دون قيام مصر بواجبها تجاه غزة؟

• ليس يحول ولكنه يشارك وله مصلحة في التعامل مع اسرائيل وهو عمليا ليس ضد التعاون العربي مع فلسطين لكنه يرى ان مصلحته مع اسرائيل وهو لا يريد ان يكون ضد الموقف العربي.

وما شواهد ذلك؟

•هناك مشاركات، هناك رئيس الغرفة التجارية له مصالح، ورئيس اتحاد الصناعات له مصالح مباشرة كبيرة مع اسرائيل ، عدد غير قليل من التجار لهم مصالح ، ساويرس له مشاركات في اسرائيل وهو رجل مهم في سوق العمل في مصر.

نصر الله وايران

تصريحات حسن نصر الله الاخيرة تجعلنا نتساءل عن اسباب تحول العلاقة بين حزب الله ومصر من تنسيق وتوافق الى فتور وقطيعة؟

• كانت علاقة احترام، ثم حدث تباعد شديد وتحول الى اشتباك ويمكن لو ان حسن نصر الله هدأ قليلا من تصريحاته لما وصلت الامور الى ما وصلت اليه ولكنه يرى ان دعمه للموقف الفلسطيني يقتضي الضغط على مصر ونقض موقفها من موضوع معبر رفح.

وهل يرتبط بذلك التوتر في العلاقة مع ايران؟

• العلاقة مع ايران ومصر متوترة منذ قيام الثورة الاسلامية في ايران بدرجات متفاوتة وهي الان في احدى مراحلها السيئة والتعيسة ومصر عجزت عن ان تكسب ايران وهذا جزء من التفكير الاستراتيجي فمنطقة الشرق الاوسط لها اعمدة رئيسية ايران مصر تركيا ولابد من وجود توافق بين هذه الدول لحماية قضايا الشرق الاوسط وضمان ان تكون محمولة على ايدي نطمئن اليها وهذا لم يحدث ونظرا لتغييب البعد الاستراتيجي فالاشتباك مع ايران مستمر من غير مبرر.

وهل هذا جزء من ضبابية الرؤية؟

• صحيح، ويعكس الخلل في الاولويات.

 اتكاءة ليفني على الوزير احمد ابو الغيط هل كانت مقصودة؟

• اعلاميا هي اساءت كثيرا واستغلتها اسرائيل واحرجت مصر كثيرا ويمكن تذكر ان رئيس الوزراء التركي قال ان اولمرت كان موجودا في انقرة ولم يلمح الى القيام بالعدوان وهو موجود هناك في حين ان ليفني اقدمت على ما هو اسوأ حيث كانت موجودة في القاهرة قبل 48 ساعة من العدوان ولم تعتبر مصر ذلك اهانة ولم يتحدث احد لا ابو الغيط ولا غيره.

برأيك، ما المطلوب من القاهرة حاليا؟

• استقلالية القرار السياسي ومراعاة ان يكون البعد الاستراتيجي في الامن القومي المصري حاضرا في القرار السياسي.