الجيل الجديد لجرائم الكراهية-هآرتس

الساعة 01:18 م|30 ابريل 2018

فلسطين اليوم

بقلم: يوتم بيرغر

السيارة التي دخلت في الاسبوع الماضي داخل بوابة مستوطنة يتسهار قرب نابلس لم تثر في البداية اهتماما خاصا. في المقعد الامامي لسيارة التيوتا البيضاء جلست امرأة تضع على رأسها شال وشاب يعتمر القبعة الدينية، الذي نزلت من اطراف ملابسه اهداب طويلة. على خلفية السيارة الصقت شعارات تتماثل مع اليمين المتطرف مثل "لا يوجد عرب، لا توجد عمليات". بعد حوالي مئة متر داخل المستوطنة توقفت السيارة وقفز من المقعد الخلفي شرطيان بملابس مدنية، وقاما باعتقال فتى صغير، ودفعاه الى داخل السيارة وغادروا المكان.

نشاط مستعربي الشرطة لشؤون المستوطنين يبدو في الضفة الغربية نادرا، وايضا القدامى في يتسهار لم يتذكروا اعتقال كهذا. صور السيارة دلت على أنها كانت نظيفة تماما، ويبدو أن الملصقات التي وضعت عليها تم الصاقها قبل وقت قصير فقط، رغم أن قدامى يتسار قالوا إن جزء منها لم يتم الصاقه منذ سنين. الحادثة تم توثيقها بالفيديو من قبل رجل موقع "الصوت اليهودي" المتماهي مع اليمين المتطرف، وقد حظي هذا الفيديو بتعاطف كبير وربما يكون هذا هو الهدف.

لقد نسب للشاب أ. الذي اعتقل، إبن الـ 15 سنة، مهاجمة شرطي قبل بضعة اشهر من ذلك، وتم أخذه الى مركز الشرطة وحقق معه بسبب اعاقة شرطي عن أداء وظيفته، وتم اطلاق سراحه في نفس اليوم. في اليوم التالي اعتقل مرة اخرى، هذه المرة في بيت والديه في القدس، ومنذ ذلك الحين لم يطلق سراحه. محاميه الذي جاء من قبل منظمة "حونينو"، ناتي روم، قال للصحيفة بأنه التقى معه أمس فقط بعد أن حظر عليه الالتقاء معه لبضعة ايام، وفي مساء أول أمس فقط تمكنا من التحدث بالهاتف. حسب اقواله، الشاب قال له إنه تم ادخاله الى غرفة اعتقال مع شخص عرف نفسه كمريض نفسي وادعى بأنه متهم بمخالفات جنسية بهدف جعله يعترف بمشاركته في اعمال "تدفيع ثمن" اخرى. في منظمة "حونينو" التي تمثل ايضا شقيقه الاكبر منه، وهو من نشطاء اليمين المتطرف معروف، اتهم في السابق بتنفيذ هجمات قومية، اشاروا الى أن الشقيق اعتقل أمس بسبب اعاقة شرطي وتم اطلاق سراحه عند انتهاء التحقيق.

جهات تعرف أ. ادعت أنه لا يوجد للشاب أي علاقة بنشاطات غير قانونية، لكن الشرطة على قناعة بأنه مسؤول عن جريمة "تدفيع ثمن" واحدة نفذها بنفسه، وهم يحاولون ربطه باحداث اخرى. حقيقة أنه اثناء اعتقاله تم رش شعارات تحمل اسمه على سيارات فلسطينية تصعب عليه الادعاء في التحقيق معه بأنه غير مرتبط بأحداث اخرى.

حسب تسجيلات المحكمة، أ. متهم بالمشاركة في جريمة كراهية نفذت في القدس في شهر شباط الماضي. ولكن في الملف قدمت مادة سرية، وفي الاسبوع الماضي مدد قاضي محكمة الصلح في القدس اعتقاله لستة ايام. وأمس تم تمديد اعتقاله ليوم آخر، وحسب جهات مطلعة على التفاصيل، يتبين من مواد التحقيق أن هناك شك كبير حول خطورته ازاء الدافع الايديولوجي لاعماله.

اعتقال طويل جدا بتهمة المشاركة في تنفيذ عملية "تدفيع ثمن" واحدة هو أمر غريب. والشاذ اكثر من ذلك هو قرار الشرطة منع الشاب من الالتقاء مع محاميه على مدى فترة طويلة من اعتقاله. هذه الحادثة يجب أن تقلق كل مواطن اسرائيلي بدون تمييز سياسي، قال أمس المحامي روم. "فتى إبن 15 سنة ليس له ماض جنائي ومتهم بمخالفة رش الكتابات على الممتلكات وتخريب اطارات السيارات، يختفي في اقبية تحقيق الوحدة المركزية لشرطة لواء الضفة الغربية ويتم اخفاءه عن والديه ومحاميه، وفقط بعد التوجه للمحكمة تتذكر الشرطة اصدار أمر غريب جدا، من المشكوك فيه أن يكون قانوني، يمنع التقاءه مع محاميه. في اسرائيل 2018 الشرطة تخرق القانون".

موجة جرائم الكراهية

اعتقال أ. يوفر لنا نظرة على الطريقة التي يحاول فيها الشباك والشرطة التغلب على موجة جرائم الكراهية الاخيرة التي تغرق الضفة الغربية. في السنوات الاخيرة، لا سيما منذ احراق عائلة دوابشة في دوما، اعتادت الاجهزة الامنية على ابعاد نشطاء بارزين من اليمين لفترات طويلة بأوامر ادارية. في اليمين المتطرف عبروا عن الغضب الشديد على استخدام هذه الأوامر، التي هي ليست نتيجة اجراءات قانونية، لكن في الاجهزة الامنية تفاخروا بأنها ناجعة نسبيا. الادعاء المركزي كان أن ابعاد نشطاء متطرفين معينين يؤدي الى تهدئة النشطاء الذين بقوا في المنطقة.

لكن مؤخرا الوضع تغير. في الاسابيع الاخيرة منذ محاولة احراق المسجد في قرية عقربة بعد يوم الكارثة، يبلغ فلسطينيون في الضفة الغربية تقريبا كل يوم عن احداث من النوع المسمى بـ "تدفيع الثمن". في عدد من العمليات التي نفذت بعد اعتقال أ. تم رش اسمه على سيارات فلسطينية. "تحية لـ أ." كتب المنفذون الذين هم ايضا قاموا بتدمير ممتلكات، في الاساس سيارات واشجار زيتون.

في يوم الجمعة الاخير تم قطع حوالي 15 شجرة زيتون في احد الحقول القريبة من قرية عوريف قرب نابلس. وفي اليوم التالي تم ثقب اطارات شاحنة وسيارة اخرى كانت متوقفة قرب القرية. وفي ذلك المكان تم رش شعارات منها "حاربوا العدو" و"تدفيع الثمن". قبل ايام من ذلك تم احراق سيارتين وكتابة شعارات في قرية دير عمار وقرية جالوت في الضفة الغربية، وفي قرية اكسال في الجليل. في اكسال كتب شعار "أيها اليهود، هيا لننتصر". وفي دير عمار كتب على سيارة "لنأخذ مصيرنا بأيدينا" وتم ذكر اسم أ.، وفي جالوت كتبت شعارات مشابهة. الشرطة فتحت تحقيق حول ذلك، لكن لم يتم اعتقال متهمين بعد.

فقط صباح أمس حدثت حادثة مشابهة، حيث تم ثقب اطارات بضع سيارات في قرية ترمس عيا التي تقع بين نابلس ورام الله. وفي المنطقة تم رش شعارات مثل "دعونا نتولى امرهم". الشرطة فتحت تحقيق، لكن لم يتم اعتقال متهمين. منذ بداية شهر نيسان تم تنفيذ 14 عملية كهذه، تقريبا ضعف العمليات التي نفذت في 2017 – في تلك الفترة حدثت 8 عمليات "تدفيع ثمن" واعمال ارهاب يهودية. هذا على الرغم من أن اصدار الاوامر الادارية استمر.

في قوات الامن يجدون صعوبة في الاجابة على سؤال ما الذي أدى الى موجة هذه الاحداث، التي يبدو أن هناك خيط يربط بينها. في كل الحوادث يتم ثقب اطارات سيارات لفلسطينيين، ومنذ اعتقال أ. فان الشعارات العدائية التي يتم رشها على الممتلكات متشابهة. في عدد من الحالات تم توثيق المنفذين بالكاميرات، لكن لأنهم كانوا ملثمين فلا يمكن تشخيصهم ولم يعتقل أحد. في قوات الامن يعتقدون أن احد الامور التي حركت موجة العنف هو وصول نشطاء جدد، صغار جدا، الى معاقل اليمين المتطرف في الضفة الغربية. وفي الشباك يقولون إنه في السابق كان معظم النشطاء أبناء 17 – 20 سنة، لكنهم يشيرون الى أن "سلسلة الاحداث العنيفة الاخيرة تميزت بمشاركة نشطاء لم يكونوا مشاركين في السابق في احداث عنيفة، عدد منهم صغار جدا، ابناء 14 – 15 سنة". وحسب اقوالهم، "القاسم المشترك للنشطاء الجدد هو غياب اطار تعليمي، الشعور باحتقار السلطات وتنفيذ اعمال عنيفة تعرض للخطر سكان المنطقة وأمنهم". وهم يشيرون الى أن بعض هؤلاء النشطاء هم من مواليد المستوطنات، لكن معظمهم ترعرعوا داخل الخط الاخضر. ومعظمهم ايضا لا يوجد لهم ماض جنائي. هم يأتون من بيوت متدينة، لكن فقط القليلون منهم يأتون من عائلات لديها وجهة نظر يمينية متطرفة، مناهضة للصهيونية، التي يعبر عنها هؤلاء الشباب.

في الاجهزة الامنية يشخصون مستوطنة يتسهار كبؤرة للنشاطات الجنائية الاخيرة. في المستوطنة لا يرضون عن هذا التشخيص، وعدد من السكان ينفون أن هناك مجموعة جديدة في المكان. لقد شرحوا أن المستوطنة كانت طوال الوقت بؤرة جذب للشباب، عدد منهم فتيان هامشيين، واشاروا الى أنه لم يحدث أي تغيير في هذا الامر في الفترة الاخيرة. "واقعيا، الكتلة الحاسمة للاحداث الاخيرة لم تحدث في محيط يتسهار، هذا معطى يتحدث عن نفسه"، قال احد سكان المستوطنة.

حسب السكان، التغيير الاخير في النسيج الاجتماعي حدث قبل اكثر من سنة، في حينه قامت قوات الامن باخلاء البؤرة الاستيطانية "بلاديم" التي كانت قريبة من كوخاف هشاحر، واعتبرت بؤرة لليمين المتطرف العنيف في الضفة. إن من عاشوا في هذا الموقع – شباب هامشيون في المجتمع الذي تربوا فيه، جميعهم تسربوا من اطر تعليمية – وطنية ويحتاجون الى مرافقة من سلطات المجتمع – تم توجيههم من هناك الى يتسهار. "في اللحظة التي قرر فيها الشباك مهاجمة "بلاديم"، واخلاء الموقع واخراج السكان من هناك، جلس معنا شخص من الجهات الامنية وقال لنا إن هؤلاء الشباب سيأتون الينا"، قال احد السكان، "كان ذلك قبل سنة ونصف. سألنا ماذا نعمل مع ذلك. قال لنا: تولوا امرهم بوسائل تعليمية".

في يتسهار يشتكون من أنهم فعليا لا يعرفون كيفية التعامل مع هؤلاء الشباب، ويغيرون طريقهم. حسب اقوال احد سكان المستوطنة، فان سلطات الشؤون الاجتماعية في المكان يتعاملون مع حوالي 5 – 20 من هؤلاء الشباب. وقد نفى أنه جاء الى يتسهار مؤخرا شباب جدد، وأكد أن الكثير من العمليات العنيفة الاخيرة لم تحدث أبدا في محيط المستوطنة. عدد من الاشخاص في يتسهار قالوا إن الشباك يستخدمهم مثل كبش فداء. "هناك عائلات تقوم باستضافتهم (الشباب الذي طردوا من بلاديم)، وهناك مرافقة خاصة وجزئية من وزارة الشؤون الاجتماعية تمكن من توظيف مركز شباب خارجي بوظيفة جزئية" قال أحدهم، "بالذات في 2017 حيث تركز عدد كبير منهم في يتسهار، كان هناك انخفاض دراماتيكي في الاحداث. هؤلاء الشباب يوجدون الآن هنا وغدا هناك، ليس هناك تغيير نوعي في عدد الاشخاص".

نظرية المؤامرة

المستوطنون يعرضون تفسيرات بديلة لارتفاع نسبة العنف. البعض قالوا إنه مؤخرا وزعت الجهات الامنية اوامر ابعاد ادارية كثيرة، الامر الذي اثار نشطاء اليمين المتطرف الذين لم يتم ابعادهم. بيانات قوات الامن تدحض هذا الادعاء – منذ بداية 2018 تم توزيع 16 أمر تقييد اداري على نشطاء "شبيبة التلال"، وعدد مشابه وزع في الفترة الموازية من السنة الماضية التي اعتبرت هادئة نسبيا.

عدد من المستوطنين لديهم مواقف تآمرية اكثر. في شهر حزيران من المتوقع أن تحسم المحكمة في الاجراء القضائي في قضية الاحراق في قرية دوما في 2015، بما في ذلك اتخاذ قرار اذا كانت ستقبل اعتراف المتهمين بالقتل، الذي حسب ادعاء محاميهم تم أخذه بالتعذيب. كل الاجراء يجري في غرف مغلقة بحيث أن وسائل الاعلام ممنوعة من اصدار تقارير عما يحدث فيها، لكن حسب ادعاء عدد من نشطاء اليمين "محاكمة دوما ستكون شديدة جدا (على الشباك). من اجل استخدام ضغط لعدم رفض الشهادات، فان الشباك يحاول تسخين المنطقة".

"هناك احتمالان"، قال للصحيفة مصدر من اليمين المتطرف يعرف جيدا "شبيبة التلال"، "إما أن الشباك لا يريد القاء القبض عليهم وإما أن هناك شخص يعرف ما الذي يفعله. فتيان أبناء 15 لا يستطيعون القيام بعدة احداث في كل ارجاء الضفة في كل ليلة دون القاء القبض عليهم. نظرية المؤامرة هذه التي تقول إن الشباك يحاول اشعال الارض من اجل عدم رفض المحكمة لشهادات المتهمين بالقتل في دوما، لا تنتشر فقط في القطاعات الهامشية لليمين المتطرف. وحتى عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش (البيت اليهودي) عبر عن موافقته على النظرية بتغريدة في تويتر. "يوجد لدي أكثر من شعور بأن احداث تدفيع الثمن العديدة في الايام الاخيرة هدفت الى اساءة سمعة "شبيبة التلال" كجزء من جهود الشباك لتحليل التعذيب الذي مر به المتهمون بالقتل في دوما"، كتب.