البيان الحكومي لم يتطرق لأزمة الرواتب

"الذُباب" يشغل بال الحكومة وموظفو غزة "ولا ع البال"!

الساعة 05:38 م|08 مايو 2018

فلسطين اليوم

اتسع بيان حكومة الحمد الله لتخصيص مبلغ 2 مليون شيكل لشراء مصائد لمكافحة ذباب الزيتون، غير أنَّ البيان لم يتسع لذكر أي معلومة عن رواتب الموظفين العموميين "الغلابة" الذين أكلت الشمس وجوههم أمام الصرافات الآلية بإنتظار "فرج الله" وليس بيان الحمد الله؛ كونهم يعلمون أنهم ليسوا على أجندة سيادته.

سيلٌ من الشائعات والتصريحات الـ"فِشِنْك" ضربت الموظفين العموميين التابعين للسلطة على مدار الأيام الماضية، ولم تكلف الحكومة نفسها بإصدار بيان توضيحي على الأقل، والبيان اليتيم الذي صدر عن وزارة المالية بعد اعلان الرئيس صرف راتب جديد للموظفين، زاد من غموض الموقف.

"حال غزة الذي يصعبُ على الكافر" لم يعد يحرك مشاعر الحكومة ووزرائها ولا قيادة السلطة للأسف، الموظف الذي يقف أمام الصرافات الآلية يخشى العودة لأولاده كي لا يطلبوا منه مصروف المدرسة، ويخشى العودة كي لا تلاحقه مَحَلاَّت البقالة، والحلاقة، والصيدلية، ويخشى العودة كي لا يلاحقه الدائنون امام اطفاله ويصرخوا في وجهه "وين يا نصاب!".

حالةٌ من خيبة الأمل تسيطر على موظفي السلطة بغزة في أعقاب بيان وزارة المالية الأحد الماضي الذي خيب آمالهم التي علقوها على الوعود التي أطلقها رئيس السلطة محمود عباس في ختام أعمال الدورة 23 للمجلس الوطني والتي قال فيها "لم نتمكن من دفع الرواتب في غزة الشهر الماضي لأسباب فنية (..) اعتباراً من الغد (السبت) ستصرف الرواتب".

وبناءً على وعود الرئيس عباس اصطف المئات من موظفي السلطة أمام بنوك القطاع منذ السبت انتظارًا لصرف راتب جديد، وبالتزامن مع اصطفافهم أمام البنوك تواردت أنباء من وسائل الإعلام عن أنَّ البنوك ستفتح أبوابها لصرف الرواتب، الأمر الذي زاد من جرعة الأمل، غير أن بيان وزارة المالية اليوم الأحد أصابهم بإحباط شديد.

وكانت السلطة صرفت نحو 50% من رواتب موظفيها بغزة يوم 2 مايو الجاري، لكن الرئيس عباس قال في 4 من نفس الشهر إن الحكومة لم تتمكن من دفع رواتب الموظفين في غزة الشهر الماضي لأسباب فنية، وسيتم صرفها اعتبارًا من الغد (يوم السبت الماضي)، يشار إلى أن السلطة لم تصرف حتى اللحظة راتب شهر مارس للموظفين في غزة في حين صرفت رواتب الموظفين في الضفة المحتلة.

وجاء في بيان وزارة المالية "بناءً على تعليمات القيادة الفلسطينية، فقد تم تنفيذ توجيهات الرئيس محمود عباس بتاريخ 3/5/2018".

وقالت الوزارة "تم صرف رواتب جميع الموظفين في المحافظات الجنوبية بواقع 50% من إجمالي الراتب الأصلي، وصرف مخصصات أسر الشهداء والجرحى كاملةً، والتي تخص حوالي 25 ألف حالة"، مضيفةً "في حال وجود أية تعليمات إضافية، أو استكمالية من القيادة الفلسطينية، سيتم الإفصاح عنها وتنفيذها في حينه".

يونس الزريعي علق على بيان الحكومة الذي لم يأت على ذكر غزة كاتباً "تفاهة مجلس الوزراء من تفاهة قراراته، صمت على ضرر وكارثة تلحق بحياة الناس في غزة جراء قرار جائر بوقف وخصم رواتب الموظفين، ونطق بقرار بمستوى شعبة في مجلس بلدي لمكافحة البعوض ودرن ورقة الزيتون وذبابة الفاكهة!! الله يخزيكوا".

وكتب د. أبو عدي الشامي "مجلس الوزراء يقرر تخصيص مبلغ 2  مليون شيكل، لشراء المصائد والمواد والمستلزمات الأخرى، للقضاء على ذبابة تدرن أوراق الزيتون (..) في المقابل استاذ جامعي على رأس عمله منذ 23 عاماً ويؤدي واجبه، ينزل له سنه كاملة رُبع راتب لا يكفي سداد قرض بناء، ثم تم وقف الرواتب، ثم يذهب للبنك، ويقف امام الصراف ساعات ويجد رصيده حسابه صفر، واصبح متسولاً ونصاباً وكذاباً ولا يستطيع ان يوفر أدنى الاحتياجات لأبنائه .. ياريتنا ذباب .... حسبنا الله ونعم الوكيل".

وكتب بلال عاشور معلقاً على بيان الحكومة "الحكومة تخصص مبلغ 2  مليون شيكل، لشراء المصائد والمواد والمستلزمات الأخرى، للقضاء على ذبابة تدرن أوراق الزيتون .. شجرة الزيتون أهم من الانسان الفقير!".

موظف من غزة كتب معلقاً "حاسس حالي بحضر فلم أجنبي والمخرج قاعد بلعب بمقاطع النهاية .. تشويق وغموض وصدمات .. بالآخر المشاهدين الي حيموتوو".

وكتب محمد علي "بعد خطاب سيادته وعدتُ الدكانة والحلاق والصيدلية بالسداد، ووقفت على الصراف الآلي أنتظر راتبي لكن بيان وزارة المالية خيب آمالنا (..) نحن في حيرة من أمرنا، حسبنا الله ونعم الوكيل".

وكتب محمد حرب مُسْتَهْزِئًا "مزحة الرئيس في موضوع الراتب مش جريمة ايش هالشعب الي ما بتحمل مزح، كلنا بنقول بكرة وما بكون قصدنا بكرة بالضبط ههه".

وكتب الكاتب الساخر اكرم الصوراني معلقاً على بيان وزارة المالية "قاعد لوحدك كده سرحان .. بيان يمزك .. تقوم سطلان .. ألطم يلا .. ما تلطم يلا".".

في السياق، قال مسؤول ملف اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطيني د. زكريا الأغا "للأسف إن جميع التصريحات التي صدرت عن المسؤولين على مختلف مستوياتهم بخصوص رواتب العاملين في المحافظات الجنوبية خلال الايام الماضية ثبت أنها تصريحات مضلله وغير صحيحة".

وأضاف الأغا في تدوينة له على فيس بوك "هدف التصريحات الأخيرة تخدير هؤلاء الموظفين، وإنَّ ما يحدث هو استهتار بمشاعرهم ومعاناتهم".

وطالب الأغا الحكومة بإصدار بيان رسمي من يوضح الأمر ويبين الحقيقة، حتى وإن كانت مُرة، مختتماً تدوينته قائلاً "كفى استهتار ولا اريد أن أزيد".

وفرض الرئيس محمود عباس في إبريل 2017 إجراءات عقابية على قطاع غزة بدعوى إجبار حركة حماس على تسليم القطاع لحكومة الوفاق الوطني.

وشملت "عقوبات أبريل" خصم 30% لـ 50% من رواتب موظفي السلطة ثم وصل بعد عام إلى 70%، وتقليص كمية الكهرباء التي تراجع عنها بعد عدم خصمها من أموال المقاصة، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري.

ويعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني نسمة، أوضاعًا معيشية متردية، جراء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ نحو 12 عامًا، إضافة إلى استمرار العقوبات التي يفرضها عباس منذ قرابة العام عليه.