إسقاط حماس مصلحة "إسرائيلية"؟- اسرائيل اليوم

الساعة 12:14 م|03 يونيو 2018

فلسطين اليوم

بقلم: جيرشون هكوهن

ان النقد على الانهاء المبكر لجولة القتال الاخيرة في غزة "قبل أن تحسم المعركة"، ليس جديدا. فهو يشبه بقدر كبير خيبة أمل الجمهور في ساحة الملاكمة حين لا تنتهي المعركة بالضربة القاضية. في ضوء خيبة الامل ينبغي السؤال، هل في هذا الوقت نحتاج الى هزيمة حماس بشكل عام؟ بخلاف ساحة الملاكمة، فان نتائج القتال يجب أن تحاكم في سياقها الاستراتيجي.

في صباح يوم الاربعاء، حين لم يكن احد يعرف اذا كانت جولة القتال قد انتهت، كان الطريق من مفترق يد مردخاي الى سديروت – اوفيكيم، بئر السبع تعج بحركة كثيفة مثلما في كل يوم. زخم الفعل في الاعمال التجارية، في المصانع، في الزراعة، في البناء وفي اجهزة التعليم بدا في ذاك الصباح اقوى من هلع الصواريخ وقذائف الهاون.

صحيح أنه كان مطلوبا لقيادة حماس خلف الحدود الانهاء باسرع وقت ممكن لجولة القتال، ولكن الدافع لم ينبع من ذات الحماسة الاساسية للعودة الى الحياة الطبيعية في الابداع المدني. فزخم التنمية والازدهار قمع في غزة قبل سنين. في صيف 2006 كتب الناطق بلسان الحكومة الفلسطينية في غزة، غازي حمد، يقول: "ما لها غزة؟ حزينة، مسكينة، جريحة، ينزف دمها بلا انقطاع، تذرف دموعها، شوارعها ملوثة، تفوح منها رائحة اليأس؛ علقت بنا جرثومة الغباء، لدرجة اننا نسير في الشوارع دون ان ننظر يمينا ويسارا". في الجرف الصامد ايضا واصل حمد البكاء على الخراب واليأس. ولكن في اوساط قيادة حماس، بل وفي المزاج في الشارع الغزي، رأيه لم يحدث أثرا حقيقيا.

هنا يتلخص الفرق بين مصالح اسرائيل ومصالح حماس وشركائها. من ناحية اسرائيل، فان القدرة على اعادة الامن والاستقرار الى نمط الحياة العادي، في بلدات الجبهة ايضا، هي غاية النصر. اما حماس وايران فتريدان العكس: البحث عن كل سبيل لهز دائم للاستقرار في اسرائيل. في هذا السياق يجب الحكم على السؤال هل نجحت اسرائيل في تحقيق ما تحتاجه في الجولة الاخيرة.

 بين الداعين الى اسقاط حماس، مثل حاييم رامون، وبين رجال اليمين التواقين لان يروا الجيش الاسرائيلي ينتصر "مرة واحدة والى الابد"، يوجد توقع مشترك لحسم نهائي. كلاهما يحذران من أن الهدوء مؤقت – وكأن شيئا ما في حياة الانسان يبقى الى الابد. مشكلة غزة مركبة، وللمشاكل المركبة لا يوجد حل ليس مؤقتا. هنري كيسنجر قال: "حل المشكلة القائمة يفتح بابا لمشكلة الغد". وهكذا، لنفترض اننا أخذنا باقتراح رامون، واحتلينا غزة، واسقطنا حكم حماس ونقلناه الى السلطة الفلسطينية: "سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد". هل هذا مرغوب فيه لنا؟

 يستوجب الاستيضاح موقفا من ثلاثة اسئلة: 1. التوقيت: هل خطوة حاسمة مرغوب فيها لاسرائيل في الظروف الاستراتيجية الحالية. 2. قدرة التحقيق: هل يوجد احتمال معقول في أن تحقق مثل هذه الخطوة نتيجة الاستقرار المطلوب؟ في تشرين الاول 2001 مثلا، نجح الامريكيون في أن يفككوا في غضون ثلاثة اسابيع قوات طالبان في افغانستان، منذئذ ورغم الاستثمارات الكبرى، لم يتحقق الاستقرار هناك. القتال ضد داعش في الموصل، بقيادة امريكية استغرق تسعة اشهر؛ على أي اساس يقدرون بان قتالا مشابها في غزة سيكون اقصر؟ 3. مسألة المصالح الاسرائيلية، العلنية والخفية: هل مرغوب فيه لاسرائيل اسقاط حكم حماس؟ ولماذا نرغب في أن نعيد الى الحكم، بدماء جنودنا، السلطة الفلسطينية من رام الله الى غزة؟

هنا تنفصل الطرق بين المواظبين على تطلعهم الى تقسيم البلاد في حل الدولتين، في صيغة براك واولمرت التي تنطوي على انسحاب اسرائيلي شبه كامل الى الخط الاخضر وتقسيم القدس – وبين من يروا في ذلك خطرا وتهديدا استراتيجيا محملا بالمصيبة. ان الحسم الاسرائيلي في هذا الخلاف يسبق الحاق الهزيمة بحماس في غزة.