نقترب من الحملة- هآرتس

الساعة 03:11 م|21 يونيو 2018

فلسطين اليوم

ليلة تبادل اطلاق النار على حدود قطاع غزة تدل على تغيير اساسي في الوضع الامني هناك. اسرائيل وحماس توجدان الآن في وضع مختلف عن الذي ساد في القطاع خلال السنوات الاربعة الماضية منذ عملية الجرف الصامد. الانجاز الاساسي للعملية حسب وجهة نظر اسرائيل، الهدوء النسبي الذي اصبح بالتدريج شعور بالأمن لسكان غلاف غزة آخذ في التلاشي، واحتلت مكانه المظاهرات العنيفة كثيرة المصابين في الطرف الفلسطيني والطائرات الورقية الحارقة التي أحرقت الحقول والاحراش في غلاف غزة والآن ايضا صواريخ وقذائف.

هذه هي المرة الثانية خلال اقل من ثلاثة اسابيع التي تطلق فيها التنظيمات الفلسطينية بقيادة حماس والجهاد الاسلامي كمية كبيرة من الصواريخ والقذائف نحو بلدات غلاف غزة. في 29 أيار أحصي أكثر من 150 صاروخ وقذيفة وفي الليلة الماضية 45. ولكن اتجاه التطورات معروف: عندما تصبح الفترة الزمنية الفاصلة بين الحرب قصيرة والاعداد تصل الى مستويات كهذه فان الطريق الى جولة قتالية اخرى على صيغة الجرف الصامد تصبح قصيرة.

كما سبق وكتب هنا فان هذا ليس قدر. صيف 2018 لا يشبه صيف 2014. صحيح أنه في الحالتين الاستخبارات الاسرائيلية اعتقدت أنه لا توجد لحماس مصلحة في اندلاع الحرب، لكن الاندلاع قبل اربع سنوات اشعلته الحرائق في الضفة الغربية: اختطاف وقتل الفتيان الثلاثة في غوش عصيون. عندنا عثر على جثث الفتيان سادت في اوساط الجمهور وفي اوساط الساحة السياسية اجواء حرب ساعدت على زيادة رد الحكومة على التوتر مع حماس في القطاع. بعد نحو اسبوع اندلعت الحرب. هذه المرة رغم الغضب من احراق الحقول فان قوة الضغط ليست مشابهة.

الجهود التي بدأت بها حماس بالمظاهرات قرب الجدار في نهاية آذار لم تؤت ثمار كثيرة حتى اليوم. القتلى في المظاهرات تسببوا بتنديد دولي شكل الزيت في عجلات مقاطعة حركة بي.دي.اس، لكنها لم تثمر عن تنازلات فعلية من جانب اسرائيل. بالذات الطائرات الورقية، الوسيلة البسيطة جدا، شكلت بالنسبة لحماس طريق التفافي لعوائق الصد التي وضعها الجيش الاسرائيلي على طول الجدار.

الجيش في محاولة لوقف اطلاق الطائرات الورقية والبالونات انتقل الى اطلاق النار التحذيرية على الخلايا التي تعدها، وبعد ذلك بدأت بمهاجمة مواقع ومخازن لحماس ردا على ذلك. الآن حماس والجهاد الاسلامي يحاولان تغيير معادلة الرد، كما أعلنا عن ذلك في يوم الاربعاء بعد اطلاق النار في الليل وفي الصباح. كل هجوم جوي اسرائيلي، اعلنتا، سيتم الرد عليه بالصواريخ والقذائف على النقب.

عدد من اعتبارات يتعلق بالساحة الداخلية الفلسطينية. فتح معبر رفح من قبل مصر في شهر رمضان ضاءل جزئيا الضغط. مصر سمحت ايضا بنقل اكثر من 800 شاحنة مساعدات للقطاع. ولكن قيادة حماس في غزة قلقة من الوضع الفظيع للبنى التحتية في القطاع، الى جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ومنها التقليص الذي قامت به السلطة لموظفيها في القطاع. في الشهر القادم يتوقع ايضا تقليص كبير في رواتب موظفي وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين "الاونروا" على خلفية انتقاد الولايات المتحدة لها.

اضافة الى ذلك حدث بسبب ذلك مس كبير بمدخولات العمال في القطاع. يبدو أنه على الاقل جزء من الرسالة التي تبثها حماس الآن موجه للسلطة بواسطة اسرائيل. حماس تقدر أن اسرائيل لاعتباراتها الخاصة غير متحمسة لمواجهة عسكرية معها في القطاع، وأن استمرار الاحتكاك العسكري سيجعلها تسمح لها بالحصول على المزيد من الاموال، حتى بواسطة توجه من القدس لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

في هذه الاثناء يهاجم رجال دعاية رئيس الحكومة نتنياهو في الشبكات الاجتماعية الجيش على الاستخذاء امام الارهاب من قطاع غزة، بدء بالطائرات الورقية وانتهاء بالصواريخ. وكأن الحكومة ليست هي التي تقرر سياسة الرد في القطاع. نتنياهو ووزير الدفاع ليبرمان اكتفيا باطلاق تهديدات عامة، في احتفال لتخريج ضباط في هذا المساء. ليس علينا أن نبني بالطبع على اظهار دعم علني للجيش. الوزير نفتالي بينيت يواصل المطالبة بالضرب المباشر لمطلقي الطائرات الورقية الذين "ليسوا اطفال أبرياء أولاد 8 سنوات"، قال. من المعقول أن الجيش سيصعد الآن رده بدرجة ما على اطلاق الصواريخ، لكن بشكل عام توجيهات المستوى السياسي بقيت على حالها: الشمال اكثر اهمية من غزة، وفي القطاع القصة تتعلق بصد واحتواء – طالما أن نتنياهو يستطيع الامتناع عن ذلك فان اسرائيل لن تشن هناك حرب.

الذي لا يتحدث عنه أي من الوزراء بصوت عال هو جهود التسوية السياسية. ادارة ترامب مشغولة بخطوات لطرح مبادرة سلام للرئيس. ولكن وتيرة الاحداث العنيفة في القطاع تعيق في الوقت الحالي الاتصالات لاعادة اصلاح البنى التحتية، ومن شأنها ايضا أن تقود الطرفين الى المواجهة العسكرية.

في تقرير مراقب الدولة عن عملية الجرف الصامد تم توجيه انتقادات شديدة للحكومة ومجلس الامن القومي على عدم بلورة استراتيجية اسرائيلية بالنسبة للقطاع، لم يبحثوا عن بدائل سياسية عشية العملية ولم يعملوا على علاج البنى التحتية المنهارة في القطاع (التي وضعها زاد تدهوره منذ ذلك الحين)، رغم تحذيرات منسق اعمال الحكومة في المناطق. ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي كان مشاركا في هذه الخطوات، وتسرح في هذه الاثناء، قال إنه يتوقع بمعقولية كبيرة طريقة سير المفاوضات غير المباشرة التي سيديرها الطرفان في القاهرة بعد جولة القتال القادمة. في كل المواضيع التي ستبحث هناك، اضاف، يمكن ويجب بحثها الآن.

كلمات دلالية