خبر المنظمة التي ستدير فلسطين /هآرتس

الساعة 09:14 ص|04 يناير 2009

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: بينما تعتبر حماس الحرب رافعة سياسية داخلية وخارجية وتفكر بالمنطق السياسي الواسع لا تزال اسرائيل عالقة في مستوى تفكير قائد الحظيرة - المصدر).

كيف يعرف النصر؟ لقائد الحظيرة سيكون جواب واحد، اما لرئيس الاركان فجواب آخر فيما ان السياسي لا بد سيبدأ بالفلسفة. "منوط بتعريف الاهداف"، سيكون الرد السهل لدى ثلاثتهم. نحدد اهدافا غامضة بما فيه الكفاية، مثل "تغيير الوضع الامني"، وعندها كل واحد يمكن أن يدعي انه انتصر. اذا توقفت صواريخ القسام – انتصرنا؛ اذا أملينا شروطا على فتح معبر رفح – انتصرنا؛ اذا استعدنا قوة الردع – فالاحرى انتصرنا. وبشكل عام، الحرب هي معركة مريحة بما فيه الكفاية لمثل هذه التعريفات. ولكن عندما تنتهي الحرب، في غزة لن تعود تسيطر "منظمة ارهابية" تدير القطاع، بل حكومة ذات مكانة، تملي الشروط على كل خطوة سياسية تتطلع اسرائيل الى تحقيقها في المنطقة. إذ ما لم تنجح حماس في تحقيقه من خلال النصر السياسي الجارف الذي حققته في الانتخابات، كفيلة بان تحققه من خلال الحرب. لحماس، كما يتبين يوجد تعريف آخر للنصر.

حماس، مثل حزب الله، تعرف بان بضع مئات من الصواريخ لا تحطم دولة اسرائيل، ولكنها رافعة حيوية لبناء حضور وقوة ردع في الساحة الداخلية. وليس المقصود فقط حقيقة أن حماس، رغم الانتقاد الحاد ضدها، تعتبر القوة الفلسطينية الوحيدة التي تدير صراعا تحريريا حيال الاحتلال، بل العصف السياسي الذي احدثته منذ الان في الشرق الاوسط. الخلاف العميق، كما يمكن القول النزاع السياسي بين سوريا ومصر والسعودية، هو انتاج حماسي بالضبط مثلما نجح حزب الله في دق اسفين بين السعودية وسوريا. ايران اصبحت عاملا ذا أهمية في الحرب السياسية حول غزة بالضبط مثلما هي عامل ذو أهمية في لبنان.

المقاطعة الدولية على حماس، ثمرة جهود اسرائيل آخذة في التشقق بالضبط مثلما نجح حزب الله في تبديد المقاطعة على سوريا بفضل انجازاته في لبنان.  فها هي فرنسا بدأت تبادر لخطط لوقف النار، وغدا ستوافق ايضا على الحديث مع حماس. رئيس وزراء تركيا التقى علنا خالد مشعل ورمضان عبدالله شلح، زعيم الجهاد الاسلامي ومن اسرائيل لم ينطلق الاحتجاج التقليدي. محمود عباس، بصوت أجش، اطلق الاسبوع الماضي خطابا تصالحيا لم يتهم فيه اسرائيل بالحرب فقط بل دعا حماس الى المصالحة والانضمام الى صفوف م.ت.ف . عباس حتى المح بانه سيوقف المحادثات السياسية مع اسرائيل اذا لم تؤدي الى أي مكان. هذا الزعيم الفلسطين بدا هذا الاسبوع كشخصية هي الاقل حضورا وصلة بالحرب: بدلا أن يكون الممثل الفلسطيني الاكبر الذي يدير المفاوضات ذات الاهمية مع اسرائيل على وقفها ، اصبح بنفسه رئيسا لفصيل فلسطيني، "رئيس منفي"، لا يمكنه الا ان يطلق خطابات الرحمة.

حماس، مثل حزب الله ليست منظمة محبوبة في اوساط الانظمة العربية، وليس فقط لان كليهما يمثلان الاسلام الراديكالي او الشيعي. فهما يضعضعان لعبة القوى التقليدية، والتي تقرر فيها الدول العربية المتصدرة، مثل مصر والسعودية وحتى سوريا، القواعد بالنسبة لباقي دول المنطقة. وفضلا عن ذلك، فهما يحطمان دور منظمات عربية مثل الجامعة العربية ويجعلانها هزءا. فهما يبنيان نظاما شرق اوسطيا جديدا تكون فيه المنظمة هي الدولة.

الدول العربية، بمعانيات كبيرة ومع آلام بطن اساسها اضطرابات معدة شديدة، تسير لتستوعب هذا الواقع. فهي باتت تتطلع الى حكم مستقر في المناطق، سواء كان اسمه حماس أو الساحر من بلاد العجائب، على أن تكف المشكلة الفلسطينية عن اقلاقهم واثارة المظاهرات في شوارعهم. اسرائيل لا تزال لم تستوعب هذا التغيير. وهذه الحرب لا بد ستوضح لها بانه لا يمكن ادارة مفاوضات مع ابو مازن وقتل مئات الفلسطينيين في غزة، وان الضفة وغزة هما اقليمان لشعب واحد مع قيادتين متنازعتين. هذا تريد حماس اقراره في هذه الحرب وهي ستواصل ذلك حتى لو حققت توقفا للقتال وحتى لو فتحت معابر الحدود وبنيت انفاق التهريب من جديد. تعريفها لمفهوم النصر لا يتعلق بعدد القتلى وبتغيير الوضع الامني. المرحلة التالية ستكون تحويل الحرب الى رافعة سياسية داخلية وخارجية، إذ أن ردعها قد حققته لتوها. في كل لحظة يمكن لقسام واحد أن يهز النظام. حماس تفكر سياسيا، اسرائيل لا تزال عالقة في مستوى تفكير قائد حظيرة.