هو أيضا يتحدث الى قاعدته.. معاريف

الساعة 07:04 م|04 مايو 2018

بقلم: جاكي خوجي

(المضمون: ابو مازن يخاطب جمهوره اذ يتحدث عن كارثة اليهود ويكسب النقاط في اوساطه لعلمه انه لن يكون السلام في عهد نتنياهو وخطة ترامب لن تكون مقبولة ابدا - المصدر).

كان هذا هو الاسبوع الذي اظهر فيه ابو مازن بانه هو ايضا يعرف كيف يتحدث الى قاعدته. تسع دقائق ونصف من درس التاريخ الذي اعطاه هذا الاسبوع امام الكاميرات اثارت عليه كل اسرائيلي يرى نفسه وطنيا. ولكن من جهة ابو مازن، فليواصلوا الزبد. فهو يعرف بان من يتحدث الى قاعدته يكسب مرتين، مرة من السحر الذي تضفيه اقواله على جمهوره، ومرة ثانية من عربدة غضب خصومه.

ان فكرة الرئيس الفلسطيني عن السبب الحقيقي للاعتداءات الجماعية على يهود اوروبا صبيانية وعديمة الاهمية. صبيانية، لانها تعتمد على حقائق ضعيفة. عديمة الاهمية، لانها لا ترمي الى عرض اي حقيقة بل دفع اليهود الى العربدة غضبا. ابو مازن اذكى من جمهور مؤيديه، فهو كثير التجربة وطالت ايامه. مشكوك أن يكون فعلا يؤمن بان اليهود اضطهدوا لانهم يقرضون بالربا. ولكن في هذه الايام ما يعنيه هو الشارع. ليس البيت الابيض وبالتأكيد ليس الاسرائيليين.

ورغم ذلك، في محيطه كانت هذا الاسبوع بعض الشخصيات التي تساءلت بغضب، وليس لاول مرة، اذا كان عقله قد تشوش. فقد سألوا انفسهم اذا كان متأثرا بالصحبة التي تحيطه، برئاسة الناطق بلسانه نبيل ابو ردينة، التي تعطيه مشورات خاسرة أم ربما عمره المتقدم (83) بدأ يعطي مؤشراته. لقد كان هذا خطابا سياسيا طويلا، استغرق ساعة وخمسين دقيقة، عاد ابو مازن في اثنائه فرفض خطة ترامب. صحيح انه لم يقل له "يخرب بيتك" ولكنه هزء بان الخطة موضع الحديث لم تطرح بعد، منذ نحو سنة والنصف على بدء الرئيس الامريكي الحديث بكلمات كبيرة عن السلام الذي سيأتي. الخطاب يفتقر الى بشائر جديدة، ولكن على طريقته كان ابو مازن غنيا ومشوقا. ملابساته احتفالية: لاول مرة منذ 19 سنة، ينعقد مرة اخرى المجلس الوطني الفلسطيني، برلمان م.ت.ف .

منافس هتلر

الاقوال الباعثة على الخلاف عن اليهود لم يأت بها كحجته هو نفسه، بل كنتيجة لبحوث اليهود أنفسهم. ومن على رأسهم؟ شمس الشعوب، الرفيق يوسف ستالين، واحد يهوديته موضع شك كبير، ولكن دعكم من يهوديته. فستالين هو المنافس رقم واحد لادولف هتلر على خانة الطاغية الاكبر في التاريخ.

"اليهود الذين انتقلوا الى اوروبا الشرقية والغربية"، قال ابو مازن، "شهدوا كل 10 او 15 سنة مذبحة في دولة ما. منذ القرن الحادي عشر وحتى الكارثة في المانيا. لماذا حصل هذا؟ هم يقولون: لاننا يهود. سأجلب لكم ثلاثة يهود، فيثلاثة كتب، بينهم يوسف ستالين، والثاني كارل ماركس، قالوا ان الكراهية لليهود لم تنبع من دينهم، بل بسبب دورهم الاجتماعي، المرتبط بالفائدة وبالبنوك وبامور كهذه. والدليل هو أنه في الدول العربية لم تحصل حتى ولا حالة واحدة ضد اليهود. أرني حتى دولة عربية واحدة حصل فيها شيء ما على مدى 400 سنة، لانهم يهود، مثلما حصل في اوروبا. وبعد أن انهى من قول ذلك، اضاف ووصف اسرائيل بانها "غرسة غريبة". وادعى بانها مشروع استعماري، إذ نالت تسويغها من بريطانيا في تصريح بلفور. ورغم ذلك أنهى اقواله، لن نقتلهم (شكرا، شكرا)، بل سنعيش معهم، دولة الى جانب دولة.

ليس معقدا ان نخمن لماذا ركل الزعيم الفلسطيني الدلو ولماذا فعل ذلك الان بالذات فضلا عن النقاط التي يحققها له ذلك بين جمهوره. فهو يعرف ان السلام مع نتنياهو لن يتحقق في حياته. وقد اضيفت في السنة الاخيرة الى خيبات امله من اسرائيل حقن مليئة بالاهانة من البيت الابيض. فقد اتخذت الادارة الامريكية جملة من الاجراءات بحق رام الله اذ جمدت المساعدة السنوية لها واعلنت الولاء للقدس كعاصمة اسرائيل، وصاغت خطة سلام محاكة حسب مقياس نتنياهو: بدون القدس كعاصمة فلسطين، وابقاء الكتل الاستيطانية في ايدي اسرائيل. وفي الغرف المغلقة تعرضت قيادة السلطة الى اهانات اخرى من مبعوثي ترامب.

ولكن اين ذنب اليهود؟ بالفعل، الخازوق الاكبر حقا تلقاه ابو مازن من ولي العهد السعودي الامير محمد. فحسب نبأ نشرته باراك رابيد في القناة 10 قال الامير للزعماء اليهود في لقائه معهم في واشنطن ان فلسطين ليست على جدول اعمال السعودية مثلما كانت في الماضي. وقال لمضيفيه: "فليقبلوا ما يعرض عليهم، او يسكتوا".

يمكن ان نتهم ابو مازن باطلاق التصريحات اللاسامية. ولكن لا يمكن القول انه لاسامي. فعلى مدى سنواته كرئيس السلطة التقى في مكتبه وقي رحلاته وراء البحر الاف اليهود والاسرائيليين. وكمن حضر جزءا من هذه اللقاءات يمكن أن اشهد بان الموقف الذي يمنحه لمضيفيه محترم جدا، وبالتأكيد اكثر من الموقف الذي يكنه سياسيون اسرائيليون لجماعات الاقلية مثل العرب، اللوطيين والاصوليين. وهو يحب على نحو خاص اليهود الشرقيين ويهتم بهم. اتصالاته مع قيادة المخابرات والجيش الاسرائيلي خفية عن العين ولكنها وثيقة جدا، وتمنع سفك دماء الاسرائيليين. ليس هكذا يتصرف لاسامي. فهل هو لاسامي في الخفاء؟ مؤكد ان غضبه على القيادة الاسرائيلية كثير ولعله يتمنى ان تحل بها النقمة. ولكن ماذا يهم هذا ان يكون محبا لصهيون او عدوا لها. يمكن الاعتقاد بان احدا ما يعتزم صنع السلام معه قريبا.

مع بعض المساعدة من الاصدقاء

الكثيرون يتحدثون عن البحث الذي قام به ابو مازن في روسيا لغرض الدكتوراة. ويستخدم الاسرائيليون هذا البحث للاثبات بان رئيس السلطة ينفي الكارثة. قلة قرأوا الرسالة بلغتها الاصلية. واحدة فعلت هذا هي النائبة كسانيا سفتلوفا من المعسكر الصهيوني. وهي تعرف الروسية.

رسالة ابو مازن للدكتوراة كانت في 1982 في موسكو حين سكن في روسيا. وكتبها بالروسية، وهو امر مشبوه بحد ذاته. وتقول سفتلوفا: "في المقابلات التي اجريتها معه تبين انه لا يتحدث اللغة". يحتمل بالتأكيد ان يكون ابو مازن كتب الصيغة التي رفعت باسمه.

واضافت سفتلوفا انه في موقعين في بحثه يتجادل الكاتب في عدد المقتولين اليهود ويدعي بانهم اقل من 6 ملايين. وهو لم يأت باي جديد، بل يستند الى بحوث بريطانية. بعد سنتين من الدكتواة نشر الدكتور محمود عباس الرسالة بالترجمة الى العربية واصدرها في الاردن. وتقول النائبة: "الكتاب اكثر فظاظة من الدكتوراة واكثر سما". وهي تعتقد ان الدكتوراة ولدت كوسيلة دعاية "يبدو أن هذه رسالة ولدت كتعبير عن السياسة السوفياتية التي كانت مناهضة للصهيونية ومناهضة لاسرائيل. ولنفي الكارثة كان مكان في الاتحاد السوفياتي في حينه، اذ انهم هناك لم يعترفوا ابدا بكارثة الشعب اليهودي. خسارة أن ابو مازن تبنى هذه الرواية، واليوم ايضا يواصل نشر اساطير لاسامية كي يكسب بعض النقاط لدى الجمهور الفلسطيني". وكانت بانتظارها مفاجأة حين بحثت عن اسم موجه الدكتوراة. وكان هذا يفغيني بريماكوف، الذي انخرط لاحقا في صفوف الكي.جي.بي وادي وظائف كبيرة وبعد ذلك عين وزيرا للخارجية في روسيا ورئيس حكومة في عهد الرئيس يلتسين. امه كانت يهودية.

كلمات دلالية