دم وفرصة- يديعوت احرونوت

الساعة 06:58 م|18 مايو 2018

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

صلاح البردويل هو أحد الناطقين بلسان حماس في غزة. عندما روج لاحداث يوم الاثنين في الاعلام الفلسطيني، مجد بطولة منظمته، وتضحيتها. فقد قال ان "50 تقريبا من الـ 61 قتيلا هم من رجال حماس. رسالة واحدة للرأي العام في العالم؛ رسالة معاكسة للجمهور في البيت: نحن نعرف التكنيك.

اما في الجيش الاسرائيلي فقد سارعوا الى تبني القصة. وبدا هذا كمقطع من اسطورة الفصح: 61 ناقص 50 يساوي 11. الرضيعة لا تحتسب: فقد ماتت بخلل في القلب؛ اثنان قتلا في حادثة عمل. والنتيجة اننا قتلنا ثمانية مواطنين فقط، 10 في الحد الاقصى.

الجيش الاسرائيلي يخرج من يوم المعركة على الجدار باحساس بالنصر. الجدار لم يقتحم، الصواريخ لم تطلق، احد لم يقتل في الطرف الاسرائيلي، ولم يختطف أي جندي. وباستثناء بضع عشرات الحرائق في المناطق الزراعية، لم تكن أضرار. في بلدات غلاف غزة احتفلوا بالفصح، بيوم الاستقلال وبباقي الاعياد بلا عراقيل. حماس وصلت الى نقطة درك لم يشهد لها مثيل، ولا حتى بعد الجرف الصامد. يوجد هنا انجاز وتوجد فرصة. عبء القرار ينتقل الى القيادة السياسية.

في يوم الثلاثاء، يوم النكبة، سافرت على طول الحدود في غلاف غزة. اذا كان وصل يوم الاثنين 44 الف غزيا الى نقاط الاحتكاك على طول الجدار، ففي يوم الثلاثاء وصل بضعة الاف. والقلائل الذين تقدموا الى الامام، تحت ستار الدخان الاسود الذي انبعث من الاطارات المحترقة، صدوا. وانتهى اليوم بقتيلين. ريح باردة، نسيم، هبت على طول اليوم من بحر غزة. وبعد الظهر اشتدت الريح، وبالون هيليوم مشتعل وصل من معبر كارني وسقط في حقل قمح، قرب جدار كيبوتس ناحل عوز، وقريبا جدا من سيارتي. وفي غضون دقائق وصلت النار الى ارتفاع متر ونصف وتقدمت في خط مباشر، تتقدم وتحصد، مثل المنتج الحي. كان في النار جمال مخيف، جمال شيطاني.

بعد عشر دقائق وصلت سيارة الاطفاء الاولى. تندر مسؤول الامن في شكده، قرية زراعية في المنطقة. وبينما كان يمد انبوبه، ووصلت سيارتا اطفاء كبيرتان الى الحقل مع خراطيهما، ومجندات من كتيبة كركل، مسلحات بمكانس اطفاء، وقفوا في صف امام النار وورائهن جاءت جرافة تي 9 عسكرية كبيرة، حطمت المزروعات بلا رحمة. وفي غضون 20 دقيقة هزمت النار في ناحل عوز. ولكن في هذه الاثناء، شرقا، قرب مفترق ساعد، احرق بالون هيليوم حقلا آخر.

بقوى عالية

 حماس، قال أحد القادة في الميدان، خططت لتحويل يومي الاثنين والثلاثاء الى مواجهة بقوى عالية. وكان التطلع لمشاركة حتى 200 الف شخص. كل من صعد الى الباصات حصل على 50 شيكل والعائلة حصلت على 100 دولار. وتلقى رجال حماس امرا بالوصول الى الاحداث مع عائلاتهم. في المواجهات السابقة كانت خمسة مراكز احتكاك. اما يوم الاثنين فكانت 12.

من ناحيتهم كان هذا حدثا عسكريا مدارا. كان لهم قادة كتائب اخذوا موقع القيادة على كل الجبهة، خلايا متخصصة، وسائل قتالية. أمر اليوم لم يترك مكانا للشك: يوم الاثنين سيكون الحضور في الساعة العاشرة صباحا. وستتحدد ساعة الصفر، التي يتقدم بعدها المتظاهرون من كتلة واحدة وبصدر مكشوف نحو الجدار. يجلب المتظاهرون سكينا او مسدسا، ويخبئونها تحت الملابس ولا يستخدمونها طالما لا يلتقون الجنود او السكان الاسرائيليين. والطلب هو عدم قتلهم بل جلبهم: هذه ورقة مساومة حساسة تخافها اسرائيل؟

وماذا من جانبنا؟ يوم الخميس الماضي جرت لعبة حرب بمشاركة قادة الـ 12 كتيبة التي رابطت في نقاط الاحتكاك. ودعا قائد المنطقة الجنوبية ايال زمير الى اقصى درجات ضبط النفس؛ البحث في كل هجمة جماهيرية محرضا مركزيا واطلاق النار على اقدامه. اما الاخرون فلا تطلق النار عليهم الا اذا وصلوا الى مسافة صفر عن الجدار. في الليلة التي بين الاحد والاثنين ادخلت شاحنات الى ساحة الفصل الامني – قاطع بعرض 100 متر داخل غزة يفصل بين السياج المتلوي والسياج الالكتروني. ورش الشاحنات المادة النتنة على طول السياج على أمل ان تردع. ونثرت الحوامات الغاز الذي كان يفترض ان ينزل بين الجماهير. بعض الحوامات دمرت. ووزعت الاف المناشير. وأكثر من ذلك، يقول مصدر عسكري في الميدان، لم يكن بوسعنا ان نفعل.

 وكان الخوف هو انه اذا اقتحم الجمهور السياج، فسيقتل مئات. ومنعا للمذبحة رابطت قوات الشرطة في الخط الثاني والثالث. وطورت تقنيات لاحتواء وصد الجماهير لاعادتهم الى اراضي غزة.

 وكان التفكير في الجيش الاسرائيلي دفاعيا: كان الافتراض انهم اذا هاجموا أهدافا نوعية لحماس، فمن غزة سيردون بنار الصواريخ. وستتشوش الحياة في الجبهة الداخلية. ونشأ نوع من الحوار، حيث يركز الطرفان على السياج. واستخدم سلاح الجو ضد اهداف لحماس في الساعة الخامسة بعد الظهر فقط. بعد أن اطلقت خلايا من المنظمة النار على قوات الجيش الاسرائيلي. كانت هذه نقطة الانعطافة: ثمانية اهداف هوجمت، فسحبت حماس فورا الجمهور الى الوراء.

يوم الاحد مساء، قال اللواء زمير لرئيس الاركان انه يخشى ان ينتهي يوم الغد بـ 100 – 200 قتيل. كان هذا هو التقدير العام.

في أقصى الطرف

الخطة الاولى لرئيس حماس في غزة، يحيى السنوار، كانت الوصول الى مصالحة مع السلطة الفلسطينية. السلطة تدير غزة، وحماس تحتفظ بسلاحها. ابو مازن رفض، والضائقة في غزة تفاقمت.

اما الخطة الثانية فكانت جلب الجمهور الى الجدار دون أن تتدهور غزة الى معركة شاملة. وبالاجمال، فشلت الخطة. نجحت في رفع غزة الى العناوين الرئيسة في وسائل الاعلام الدولية، في احداث أزمة بين اسرائيل وتركيا، واعادة حماس الى جدول الاعمال في الضفة، ولكنها توقفت هناك. السؤال، قال مصدر عسكري، هو ماذا يقول السنوار لرجاله اليوم، هل توجد خطة ثالثة.

الفرضية في الجيش الاسرائيلي هي ان ليس له خطة ثالثة. فهو عالق بين حائطين، حائط تكتيكي وحائط استراتيجي. النشاط حول السياج سيستمر، في يام الجمعة لرمضان وفي 5 حزيران، يوم النكسة، ولكن الحائط التكتيكي لن يقتحم.

امام الحائط الاستراتيجي تجده معزولا: المصريون يسحقونه. قوات داعش في سيناء يرون فيه عدوا ويحبطون التهريبات في الانفاق. اسرائيل تغلق عليه من حواليه، واحتياجات السكان تضغط عليه من الداخل. وهو على شفا الانفجار، "في اقصى الطرف". وهنا جاءت الفرصة.

توجد أربع امكانيات: معركة عسكرية شاملة مع حماس؛ معركة عسكرية جزئية؛ سيطرة السلطة الفلسطينية باسناد اسرائيل؛ تسوية مع حماس. الحرب لا تريدها اسرائيل، وعملية منسقة مع ابو مازن ابعد من اي وقت مضى. فبعد أن احرق جمهور متحمس مساء يوم الجمعة المنشآت في الجانب الغزي من معبر كرم سالم، ارادت حماس التوجه فورا الى اعادة بناء ما دمر: فالحريق لم يتطابق ومصالحها. ثمن اعادة البناء هو 30 مليون شيكل. ويطرح السؤال، من سيدفع. السلطة رفضت، وفقط بعد أن مارست اسرائيل الضغط عليها، استجابت. المعبر اغلق ليس بسبب وحشية حماس بل لانه لم تتبقى حمالات خشبية لاستخدامها بتحميل البضائع.

اذا كانت الحكومة لا تريد حربا، لا تؤمن بامكانية تطيير حماس من غزة بدون حرب، ولا تؤمن بالسلطة، يتبقى افق واحد – تسوية.

التسوية هي تعبير بمنظور واسع، من اتفاق وقف نار، هدنة لعشر سنوات وحتى لتسهيلات هامة في المعابر. وزر الدفاع ليبرمان يقول انه لن تكون هدنة. وهو يقيم معارضته على الدروس التي تعلمها من حرب لبنان الثانية. يقول ليبرمان: "اعطينا حزب الله الهدوء في 2006. وتلقينا بعد 12 سنة حزب الله آخر تماما، مدرب جيدا، مع عشرات الاف الصواريخ. هذا ما تريد حماس ان يحصل في الجنوب.

ان لم تكن هدنة، فعلى الاقل خطوات مدروسة لتحسين الوضع الانساني والامكانيات الاقتصادية في القطاع. يمكن الاستعانة بتأثير مصر، بأموال دول الخليج، بالتدخل الاوروبي. لاسرائيل في هذا الشأن شرط مسبق، اخلاقي وسياسي: اعادة جثتي اورون شاؤول وهدار غولدن، وابرا منغستو وهشام السيد المحتجزين لدى حماس. الافتراض في الجيش الاسرائيلي هو انه عندما تفهم حماس خطورة وضعها، فانها سستدرج الاسرائيليين في التفاهمات.

 يوم الثلاثاء تحدث ليبرمان هاتفيا مع وزراء وموظفين في سلسلة من الدول الاوروبية. كلهم شجبوا العملية الاسرائيلية. ولم يجد لديهم استعدادا للتعاون؛ العالم العربي هو الاخير غير متحمس. وهو يقول: "الكل يقولون نعم نعم نعم، نعم، نعم، ولكن عندما يأتي هذا الى المضمون، يختفون. ليس لدينا شريك في الحل".

          فسألت "اين الابداعية. فمهم في النهاية سيسقطون عند حافة بابنا".

          فقال ليبرمان "هناك اساسان. الابداعية وقدرة الصمود".

                  

كلمات دلالية