خبر غزة بين السياسة والمقاومة ..داود الشريان

الساعة 10:15 ص|03 يناير 2009

ـ الحياة 3/1/2009

الحرب على غزة اتفاق غير موقع. «حماس» حرضت على الحرب للخروج من حال الاهمال العربي والدولي.  واسرائيل وجدت فيها مدخلاً لتشيط قدرتها على الحيوية والبقاء. وبين اطماع المغتصب، وتطلعات المقاوم قتل مئات الابرياء، وشرد الآلالف من الفلسطينيين وانتهكت حرمات النساء. كل من «حماس» واسرائيل يقاتل ليبقى. لكن السؤال الذي يشغل المحللين السياسيين هو من سينتصر في هذه الحرب؟

الإسرائيليون يشنون الحرب على الفلسطينيين ثم يقررون ماذا يريدون منها. يتصرفون على طريقة اللص، يكسر الباب ثم يقرر ماذا سيسرق. ولهذا لا احد يستطيع ان يقدم اجابة قاطعة على سؤال من المنتصر في هذه الحرب. فربما تكون هذه الحرب مفيدة لاسرائيل مرحلياً، لكنها بالتأكيد ليست كذلك على المدى البعيد. والعكس صحيح بالنسبة الى حركة «حماس». وغياب اجابة قاطعة على هذا السؤال حتى الآن سيفضي الى التحريض على استمرار الحرب، وتنفيذ المرحلة البرية منها. فإسرائيل تنتشي بالحرب سياسياً وشعبياً، والمواطن الاسرائيلي يؤمن بأن القائد السياسي الذي يحارب الفلسطينيين والعرب متيقظ ووطني، ولهذا يثق الإسرائيليون بالمحاربين والقتلة وينتخبونهم . ولهذا بقي الجيش هو المعهد الذي يخرج الساسة والقادة. الحرب تخلق حالاً من النشاط والحيوية على الساحة السياسية الإسرائيلية، وهي مفتاح الامل عند المواطن الاسرائيلي. ومن هنا يصعب التكهن بتوقيت انتهاء هذه الحرب القذرة.

في المحصلة فإن «حركة المقاومة الاسلامية» تزداد قوة. لكنها في المقابل تنعش جرثومة بقاء اسرائيل. فالدولة العبرية تزدهر بالحرب، وتضعف في حال السلم. ألم تر كيف ان الإسرائيليين يصنعون المشاكل لمصر في السلم اكثر مما كانوا يفعلون في زمن الحرب. اسرائيل تضعف اذا تصرفت كدولة، لأنها لا تستطيع ان تعيش الا على طريقة العصابة. ووجودها مرهون بقتل الاطفال والنساء والابرياء وإسالة الدماء والعربدة. لكن إخلاص اسرائيل لهذا النهج يجب ان لا يخلق فينا الخور. اذا كانت اسرائيل لا تعيش الا بالدم والحرب فعلينا ان نمنعها من استباحة دمائنا. علينا ان نفكر بطريقة فيزيائية. علينا أن نتوقف عن سياسة منتصف الحرب ومنتصف السلام، ومنتصف البيانات والمؤتمرات. فمنتصف الطريق حماقة. منتصف الطريق سيمنح اسرائيل فرصاً متكررة لقتل وترويع أطفالنا.