مقدس لليهود فقظ: موجز تاريخ الحائط -اسرائيل اليوم

الساعة 01:23 م|18 يونيو 2018

فلسطين اليوم

بقلم: نداف شرغاي

"الحائط لا يعود لليهود فقط"، كبا الاسبوع الماضي آفي غباي في لسانه، وسارع الى الاصلاح. ولكن لعلنا ينبغي أن نشكره. فرئيس المعسكر الصهيوني منحنا فرصة لان نتنياول تشويها آخر، هذه المرة مقصود: فالاسلمة التي يجريها الفلسطينيون للحائط الغربي، القدسية التي يضفونها عليه كأحد حيطان "نطاق الاقصى"، وكذا الرفض الجارف لكل صلة يهودية به، تماما مثلما يتعاطون مع جبل البيت (الحرم) والقدس بشكل عام.

رغم الحرج، فان اليهود الاخيار الذين يكافحون في سبيل مكان الشعب اليهودي ودولة اسرائيل في جبل البيت، يسمحون بلا رتوش لهذا التشويه الاسلامي. فمن شدة رغبتهم في رفع مكانة الجبل يصغرون الحائط، لدرجة التنكر لقدسيته، بل واحيانا تحقيره. احدهم وصف مؤخرا الحائط بانه "حائط عديم كل اهمية"، و "موقف خلفي للجياد والجمال".

يجب وضع الامور في نصابها: الحائط الغربي اصبح مكانة الصلاة الاساس لليهود في اعقاب الهزة الارضية التي المت بالقدس في 1546. فقد هدمت الهزة المباني المجاورة للحائط، في منطقة ساحة الصلاة المعروفة اليوم، وسمحت للاتراك بان يخصصوا هناك زقاقا ضيقا لصلاة اليهود.

غير أنه بخلاف القول المستهتر للاغي الحائط (يهود ومسلمين)، لا يدور الحديث عن "اختراع" لبضع مئات السنين فقط. فشهادات تاريخية تفيد بانه من اللحظة التي سمح فيها الاحتلال الاسلامي لليهود العودة الى داخل القدس، قبل الف سنة فأكثر (بعد ان ابعدهم المسيحيون عن المدينة)، صلوا على طول الحائط الغربي، الذي في نقاط عديدة منه، بخلاف اليوم، كان نقيا من البناء الاسلامي. فقد صلى اليهود في الزاوية الجنوبية من الحائط بل وفي اجزائه الشمالية: في منطقة أبواب القطانين، الحديد والمجلس. حتى سقوط القدس في ايدي الصليبيين في 1099، كان في الفضاء التحت أرضي لباب فيرن، الثابت في الحائط الغربي، كنيس "المغارة".

كانت "المغارة" تقع بالضبط امام المكان المقدر لقدس الاقداس، مكان حجر الشرب في مركز قبة الصخرة. واختيار الحائط الغربي نبع من أنه كان الاقرب الى هذه النقطة، اكثر من أي حائط آخر لجبل البيت. سلسلة المدارس الدينية التي تعود الى 1500 سنة واكثر، والتي تولي الحائط الغربي قدسية مستمرة، تأثرت هي ايضا من هذا القرب.

يسمي المسلمون الحائط الغربي "البراق"، على اسم حصان محمد العجيب. وهم يشيرون اليه بانه "ذات الحائط الذي ربط به نبيهم حصانه المجنح في حلم رحلته الليلية من مكة الى القدس.

ان تشخيص الحائط الغربي بانه مكان ربط الحصان المجنح نشأ رويدا رويدا مع نمو الحركة الصهيونية، وبقوة اكبر – في عهد نزاع الحائط. كان هذا هو الرد الاسلامي على تعزز التواجد اليهودي في البلاد بشكل عام، وفي القدس وفي الحائط بشكل خاص.

لقد احتقر ودنس المسلمون المكان من خلال تسيير الحمير، الجياد والجمال والقاء مقصود لروث البهائم في المكان. وفتحوا فتحة من ساحة جبل البيت (الحرم) الى الحائط واقاموا احتفالات صاخبة كانت مخصصة جيدا لساعات صلاة اليهود.

اما اليوم، فهم يدعون بان الحائط مقدس لهم، ولكنهم اسندوا الى حجارته مساكن ومباني خدمات والصقوا به انابيب مجاري، كهرباء ومياه. اما "الحائط الصغير" الذي في قلب الحي الاسلامي (جزء من الحائط الغربي) فانهم يدنسونه غير مرة بالشعارات المعادية، وبالتبويل الى جانبه وغمره بالقمامة، واحيانا يستخدمونه كحائط للتسلق. ليس هكذا يتصرف دين ما مع مكان ما يدعي قدسيته. والاستنتاج هو أن القدسية في هذه الحالة هي قدسية زائفة؛ وسيلة فقط، ترمي الى ابعادنا عن الحائط، مثل محاولة طردنا من اجزاء اخرى من القدس وبلاد اسرائيل.

لقد أخطأ آفي غباي، ومن يعترف ويرحل يرحم. الحائط مقدس فقط لليهود؛ لا للمسيحيين ولا للمسلمين. اما جبل البيت، بالمقابل، مكان مقر الهيكل – الذي اقام المسلمون على خرائبه هياكل صلاتهم – فمقدس للمسلمين ايضا.

الحائط الذي على سفوح الجبل ليس "حائط عديم كل اهمية"، بل "رواق" يرضع قدسيته من "الديون" من – جبل البيت".