العدو الذي في الداخل - معاريف

الساعة 12:38 م|09 يونيو 2018

فلسطين اليوم

بقلم: نداف هعتسني

 (المضمون: علينا قبل كل شيء أن نسحب من الرجوب وأمثاله حرية الحركة والقدرة على الدخول الى نطاق دولة اسرائيل. بعد ذلك ان نرسله عائدا الى السجن على التحريض، تشجيع الارهاب، المس بالعلاقات الخارجية لدولة اسرائيل وماذا لا. واذا خرج من السجن، فيجب القاؤه عائدا الى تونس - المصدر).

 

          لعل العملية الجماهيرية لليونيل ميسي تنجح في عمل ما لم تنجح في عمله الصواريخ، الانفاق والطائرات الورقية الحارقة: ان تفتح لنا أخيرا الرأس. إذ انهم الان حقا مسوا لنا بقدس الاقداس. بخلاف ما يفهم من وسائل الاعلام، فليست ميري ريغف هي المسؤولة عن الغاء عرض منتخب الارجنتين في اسرائيل. المسؤولون هم شركاؤنا الفلسطينيون من رام الله، جماعة الـ بي.دي.اس، قادة المقاطعات وبناة التهديدات. غير أنه رغم ان المذنبين يوجدون في متناول اليد ويمكن تقديمهم الى المحاكمة وابعادهم، تكتفي حكومة اسرائيل باقوال فارغة وبصفر أفعال.

 

          يبدو أن السبب المركزي الذي أدى الى الغاء المباراة هو جبريل الرجوب الذي فعل ما درج على فعله في السنوات الاخيرة من علي منصبه كرئيس للجنة الاولمبية واتحاد كرة القدم الفلسطيني: تشجيع الارهاب، التهديد والتحريض. هذه المرة نجح له هذا فوق المتوقع. تهديداته ضد اعضاء منتخب الارجنتين وضد ميسي شخصيا فعلت فعلها. فقد دعا المسلمين في ارجاء العالم للخروج ضد ميسي واحراق قميصه. بعث بكتاب اكاذيب الى اتحاد كرة القدم الارجنتيني، فاستسلم. لماذا يحتاجون هذه المشاكل؟

 

          غير ان السلوك الاسرائيلي تجاه الرجوب يشكل مفتاحا لفهم الاهداف الذاتية التي يسجلها على انفسنا. الرجوب هو احد الاعداء الالد لاسرائيل، ولا يزال يتمتع بمعاملة المشهورين. ففي الاسبوع الماضي فقط زار مع حاشيته الحرم في القدس، يتمتع بحرية حركة وتحريض. في الاسابيع الاخيرة مارس منظومة تهديداته وتشهيراته فيما يتواجد على مسافة 10 دقائق سفر من عاصمة اسرائيل. تجرى اللقاءات الصحفية فيه مع وسائلنا الاعلامية ايضا والتي تواصل عناقه واستضافته.

 

          الرجوب هو مخرب حكم بالمؤبد وتحرر في 1985 من السجن في إطار صفقة جبريل المجيدة. ومنذئذ وهو يبرز في تآمره الناجع. في اطار العالم المعاكس الذي خلقه ناسجو مؤامرة اوسلو، بلاط شمعون بيرس ولا سيما رئيس المخابرات في حينه يعقوب بيري، طوروا الرجوب وجعلوه الطفل المدلل للحكم، الاعلام والنخبة الاسرائيلية.

 

          وسرعان ما نصب الرجوب في رأس جهاز الارهاب الذي يسمى "الامن الوقائي"، ومع أنه اختص بالملاحقة، بالتعذيب وبالتصفية لاصدقاء اسرائيل، بقي محصنا. في السنوات الاخيرة يستخدم التفرغ الرياضي كي يواصل ملاحقتنا، وبالذات عبر نشاطه "الرياضي" يمكن أن نفهم من هو الرجل.

 

          فهو يجري مثلا مباريات على أسماء قتلة الجماهير. واطلق على "كأس فلسطين" في كرة القدم اسم مهند حلبي، المخرب الذي قتل في 2015 اثنين، بينهما اب كان يتنزه مع عائلته في القدس. الام اصيبت بجراح خطيرة، وابنهما الرضيع اصيب بجراح طفيفة. اجرى الرجوب مباريات على اسم دلال المغربي قائدة المذبحة في الباص في طريق الشاطيء في 1978، أجرى مباريات على اسم ابو جهاد وكرس اخرى لقتلة آخرين. وغير مرة مجد اعمال الطعن والقتل وشرح بان "هذه أفعال بطولة لافراد وأنا أفتخر بهم... هم ذخر لكل الشعب الفلسطيني".

 

          الى جانب ذلك، بصفته المتفرغ الرياضي المركزي للسلطة الفلسطينية، فانه يدير صراع ابادة بالذات ضد اولئك الاسرائيليين الهاذين الذين لا يزالون يؤمنون بان النشاط الرياضي اليهودي – العربي سيجلب السلام. هكذا مثلا خرج ضد مباراة كرة القدم التي نظمها "مركز بيرس للسلام" واسماها "جريمة ضد الانسانية". كما شرح بان "التطبيع في مجال الرياضة مع الاحتلال الصهيوني هو جريمة". وحسب الخط اياه فانه يعمل بمنهاجية على مقاطعة منتخب اسرائيل والفرق الاسرائيلية في المحافل الدولية، دون صلة بالقدس او بحيفا. اما التوجهات الى الاتحادات الرياضية الدولية التي عرضت عمله الارهابي فقد حظيت بالتملص، في افضل الاحوال.

 

          لقد انكشف فكره بكامل حدته في مقابلة في التلفزيون اللبناني صرح فيها بان الفلسطينيين هم العدو الاكبر لاسرائيل. ولاسفه، اضاف، ليس لدى الفلسطينيين قنبلة ذرية. ولكن لو كانت لديهم قنبلة، كما وعد، كان استخدمها منذ زمن بعيد.

 

          إذن الان، في اعقاب عملية ميسي، اعلن اتحاد كرة القدم الاسرائيلي بانه يرى بخطورة تهديدات الرجوب التي "اجتازت كل خط احمر". بالطبع تحدث بنيامين نتنياهو ومسؤولون كبار آخرون "بشدة". ولكن اي منهم لم يفعل شيئا. الرجوب، مثل باقي كبار رجالات السلطة، يتمتع بحرية الحركة، التحريض، الدعوة للقتل والمقاطعات ضدنا. نحو لا نستخدم الوسائل الاساسية التي لدينا: قبل كل شيء أن نسحب من الرجوب وأمثاله حرية الحركة والقدرة على الدخول الى نطاق دولة اسرائيل. بعد ذلك ان نرسله عائدا الى السجن على التحريض، تشجيع الارهاب، المس بالعلاقات الخارجية لدولة اسرائيل وماذا لا. واذا خرج من السجن، فيجب القاؤه عائدا الى تونس.

 

          بسبب بؤسنا، فان قادة السلطة التي اقمناها يواصلون التحريض والمس بنا بشكل مباشر وغير مباشر، في البلاد وفي الخارج. غير أن هذه المرة لم يكن الضحايا "مستوطنين، اسرائيليين عاديين، او العلاقات الخارجية للدولة. الضحايا كانوا هذه المرة محبي الارجنتين، برشلونة وميسي. ولعل هذا الجمهور الهام يدفع أخيرا الحكومة ووسائل الاعلام الاسرائيلية الى الاستيقاظ.

 

 

 

 

كلمات دلالية