في الطريق الى الهاوية يتوقفون في غزة - هآرتس

الساعة 02:43 م|13 يونيو 2018

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: صحيح أن التسهيلات الاقتصادية لن تؤدي الى توقف شعب محتل عن المطالبة بتحرره الوطني، ولكن هذا لا يمنع من التخلي عن التفكير القديم للزعماء السياسيين والعسكريين والنظر الى المدى البعيد واعتبار النمو الاقتصادي في قطاع غزة هو أمر ضروري - المصدر).

النظرية التي تقول إن تسهيلات انسانية ستؤدي الى وقف الارهاب هي "هذيان ووهم"، هكذا شرح وزير الدفاع افيغدور ليبرمان معارضته للتسهيلات في الحصار على قطاع غزة. ليبرمان محق. فالتسهيلات هي مقابل بسيط جدا، ليس بامكانه اقناع سكان محتلين بالتوقف عن نضالهم الوطني من اجل التحرر. التسهيلات تشبه تخفيف الحبل حول رقبة المشنوق، على الاكثر من شأنها أن تسبب له التوقف عن التشنج. لأنها اكثر من أن تخدم السكان هي ستعطي لاسرائيل صورة الدولة المحتلة الانسانية، التي تمنح رعاياها كمية اكثر بقليل من الغذاء والدواء، وربما حتى القليل من مواد البناء التي يمكن عن طريقها اعادة اعمار بيوتهم المدمرة.

في غزة ليست التسهيلات هي المطلوبة، بل تطوير اقتصادي حقيقي. ولكن نقاش الكابنت السياسي الامني الذي جرى هذا الاسبوع في المخبأ الخاص به تحت الارض، أوضح بشكل جيد أنه اذا كان هناك خلافات بين متخذي القرارات فهي تتعلق بمسائل تكتيكية مثل المقابل للجثث والأسرى الذي يجب على اسرائيل طلبه، وليس حلول استراتيجية لما يسمى "مشكلة غزة". ليبرمان بتبريراته الهذيانية لمعارضة التسهيلات يتجاهل أن الحصار الوحشي المفروض على غزة منذ 11 سنة لم يؤد الى وقف الارهاب، وحتى العملية اللامعة للجرف الصامد التي تمخضت عن فترة طويلة من الهدوء النسبي، تبين أنها "وهم وهذيان".

اذا قبلنا نظرية ليبرمان التي تقول إن الاقتصاد لا يشكل مكون ذو علاقة بمحاربة الارهاب، والتسهيلات هي دفع مقابل جثث وأسرى، لماذا في الضفة اثبتت المعادلة الاقتصادية نجاعتها النسبية؟ هل ازاء الغزيين توقف سكان الضفة عن الايمان بالحل العنيف لأنهم يكسبون أكثر، يتعلمون اكثر، يتمتعون بحرية حركة اكثر؟ اذا كانت الاجابة على هذا السؤال بالايجاب فان الامر يناقض تماما نظرية ليبرمان المشوهة. وربما الفرق يكمن في النظرية الاسرائيلية التي تقول قيادتين في جزئي فلسطين؟.

اقتصاد مزدهر في الضفة أو في قطاع غزة ليس البديل عن التحرر الوطني، لكن يمكنه تخفيف المظاهر العنيفة للمواجهة. اقتصاد سليم يقوي بالفعل موقف القيادة الفلسطينية، لكن منذ موت العملية السياسية فان مسألة قوة القيادة في الحالتين ليست مهمة في نظر اسرائيل؛ لهذا الشأن فان حماس ومحمود عباس هما نفس الشيء، كلاهما ليس شريكا في الحوار،كلاهما بالنسبة لها هما ارهابيان يريدون تدمير دولة اسرائيل.

من هنا ليست الفجوة الايديولوجية بين القيادتين تخلق الفرق من ناحية اسرائيل. الفرق هو أنه في الضفة حسابات الربح والخسارة بالنسبة للسكان تؤدي الى الهدوء. في حين في غزة ليس للسكان أي معيار للمقارنة. في غزة ليس لديهم ما يخسرونه، وموت شريف على الجدار يعتبر افضل من الحياة البائسة عديمة الجدوى. يمكن التخمين أنه اذا قررت اسرائيل فرض عقوبات اقتصادية قاسية على الضفة، على الاقل جزء من الجمهور، وربما معظمه، سيستخدم الضغط على قيادته. في غزة لا يوجد لاسرائيل أي شريك أو رافعة مدنية. هذه مجموعة سكانية تم اضعافها بواسطة القصف والقتل الجماعي وبضائقة اقتصادية فظيعة وبدون أفق اقتصادي يشجعها على الضغط على قيادتها.

في نظر اسرائيل فان التطوير الاقتصادي في غزة هو جائزة للارهاب، تعزيز مكانة حماس وتنازل لا يوجد في جانبه مقابل ملموس. إلا أن هذه النظرية تناقض التطلع الاسرائيلي الى أنه سيكون في غزة جهة مسؤولة يمكنها السيطرة على التنظيمات الاخرى ومنع اقتحامات الجدار وتطبيق وقف اطلاق النار. لهذه الغاية فانه بحاجة الى رافعة اقتصادية حقيقية وليس الى تسهيلات أو هبات. وحيث أن اسرائيل ما زالت عالقة في التفكير القديم الذي ولد في الانتفاضة الثانية أو في العام 2006، حيث في التقويم السنوي الاستراتيجي يشار الى يوم النكبة ويوم النكسة كتهديدات نهائية، فان أي زعيم، عسكري أو سياسي، لن يخاطر بالتفكير للمدى البعيد.

كلمات دلالية