املاءات تصفوية وليست صفقة.. عامر خليل

الساعة 02:36 م|28 يونيو 2018

فلسطين اليوم

تُغرق الصحافة الاسرائيلية وسائل الاعلام بكم كبير من الاخبار والمعلومات المتعلقة بالمشهد الفلسطيني والعربي والدولي، ومع وصول مبعوثي ادارة ترامب كوشنير وغرينبلات الى المنطقة تمركزت التسريبات فيما يتعلق بما يسمى صفقة القرن الا انه ينبغي وضع كل ما يتسرب في نطاقه الحقيقي والصحيح والذي في معظمه يعد محاولة لجس النبض لاستدراج مواقف من الأطراف المختلفة خاصة الفلسطيني فيما يتعلق بحراكهم السياسي وكان لافتا المقابلة التي اجرتها صحيفة "القدس" مع كوشنير والتي ادلى فيها بتصريحات حول هذا الحراك ووجه من خلاله رسائل واضحة في اكثر من اتجاه ا لا ان الجهد الامريكي لتمرير مخططه لتصفية القضية الفلسطيني يقابل بعقبة كأداء وهي الاجماع الفلسطيني على رفض ملامح الصفقة الامريكية.

تتضح الخطة الامريكية منذ البداية في تصفية القضية عبر الموقف الأمريكي بنقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة وتقليص مساهمتها في ميزانية "الاونروا" ثم وقفها الكامل للدعم المالي الأمريكي للسلطة الفلسطينية تحت عناوين سياسية وامنية وتدعم المعلومات التي نشرتها اكثر من صحيفة اسرائيلية هذا التوجه وهي تشير الى شكل التسوية القادمة التي تبقي القدس عاصمة لدولة الاحتلال وتحت سيطرتها بما في ذلك المسجد الاقصى وحائط البراق والتخلي عن 4 أو 5 بلدات فلسطينية بالقدس ونقلها للسلطة الفلسطينية ومنها ابو ديس التي ستكون عاصمة للكيان الفلسطيني وقد سبق ان اثير الموضوع قبل عدة اشهر في لقاء الامير ابن سلمان ولي العهد السعودي مع الرئيس الامريكي ترامب في لقائهما بواشنطن ونقل هذا الموقف الى السلطة الفلسطينية وعدا عن ذلك فان جميع المستوطنات بما فيها البؤر لاستيطانية الصغيرة ستبقى تحت السيطرة الاسرائيلية مع سيطرة امنية كاملة في البر والجو.

تسوية بهذه المعطيات لن يقبل بها أي فلسطيني الى جانب الاجماع بين السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة على رفضها وبما ان موقف الاخيرة هو الاقوى خاصة في ظل مسيرات العودة وما فرضته من حقائق في المشهد الاسرائيلي والدولي فان الخطة الامريكية سبقت بجهود امريكية بالتعاون مع الكيان وبعض العواصم الاوروبية من اجل الالتفاف على المسيرات وتهيئة الاجواء لتمريرها من خلال ما يطرح تحت العنوان الانساني.

من هنا يأتي الكم الكبير من المعلومات عن مشاريع اقتصادية سواء بإنشاء محطة شمسية لتوليد الكهرباء وانشاء منطقة صناعية في سيناء يستفيد منها الفلسطينيون والمصريون  او اقامة رصيف في ميناء قبرصي لنقل البضائع مباشرة الى غزة، وواضح ان هذه المشاريع تهدف نقل المسئولية عن غزة الى مصر والمجتمع الدولي من خلال استنفار مساعدات دولية لدعم هذه المشاريع في حين تبقى اسرائيل متفرجة لا تقدم شيئا سوى موضوع الرصيف والذي ربطته باشتراطات تتعلق بجنودها الاسرى بغزة أي توظف المشاريع لتحقيق اهداف امنية ومنها تهدئة طويلة الامد، وان يخضع التفتيش والمراقبة الأمنية في الميناء القبرصي على الرصيف البحري المخصص لبضائع تنقل إلى غزة، للسيطرة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مراقبة منظمة دولية مثل الأمم المتحدة وهو ما يحدث في معبر كرم ابو سالم.

لادراكها ايضا ان تسوية بهذه المعايير التصفوية لن تنجح لجأت واشنطن الى بعض العواصم العربية فحط كوشنير وغرينبلات في الرياض وعمان والقاهرة في محاولة لاستجلاب تأثيرها في اتجاهين الاول الضغط على السلطة لتقبل بالتفاوض مع الاحتلال والبحث في خطوط التسوية الامريكية ثم ضخ المال الخليجي في المشاريع التي يجري الكشف عنها لترويض غزة لتصمت او تقبل بالتسوية الامريكية  ويبقى الموقف العربي اضعف من ان يتساوق مع مخطط ينتقص من الحقوق الفلسطينية بما في ذلك القدس المحتلة ومسجدها الاقصى فاوراقها اضعف من ذلك فيما الضغوط الاكبر هي الامريكية الاسرائيلية التي تستخدم ورقة المال لاجبار السلطة للتعامل معها، وكانت مقابلة كوشنير مع صحيفة «القدس» واضحة في هذا الاتجاه من خلال التلويح بتجاوز عباس ومخاطبة الجمهور الفلسطيني من خلال المشاريع التي يخطط لها دون ان يكون للسلطة أي دور فيها، او طرح مشاريع اقتصادية تتعلق بغزة مع تجاوز السلطة القائمة في غزة ، ويبدو كوشنير مخطئا وهو يفترض أن الأجيال الفلسطينية الجديدة ستغلب مصالحها المادية الخاصة على الدوغما أو الآيديولوجية المعادية للصهيونية وتقبل بخطة السلام مع الاحتلال التي تمنحها السيطرة على الأماكن الإسلامية في القدس وسيادة محدودة في الضفة المحتلة وتطورا اقتصاديا في القطاعين العام والخاص.

واضح تماماً ان هناك محاولة امريكية لتوظيف حالة الضعف والتساوق العربي معها في ظل تصدير ايران بعبعا للخليج بجانب الضعف الحاصل في المشهد الفلسطيني نتيجة الانقسام وارتباط السلطة بالاحتلال امنيا واقتصاديا من اجل تمرير ما تريده تل ابيب وواشنطن من املاءات لتصفية الفضية الفلسطينية، الا ان هذا الحلم يبقى حلما ولا يجد له مكانا في فلسطين ورغم حالة الانقسام فان هناك إجماعا فلسطينيا على التصدي لهذه الصفقة وتبقى غزة بمسيرات العودة حائط الصد الاول للمخطط الامريكي الاسرائيلي والذي يذهب ادراج الرياح ويستقر على رفوف الكتب كما كل المخططات السابقة التي فشلت في تصفية القضية الفلسطينية.

كلمات دلالية