افلاس ريغف- يديعوت

الساعة 12:36 م|09 يونيو 2018

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: نتنياهو هو آخر من سيرغب في أن يأخذ على عاتقه المسؤولية عن هذا القرار. ريغف تحاول ان تأخذه معها الى الحفرة - المصدر).

 

يوم الاثنين وصلتني في البريد الالكتروني دعوة للاحتفال بيوم الاستقلال الـ 242 للولايات المتحدة في 4 تموز. سعدت. امريكا هي صديقتنا وحليفتنا. عيدها عيدنا. هي قريبة جدا لنا بحيث أني كلما سمعت "هتكفا"، النشيد القومي، أترنم على الفور بعده من النشيد القومي الامريكي.

 

هذه السنة سعدت على نحو خاص، لان ادارة ترامب نقلت أخيرا السفارة الامريكية الى القدس. ترامب، بطريقته الالحاحية، اصلح تشويها ابن 70 سنة. بشكل عام انا لا اذهب الى مثل هذه المناسبات. اما هذه المرة، على شرف القدس، فاني سأسحب البدلة من الخزانة.

 

ولكن الويل. مراجعة اخرى للدعوة أوضحت لي بان الولايات المتحدة ستحتفل بعيد ميلادها في قاعة الافراح افينو التي في المطار قرب مدخله الخلفي. ليس فقط ميسي بل والسفير فريدمان يقاطع القدس. فأعدت البدلة الى الخزانة.

 

ان قصة صعود وسقوط المباراة الاستعراضية بين منتخب الارجنتين ومنتخب اسرائيل هي موضوع جيد لعرض ساخر. ميسي هو لاعب كرة قدم رائع، ولكن خارج الملعب هو شخص لا يعتد به. عبقري قليلا، تمبل قليلا. ضربات زائدة بالرأس في سنوات صباح. وعشية المونديال القريب، في روسيا، وقف امام تحدٍ فكري اكبر من قوته.

 

هذا هو التحدي: منتخب الارجنتين في كرة القدم يعاني منذ عشرات السنين من نحس ليس له مثيل في المسابقات الدولية. في المونديال الاخير الذي فازت فيه الارجنتين كان قبل 32 سنة، في 1986. ومنذ 1993 لم يفز في اي مسابقة. المشكلة عضال.

 

ميسي، نجم الفريق، فهم بانه مكلف بمسؤولية كسر النحس. هذه هي مهامة الزعيم. وقد حاول كل انواع الابتكارات، كل انواع المعتقدات الخرافية، وشيئا لم يجدِ نفعا. الى أن جاء الرب اليه في الليل، اليه او الى أبيه، ووعد بانه اذا ما أمل المنتخب الاماكن المقدسة للمسيحية في الطريق الى روسيا، فان اللعنة ستزول. هكذا قال الرب.

 

وكانت الفكرة ان تجرى في اثناء الزيارة مباراة استعراضية في حيفا. لن تكون للمباراة قيمة رياضية – لن يخاطر اي لاعب باصابة عشية المونديال – ولكن الجمهور سيشتري بطاقات، والاتحاد المضيف سيضيف وسائل من جانبه. منظمات الرياضة تحيك هذه الخلطات منذ زمن بعيد.

 

ولكن عندها دخلت الى الصورة ميري ريغف. بخلاف ما يعتقده الكثيرون، ان ريغف بعيدة عن أن تكون غبية. هي صبيانية، جائعة للحب، جائعة للاستعراض.. وهي تسرق الحفلات: لا توجد حفلة لا تقتحمها، تنثر بيد سخية الملايين من اموال دافع الضرائب، طمعا بالتصفيق. لا شيء يقف في طريقها، لا العلاقات الانسانية، لا العقل السليم، لا رئيس الوزراء. فهي شوكة نمت عشوائيا في أص صبار نتنياهو.

 

لقد وعدت ريغف الملايين والمباراة الهامشية في حيفا اجتازت مسيرة تسييس. هي ستكون احدى ذرى احتفالات السبعين: ستذكر العالم بوجود سفارة في القدس. حملة كبرى من العلاقات العامة سبقت اللقاء التاريخي بين ميسي وميري. هل ماركو سيلتقي الام، هل سيصافحها على الملعب، هل سيتصور سيلفي معها. القدس، التي شهدت بنوكا ورؤساء، وعلماء وفنانين محبوبين، بل وحتى شهدت ماردونا، استعدت لمجيء المسيح. منذ زمن بعيد لم يكن هنا استعراض استفزازي بهذا القدر، سخيف بهذا القدر. وسائل الاعلام المركزية، بما فيها هذه الصحيفة، سارت خلف القطيع. الشبكات صخبت. الناس اشتروا البطاقات من الوسطاء بالاف الشواكل. ريغف امرت بتوزيع مئات الوجبات على العاملين والمقربين وحققت عناوين رئيسة اخرى. انتفخ البالون وانتفخ الى ان انفجر.

 

ايار كان شهرا جيدا لحكومتنا. نتنياهو نقلب السفارة الى القدس. وفي الغداة عانق بوتين نتنياهو في الساحة الحمراء. الموساد وسلاح الجو وجها ضربة للايرانيين، ونتنياهو حطم ارقاما استثنائية في الاستطلاع؛ مندوبة اسرائيلية مفاجئة فازت في الايروفزيون، وخلق حولها اجماعا وطنيا نادرا. لم يسبق ان كنا اقوى، اكثر ثقة، اكثر عطا، اكثر وحدة، اكثر عدالة، اكثر رضى عن انفسنا، تماما مثلما في السنوات التي بين حرب الايام الستة وقصور يوم الغفران. حزيران بدأ في احتفال رسمي في تايمز سكوير في نيويورك. ظهر مغنون، ولكن ريغف سرقت العرض.

 

علقت في وضعية

 

أعاد الغاء المباراة الى جدول الاعمال مشكلتين تتصدى لهما اسرائيل – الاعتراف الرسمي بالقدس كعاصمة والحملة الدولية لمقاطعة اسرائيل. هذا هو المكان لقول شيء ما يغضب غير قليل من الناس، في اليمين وفي اليسار: المشكلتان غير حرجتين. القدس كانت قبل ترامب وستكون بعده. مكانتها كعاصمة منوطة اكثر بمعطيات ديمغرافية وبسياسة حكومات اسرائيل، وأقل بما يقال عنها في وزارات الخارجية في العالم. ميري ريغف هي مثال بارز. تصريحاتها المتفجرة عن القدس تطلقها من وزارتها في تل أبيب، دون أن ترمش.

 

بيان ترامب عن نقل السفارة لم ينه الجدال في العالم عن مكانة المدينة – بل اشعل إواره. الى كل التحفظات المعروفة، اضيفت المعارضة العاطفية لترامب ولكل ما يمثله. ثمة فضائل واضحة لتماثل اسرائيل مع ترامب؛ يوجد ايضا ثمن. فصافرة التحذير الاولى كانت قرار الممثلة نتالي فورتمن عدم تلقي جائزة براشيت الاعتبارية من يد نتنياهو. فورتمن ليست ميسي؛ هي واحدة منا.

 

اما الحملة لمقاطعة اسرائيل فسارت حتى هذا الاسوع من فشل الى فشل. اسرائيل لم تقاطع اقتصاديا، لم تقاطع سياسيا، لم تقاطع علميا. والوحيدون الذين تعاطوا بجدية مع المقاطعة كانوا اولئك الذين ارتزقوا منها، اولئك الذين دعوا الى المقاطعة واولئك الذين كافحوها. الى أن جاءت ميري ريغف.

 

حركة المقاطعة يجب أن تجفف، لا ان تضخم. من يضع امامهم حالات اختبار مدوية سيفوز في مواجهة واحدة ولكنه سيخسر في المواجهة التالية. ردود فعل ريغف على الغاء المباراة تضر بقضيتنا اكثر من الالغاء. أربعة متظاهرين قرب سياج ملعب تدريب في برشلونة ليسوا ارهابا، والغاء مباراة استعراضية ليس مذبحة الرياضيين الاسرائيليين في الاولمبياده في ميونخ. ريغف تمنح المقاطعين هدية لا يستحقونها. وهي تنبت لهم اجنحة.

 

ما ينقلنا الى مسألة الايروفزيون. قضية المباراة وجهت ضربة قاضية لخطة اجرائها في القدس. يحتمل أن يكون كل شيء جاء خيرا. فالالغاء يستدعي من اصحاب القرار اعادة احتساب المسار. ماذا سيحصل اذا لم يصمد 20 من اصل 43 هيئة بث تحت الضغط وانسحبت من المسابقة في القدس؟ هل هذه المعركة هامة لدرجة انه من المجدي لنا ان نخسر فيها؟

 

ريغف تقول، صحيح حتى يوم أمس، إما ان يكون الايروفزيون في القدس أو أن يلغى – وليمت العالم. أنا سأوصي رئيس الوزراء ان تجرى المناسبة في القدس، ولكن القرار قراره.

 

هذا رد فعل كاذب ومخادع. كاذب لانها لا تعتزم ولا للحظة الغاء استضافة الايروفزيون في اسرائيل. فناخبوها سينتقمون منها في الانتخابات التميهدية.. مخادع لان نتنياهو هو آخر من سيرغب في أن يأخذ على عاتقه المسؤولية عن هذا القرار. ريغف تحاول ان تأخذه معها الى الحفرة.

 

لو أن ريغف كانت اكثر ذكاء بقليل، لكانت نشرت البيان التالي: "برأيي، ينبغي للايروفزيون ان يجرى في القدس وفقط في القدس؛ فهذه كرامة وطنية. ولكن لاسفي، القرار ليس في يدي – هو في يد مدراء هيئة البث، اناس لست انا من عينهم. اذا قرروا نقل المناسبة الى تل أبيب، فاني سأكافحهم، سأكافح على اقالتهم، سأطالب باغلاق الهيئة، ولكن القانون هو قانون والصلاحيات هي صلاحات. القرار هو فقط قرارهم".

 

كلمات دلالية