"إسرائيل" لن تسمح بحرب استنزاف على الجدار الفاصل مع غزة

الساعة 11:44 ص|19 ابريل 2018

فلسطين اليوم

في الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" اتخذ قرار بأنه في حال استمرت المظاهرات الجماهيرية حول الجدار، وازداد مستوى العنف بتشجيع من حماس؛ فلن يقتصر رد فعل الجيش الإسرائيلي على تخوم الجدار، بمعنى: ليس الدفاع فقط في وجه تهديدات اختراق الجدار، وإنما مهاجمة أهداف حماس.

المظاهرات الكثيفة على الجدار، وتوجهات حماس لمواصلة القيام بها، أعادت إلى معاجم الجيش الإسرائيلي المصطلح المعروف في العمليات العسكرية "بنك الأهداف"؛ هذا المصطلح يتضمن معسكرات تدريبات نشطاء حماس، ومواقع السيطرة، ومراكز الشرطة، ومصانع إنتاج الذخيرة وإنتاج الصواريخ، ومخازن العتاد العسكري، بما في ذلك مخازن الصواريخ، وغيرها.

قرار تجديد بنك الأهداف اتخذ في الأسبوع الأخير، على افتراض أن حماس معنيّة بإقامة حرب استنزاف مستمرة على الجدار. رغم ان منظمي الاحتجاجات أشاروا إلى تواريخ محددة لـ "مسيرة العودة"، من يوم الأرض وحتى يوم النكبة (15 مايو)؛ لكن التقديرات هي أن حماس تنوي اعتماد أسوب مظاهرات الجدار وإنتاج مسلسل من العنف الدائم حتى بعد يوم النكبة، ويوم الذروة المتحدث عنه، وهو يوم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

من جهة حماس، فإن مظاهرات الجدار هي نجاح رغم أعداد المصابين الكبيرة. حصار غزة وضائقة القطاع عادا إلى جدول أعمال العالم (رغم ان الهجوم في سوريا صرف الاهتمام في الشرق الأوسط من غزة إلى سوريا)، حماس نجحت بإيجاد تعهدات من المتظاهرين غير المسلحين ممّن يريدون الاحتجاج على ضائقتهم، لكن الجيش الإسرائيلي يطلق النار عليهم دون تمييز.

مصدر أمني إسرائيلي قال لي بأن حماس لها هدفيْن يشجعانها على مواصلة المظاهرات العنيفة على الجدار حتى بعد التواريخ المحددة من قبلها؛ الهدف الأول: جعل الجيش الإسرائيلي يتواجد بقوات كبيرة، وبشكل دائم، على امتداد حدود القطاع، والثاني: مواصلة إثارة اهتمام الرأي العام الدولي بقضية الحصار، وبالتالي خلق ضغط على إسرائيل من أجل رفعه.

طريقة منع تحول الاحتجاجات إلى عمل روتيني - كما تخطط حماس - هي في الطريقة التي يرد بها الجيش الإسرائيلي، فمنذ البداية اعتبرت مظاهرات الجدار في إسرائيل بأنها أعمال إرهابية بكل معنى الكلمة، حيث ان رجال حماس يشتغلون ليس فقط في تشجيع المتظاهرين، وإنما أيضًا في القيام بعمليات تخريبية واضحة مثل نصب العبوات المتفجرة على امتداد الجدار ومحاولات اختراقه. الاستنتاج في إسرائيل هو أن مواجهة مسلحة علنية تجري مع حماس على امتداد الحدود، الأمر الذي يستدعي رد الجيش الإسرائيلي العسكري المناسب.

بعد مظاهرات الجمعة الاخيرة بيومين (14 ابريل) أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اكتشف مؤخرا نفقًا آخر لحماس في شمال القطاع. وحسب أقوال وزير الأمن أفيغدور ليبرمان فإنه النفق الأطول والأعمق والأكثر تكلفة الذي تم اكتشافه إلى يومنا هذا، وفي إعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ورد أن النفق كان مقامًا على أرض جباليا في شمال القطاع بالقرب من المنطقة التي جرت فيها خلال الأسابيع الأخيرة مظاهرات من قبل الفلسطينيين، وفي الجيش الإسرائيلي يستعدون لإمكانية ان تستخدمه حماس في تنفيذ عملية تحت غطاء المظاهرات.

توقيت الإعلان بعد مظاهرات الجدار في الجمعة الأخيرة، والربط الذي قام به المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بين المظاهرات والزعم الإسرائيلي بأنه تمويه لعملية إرهابية أوسع؛ يراد منه بث رسالة واضحة لحماس ان عليها أن تحذر، وأن الاستمرار بالمظاهرات سيكلفها ثمنًا باهظًا.

طالما استمرت مظاهرات الجدار، وطالما بذلت حماس جهدها في توسيعها، وطالما كان حجم العنف ضد قوات الجيش الإسرائيلي في ازدياد؛ فإن الرد العسكري سيتسع وسيشمل أيضًا أهداف حماس في أنحاء القطاع. "إنه صراع بكل معنى الكلمة، وهكذا يجب التعامل معه" يقول المصدر الأمني، ويضيف ان "المعادلة واضحة: سيكون الجيش الإسرائيلي حرًا بالرد (في جميع أنحاء القطاع) على أي عمليات إرهابية تكون حماس مسؤولة عنها على امتداد الجدار".

عدا عن الرد العسكري، لدى إسرائيل أيضًا أدوات لفرض عقوبات على حماس. الصحيح أنه وإلى الآن فإن المعابر الحدودية تعمل بشكل اعتيادي، وحتى معبر البضائع في كرم أبو سالم استمر في العمل كالمعتاد في الأسابيع الأخيرة. عدد الشاحنات الداخلة إلى غزة - ورغم أنه قل بسبب انخفاض القوة الشرائية في القطاع - لكن الرسالة التي أوصلتها الإدارة المدنية مؤخرًا لقيادة حماس في القطاع هي أنه لا يمكن الفصل بين أحداث الحدود المستمرة وبين استمرار عمل المعابر بين إسرائيل وغزة كالمعتاد.

في نهاية الأسبوع القادم يخطط منظمو المظاهرات لتقديم "استعراض" سيمس - حسب رأيهم - بالمعنويات الإسرائيلية؛ والمعنى هو عرض تابوتيْ موتى عليهما أسماء قتيلي الجيش الإسرائيلي اللذيْن سقطا في "الجرف الصامد" وما تزال جثتيهما محتجزتان لدى حماس (هدار غولدن وأرون شاؤول)، كما ان المتظاهرين سيحملون صورًا للمواطنين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس ابراهام مانغيستو وهشام السيد.

منسق أعمال الحكومة في المناطق يؤاف مردخاي تطرق إلى الاستفزاز المخطط له على صفحته على الفيس بوك "المنسق" بالقول "يجب ان نحضر الشهداء للدفن وعدم تأجيل دفنهم؛ هكذا قال موسى وهكذا أمر محمد. لذلك يجب ان نحضر شهداءنا للدفن، وجثامين الفلسطينيين التي لدينا للدفن. طوال الوقت الذي لا تفعلون فيه ذلك، فغزة لن تزدهر" والشاطر يفهم.

هل ستفهم حماس الرسالة؟ وهل ستستمر المظاهرات على الجدار بعد يوم الاستقلال ويوم النكبة؟ يصعب التصديق بأن حماس ستتنازل عن الاحتجاجات التي نجحت في تحويل غضب سكان قطاع غزة منها إلى إسرائيل، وأثبتت من جهتها أنه وعدا عن منظومة الأنفاق (الآخذة في الانكشاف) لدى الحركة أداة أخرى لاختراق الحصار.

كلمات دلالية