عاد الهدوء للعاصمة الأردنية عمان، مساء أمس الخميس، بعد أسبوع حافل بالاحتجاجات الشعبية الرافضة لمشروع قانون ضريبة الدخل وقرارات اقتصادية يراها الأردنيون استهدافا لجيوبهم، وذلك بحسب مصدر أمني.
وشهدت منطقة الدوار الرابع غرب عمان، حيث دار رئاسة الحكومة، هدوءًا هو الأول من نوعه منذ مساء الخميس الماضي ، بعدما خرج المواطنون رفضا لمشروع القانون الذي فجره رفع الحكومة لأسعار المشتقات النفطية بنسبة كبيرة، وهو القرار الذي عادت عنه الحكومة بإيعاز ملكي بعد ساعات.
وأقام مواطنون فعالية احتفالية بموقع الاحتجاج اليومي على الدوار الرابع.
وقال رئيس الوزراء المكلف الدكتور عمر الرزاز إن أجواء ”في غاية الإيجابية” سادت اللقاءات التي جمعته بمجلسي الأعيان والنواب (البرلمان بشقيه) والغرف الصناعية والتجارية والنقابات لتنفيذ مضامين كتاب التكليف السامي.
وأكد الرزاز في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر، اليوم الخميس، أن “الحوار والتشاور سيكونان نهج الحكومة في إقرار السياسات العامة”، و” أن سحب مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، هو خطوة في هذا الاتجاه”.
وقبل ذلك، أعلن رئيس مجلس النقباء، نقيب الأطباء الأردنيين، علي العبوس أن صفحة الأزمة طويت، عقب لقاء مع الرزاز تعهد خلاله بسحب مشروع القانون بأول جلسة للحكومة.
وأشار العبوس إلى أن الرزاز وافق على تشكيل لجنة لتعديل نظام الخدمة المدنية، الذي كان أحد مطالب النقاباتً”.
وشهدت عمّان وعدد من المدن الاردنية تظاهرات لمدة 7 أيام للاحتجاج ضد مشروع قانون الضريبة والنهج الاقتصادي.
كان العاهل الاردني عبد الله الثاني قد كلف الرزاز بتشكيل حكومة جديدة، عقب استقالة حكومة هاني الملقي يوم الاثنين الماضي، على وقع الاحتجاجات التي شهدها الأردن إثر إقرار الحكومة مشروع قانون ضريبة الدخل.
ويرى سياسيون أن تصريحات رئيس الوزراء الاردني المكلف الدكتور عمر الرزاز بعزم حكومته سحب القانون الجدلي عقب أداء الحكومة اليمين الدستورية تحمل إشارات أولية تدعو إلى التفاؤل وهي مؤشرات في الاتجاه الصحيح.
وقال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية السابق بسام حدادين إن "إشارات الرئيس ايجابية، لكننا ننتظر فريقه الوزاري وبرنامج حكومته ونتمنى أن يكون فريقا وزاريا متجانسا فيه حضور ونكهة سياسية واضحة ووزراء جادون يحظون باحترام المجتمع، وبرنامج يستند إلى خطاب التكليف السامي الذي جاء ليضع النقاط على الحروف، إلى جانب الخطاب الثاني المتمثل في الأوراق النقاشية الملكية السبعة التي تشكل خريطة طريق لبناء الدولة المدنية الحديثة التي تقوم على المواطنة وسيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية".
وأشار إلى أن "المهمات أمام الرئيس استثنائية وصعبة فهو يحتاج إلى روافع من خلال الفريق الوزاري وبرنامج عمل مميز، فضلا عن الدعم الحقيقي من مؤسسات الدولة كاملة حتى يتحرك برشاقة وصولا إلى الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
من جهته أشار وزير الإعلام الأسبق الدكتور نبيل الشريف إلى الرسائل التي ارسلها الرئيس المكلف أمس للمواطنين، مؤكدا أن "الرئيس المكلف نجح في طمأنة الشارع وتعزيز القول بالفعل من خلال لقاءاته وحوارته مع النواب والنقباء وغرف الصناعة والاقتصاديين الذين التقاهم بالأمس.
ولفت إلى ثلاث رسائل ارسلها الرئيس الرزاز للشارع وهي الأولى: "انه لن يعمل وحده بل بالشراكة وترجمها من خلال لقائه بالنواب والاعيان والنقباء والفاعليات الاقتصادية".
اما الرسالة الثانية، وفق الشريف، تتمثل في أنه سحب القانون الذي أدخل البلد بأزمة، نتيجة عدم المرونة في التعاطي مع المواطنين والاصرار غير الحكيم".
اما الرسالة الثالثة فكانت قرار صرف الرواتب قبل عيد الفطر السعيد، وهو ليس مهما لذاته، ولكن أعاد الثقة بمقدرات الدولة بعد التشكيك الذي صدر من خلال الحكومة السابقة "لذا فقد ارسل الرجل رسالة واضحة مفادها ان الوضع جيد والأمور ايجابية".
وأشار إلى أن المطلوب من الرئيس استمرار التشاور مع كل الأطراف والجهات الفاعلة وعدم التصلب بالرأي بأي اتجاه، لافتا إلى أن رسائله للشباب طمأنتهم حول التشغيل والحد من البطالة وفتح الباب أمام الفرص المنتجه وهذا أمر ضروري في المرحلة الحالية وانهم في فكر الرئيس.
من جانبه اشار وزير التخطيط والزراعة الاسبق تيسير الصمادي إلى أن خطوة الرئيس في سحب القانون "ايجابية من شأنها ان تسهل له وللحكومة القادمة ارضية مريحة"، لافتا الى انه يجب ان يتضمن ذلك في الرد على كتاب التكليف السامي.
وأشار إلى ضرورة أن يقود الرئيس حوارا وطنيا شاملا على محاور التنمية المستدامة اقتصاديا واجتماعيا واقتصاديا وبيئيا لخلق اجماع وطني على السياسات والبرامج الحكومية القادمة لكي لا تكون مجرد املاءات من صندوق النقد الدولي، إلى جانب تخفيض سقف الشروط والمطالب في ضوء البيئة السياسية والاقتصادية والاداء الاقتصادي وسط البيئة الملتهبة.
وكان الرزاز أكد أمس أن الحكومة ستقوم بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل بعد اداء اليمين الدستورية، مشيرا أن الحكومة قررت بعد اجراء المشاورات مع مجلسي النواب والأعيان وبالاتفاق معهما أن تسحب قانون مشروع الضريبة. وأشار إلى أن سحب القانون سيأتي بعد اداء قسم الحكومة.
ولفت إلى أن الحكومة ستخرج بتوجهات واضحة بعد إجراء المشاورات والحوار مع مجالس الأعيان والنواب والنقباء.
وأضاف أنه لا بد من المباشرة باتخاذ إجراءات فورية لإعادة العربة إلى مسارها الصحيح، مشيرا إلى حق المواطنين بالتعبير عن آرائهم سواء بالتظاهر أو عبر وسائل التواصل.
وبين ان هذه اللقاءات تشكل أولوية فيما يتعلق بقانون ضريبة الدخل وثانيا في البرنامج المقبلين عليه، مؤكدا أن الأولوية الاولى للتشاور مع مجالس النواب والأعيان والنقابات قبل تشكيل الحكومة الجديدة.