منكوبون..بالعنصرية، والقوة العمياء- علي عقلة عرسان

الساعة 08:47 م|22 مايو 2018

فلسطين اليوم

مهما بحثت في تاريخ الحرب والسلم، وفي تاريخ الصراعات والنزاعات، فلن تجد أحطَّ ولا أوقح ولا أكذب، من " صهاينة، إسرائيليين وأميركيين"، يسفكون دم الإنسان بعدوانية واستمتاع، ويستهينون بحياة البشر وبحقوقهم وحرياتهم، ويهددون الدول والشعوب ويبتزونها، وينهبون ثرواتها، ويثيرون الحروب لترويج السلاح، والفتن لتدمير الشعوب، ويستثمرون في الإرهاب ويمارسونه.. ويدَّعون، في الوقت ذاته، أنهم يدافعون عن الحياة والحقوق والحريات، وعن الأمن والسلم الدوليين، ويصنفون الدول في محاور خير وشر، " هم الخير وغيرهم الشر؟!"، ويدعون أنهم يحاربون الإرهاب والتطرف ومَن ينشر التوتر  ويغذيه، ويقولون إنهم " ديمقراطيات" وحيدة، أو شبه وحيدة، ومعصومة من الخطأ؟! إلى آخر ذلك من ادعاءات تكذبها ممارساتهم والوقائع.. وهم، في حقيقة ما يفعلون ويستبيحون، أفسد الخلق، وأشدهم خطراً على حياة الإنسان وحقوقه، وعلى الأمن والسلم والعدل والقانون، وأكثرهم الناس كذباً وافتراداً وإجراماً.. والديمقراطية التي يمارسونها فاسدة، تكرس العنصرية، وهي محكومة بالمال السياسي، وبمصالح منتجي السلاح، والمتاجرين بالحروب، وبالدم البشري، وبغير ذلك من البضائع، السياسية وغير السياسية، التي تهدد الآخرين. وديمقراطية " إسرائيل" بالذات، تمارس أبشع أنواع التمييز، وبأقذر الأساليب، فالعرب فيها مواطنون من الدرجة الرابعة، وتُسنّ ضدهم قوانين، والعدل وتنفيذ الأحكام، بيد الإرهابيين والمتطرفين من أمثال نتنياهو وشكيد وبينيت وليبرمان وأمثالهم من العنصريين.. وتجسد فساداً سياسياً في الحكم، قد يكون أفسد أنواع الحكم الديمقراطي في العالم.

ومهما بحثت فلن تجد تزويراً فاضحاً، يتلطى في زواريب الموضوعية والمنهج، ويسدل على نفسه مسوحهما، ويشمخ برأسه من دون حياء، كتزوير المسؤولين والباحثين الصهاينة عامة، واالإسرائيليين منهم خاصة، للحقائق والوقائع، ولمفاهيم الحق والعدل، والمسؤولية الأخلاقية والإنسانية؟! إنهم اليوم، يحملون المقاوَمة الفلسطينية في غزة، مسؤولية ما قام به جيشهم، جيش الذبح الإسرائيلي، المجرد من الأخلاق والقيم، من مجازر، ومن فتك بالفلسطينيين العُزَّل، على حدود الحصار القتَّال، لمليوني فلسطيني في غزة، منذ أحد عشر عاماً، وإزهاقهم لأرواح الأبرياء، وإلحاقهم إصابات وجراحاً متنوعة بأكثر من عشرة آلاف فلسطيني خلال شهرين، وارتكابهم مذبحة يوم ١٤ مايو/ أيار ٢٠١٨.. والأدهى الأمر، احتجاجهم على من يطالب بتخقيق مستقل بتلك الجرائم، ومطالبتهم بمحاكمة ضحاياهم بدلاً من محاكمتهم هم، القَتَلة الذين تصدوا للمتظاهرين العزَّل، بالرصاص الحي، ومدافع الدبابات، وبالمروحيات الحربية،؟! ويعلنون بوقاحة متناهية، نجاح جيشهم المدجج بكل أنواع الأسلحة، وبعقيدة القتل والكراهية، في الدفاع عن نفسه وعن "الدولة"، وانتصارهم على مدنيين لا يحملون أي سلاح، خرجوا للتعبير عن معاناتهم المُرة، ومن أجل حقوقهم المستَلبة في وطنهم التاريخي فلسطين، واحتجاجاً على انتهاك مقدساتهم وتدنيسها، وللفت نظر العالم، إلى حقيقة ما هم فيه من مآسٍ؟!

بعد أن منعوا مجلس الأمن الدولي من تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، بجريمتهم البشعة على حدود غزة، با لفيتو العبثي للسيد ترامب وإدارته العنصرية، يحتجون اليوم على مجلس حقوق الإنسان الذي قرر تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، لتحقق بتلك الجريمة، ويتهمونه بالوقوف ضد دولتهم " دولة الإرهاب، إسرائيل"، حيث قالوا، ويقولون: " إن القرار ” أثبت مرة أخرى أن المجلس منظمة ذات أغلبية معادية تلقائيا لإسرائيل، ولها اليد العليا في النفاق والعبث".. و"ترى الخارجية الإسرائيلية أن نتائج مثل هذا التحقيق معروفة بشكل مسبق، وتهدف إلى منع إسرائيل من ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها، وتشويه صورة الدولة اليهودية."؟! ويتهمون المجلس أيضاً بـ "اللاسامية"، تلك البضاعة السياسية الأكثر من فاسدة، بأيدي فاسدين، يستعملونها لإخافة بعض " المذعورين" أصلاً، وللتخلص من المُساءلة القانونية، ومن المسؤولية الأخلاقية عن جرائمهم، وذريعة لتدخل صهيونية - عنصري - غربي، بشؤون من يطلقون عليهم تلك " الوصفة الفاسدة".  

اليوم، الثلاثاء، الثاني والعشرون من أيار/ مايو، استدعت، ما تُسمَّى وزارة الخارجية في تل أبيب، سفيري إسبانيا وسلوفينيا، وغداً دور الاستدعاء لسفير بلجيكا، لأن هذه الدول الأوروبية الثلاث صوتت لصالح قرار تشكيل لجنة تخقيق مستقلة، تحقق با الجريمة، في مجلس حقوق الإنسان.. وهذا، بنظر الدولة الخارجة على القانون " إسرائيل"، وبنظر حاميها الأميركي، يستحق الاحتجاج، بل ربما التوبيخ؟! ولا نعرف كيف سيكون رد فعل دول تلك الدول المستقلة، على التدخل " الإسرائيلي" الوقح، في قرارها السيادي، ولا رد فعل موغوريني، باسم الاتحاد الأوروبي، على هذه الوقاحة؟!

وقبل ذلك بأيام، قام " كيان الإرهاب، إسرائيل"، بتوجيه اتهامات وإساءات للجمهورية التركية ورئيسها، لأن الأخيرة، سمَّت الأشياء بمسمياتها، بمسؤولي أخلاقية، من دون خوف أو تخاذل، وقالت إن " إسرائيل" ارتكبت مذبحة، وأنها " دولة إرهاب، وتمارس إرهاب الدولة".. وهذا الذي وصفت به تركيا " الكيان الصهيوني"، هو الحقيقة وعين الصواب، وما ينبغي أن يرتفع به صوت كثير من الدول والمؤسسات والشخصيات الحرة في العالم.. وما قامت به تركيا من طرد لسفير تل أبيب، ومن سحب لسفيرها من تل أبيب، هي وجنوب إفريقيا، احتجاجاً على نقل سفارة ترامب إلى القدس، المدينة العربية الفلسطينية، تاريخياً وإلى الأبد، هو ما يجب أن تفعله كل دولة عارضت نقل السفارة الأميركية إلى القدس، لأن ذلك الفعل الذي قام به الصهيوني ترامب، فعل غير مسؤول، وغير قانوني، ومخالف لقرارات مجلس الأمن الدولي حول موضوع القدس وقضية فلسطين، ويشكل خرقاً فاضحاً للشرعية الدولية، ويتسبب في مضاعفة غير مسؤولة، وربما متعمَّدَة، لتصعيد التوتر في المنطقة.. فضلاً عن أنه مناصرة وقحة وفاضحة، من الإدارة الأميركية، لـ " إسرائيل" العنصرية العدوانية المحتلة، على حساب الشعب الفلسطيني الضحية.

كلمات دلالية