المشكلة ليست ابو مازن، بل الرواية - اسرائيل اليوم

الساعة 12:48 م|07 مايو 2018

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي كوبرفاسر

 

التصريحات المثيرة للحفيظة التي اطلقها ابو مازن عن اليهود وان كانت اصابت العالم بالصدمة، الا انها تكشف التجاهل لمواقفه ومواقف الفلسطينيين. ففي العام 1977 نشر أبو مازن كتابه "الصهيونية – البداية والنهاية". الكتاب، الذي لم يترجم عن العربية ابدا، يشرح باستطراد كل ما يكرره علنا في السنوات الاخيرة.

وحسب الكتاب، فقد فرضت الصهيونية على اليهود من الاستعماريين، الذين الزموهم، بخلاف ارادتهم، ان يروا أنفسهم كشعب وان يهاجروا الى فلسطين. ولتحقيق هذا الهدف، عملت الصهيونية على تفاقم أزمات اليهود في اوروبا وفي البلدان العربية، سعيا لاقناعهم بالهجرة (احدى الوسائل، التي يحللها ابو مازن في كتابه، تستند الى رسالة الدكتوراة خاصته، وهي المساعدة للنازيين).

وعلى حد نهجه، فان السبيل الى نهاية الصهيونية هو التعاون مع يهود العالم ولا سيما اليهود من الدول العربية، من العراق اساسا، ممن يعانون في اسرائيل من الظلم والتمييز، لاقناعهم بالعودة الى بلدانهم الاصلية، حيث تمتعوا بمعاملة جيدة.

في ضوء الدعوات لاستبداله، من المهم التشديد على ان اقواله لا تعكس فقط رأيه الشخصي؛ فهي ترتبط بالميثاق الفلسطيني، وتشكل اساسا للرواية الفلسطينية. وبموجب المباديء السبعة لهذه الرواية الزائفة – عديمة كل صلة بالتاريخ – لا يوجد شعب يهودي. اليهود هم فقط طائفة دينية، وعليه فليس لهم حق في دولة قومية (حتى الاعتذار الذي نشره ابو مازن عن اقواله كان لـ "ابناء الدين اليهودي"، وليس للشعب اليهودي)؛ ليس لليهود صلة تاريخية سيادية بفلسطين وعليه فلا اساس لمطلبهم العودة اليها، بينما الفلسطينيون كانسال الكنعانيين، هم الشعب الاصلي الوحيد هنا؛ اليهود هم مخلوقات لا يمكن تحملهم، ولهذا فقد اراد الاوروبيون التخلص منهم فأوجدوا الصهيونية، التي في المناسبة اياها كان يفترض أن تبني درعا ضد تعزيز قوة العرب والاسلام.

ان الكفاح ضد الصهيونية هو اساس الهوية الفلسطينية وكل أنواع الكفاح مشروعة (وعليه فان السلطة الفلسطينية تدفع الرواتب للمخربين وعائلاتهم)، وان كان طريق الكفاح المفضل كفيل بان يتغير وفقا لاعتبارات الكلفة – المنفعة (ابو مازن يعتقد، بانه ليس مجدا الان استخدام السلاح الناري او حتى انواع معينة من السلاح الابيض، في اطار الكفاح العنيف، وان كانت هذه برأيه ادوات مشروعه)؛ الفلسطينيون هم الضحايا الوحيدون للنزاع وعليهم ان يثبتوا هذه المكانة، مثلا، من خلال تخليد اللجوء وتعزيز وعي النكبة، وكضحايا لا ينبغي مطالبتهم بابداء المسؤولية؛ الكفاح الفلسطيني هو قومي وديني في آن واحد، ولا يمكن الفصل بينهما؛ والكفاح هو على كل ارض فلسطين، حتى وان كان ممكنا تحديد اهداف مرحلية.

ان التحريض الفلسطيني هو الجهد لغرس هذه الرواية في وعيهم، ونزع الشرعية ضد اسرائيل، والذي يقوم به الفلسطينيون في الساحة الدولة هو المعركة لغرس هذه الرواية في الرأي العام العالمي.

لا يكفي استبدال ابو مازن، بل والرواية الفلسطينية، وهذا اصعب. ابو مازن كان يمكنه أن يحاول تغيير الرواية، بحكم مكانته كآخر الآباء المؤسسين لفتح، ولكنه يفضل تعميق التزامه بالرواية من خلال ارتباطه، وعن حق، بالمفتي الحاج امين الحسيني.

"مسيرة العودة" في غزة، واحداث "يوم النكبة" الاسبوع القادم، هما تعبيران عن الالتزام الفلسطيني بالهدف بعيد المدى لنهاية الصهيونية. من يعتقد أنه في هذه الظروف يمكن التقدم في السلام، ويكفي عرض خطة ما والموعظة للفلسطينيين (مثلما يعمل بعض من المسؤولين الامريكيين اليوم ايضا) من اجل السماح بالتقدم، يتمسك بالتجاهل للمشكلة.