الصديق وقت الضيق - معاريف

الساعة 04:50 م|05 ابريل 2018

بقلم: كارولين غليك

(المضمون: الامير السعودي بن سلمان معني بالتعاون في الصراع ضد مثلث الشر، ولكن هذه علاقات تكتيكية فقط. على اسرائيل ان تتعاون من اجل الاهداف المشتركة وان كان ينبغي لها الا تأمل الكثير كون الامير يقف على رأس نظام باساسات متهالكة - المصدر).

هل ندخل في العصر الذهبي لعلاقات الاسلام والعالم؟ هذا الاسبوع نشرت في "اتلنتيك" مقابلة مع ولي العهد السعودي، الامير محمد بن سلمان، مع جيفري غولدبرغ، محرر المجلة. بعد ساعات قليلة من النشر بدأت تتدفق ردود الفعل، او الاحرى الهتافات، من القيادة اليهودية الامريكية. "في منطقة يسيطر عليه منذ زمن بعيد طغاة تأكلهم الكراهية (للامير توجد) رؤيا للمستقبل تختلف جوهريا عن المسلمين، اليهود، المسيحيين وعموم الشرق الاوسط"، كتب رئيس العصبة ضد التشهير، جونتان غرينبلت.

هل الهاتفون محقون وعصر جديد يبدأ في المنطقة؟ ليس بالضبط. معظم التحليلات بعد المقابلة عنيت بامور قالها الامير بالنسبة لاسرائيل وفي أنه اعترف بحقها في الوجود. وذلك بخلاف العادة التقليدية للزعماء العرب للاعتراف بحقيقة وجود اسرائيل دون الاعتراف بان لها حق وجود.

عندما سأل غولدبرغ بن سلمان: "هل تؤمن بان للشعب اليهودي الحق في دولة قومية على الاقل في جزء من وطنه التاريخي؟"، أجاب الامير: "اؤمن بان لكل شعب، في كل مكان، الحق في العيش في دولة محبة للسلام. اؤمن بان للفلسطينيين والاسرائيليين الحق في ارضهم، ولكن علينا أن نحقق اتفاق سلام كي نضمن الاستقرار للجميع واقامة علاقات طبيعية". فهل اعترف بحق شعب اسرائيل في دولة في بلاد اسرائيل؟ ربما، وربما لا. اين ارض اليهود، في نيويورك؟

حاول غولدبرغ الفحص. أليس لك معارضة تستند الى ايمان ديني لوجود اسرائيل؟، سأل. "لدينا أوجه قلق دينية بشأن مصير المسجد المقدس في القدس وبشأن حقوق الشعب الفلسطيني"، اجاب ولي العهد. "ليس لدينا معارضة لشعب آخر". بكلمات اخرى هناك انطباع بان للامير مشكلة دينية مع اسرائيل كدولة يهودية. تقريبا.

كما يشرح د. هارولد رود، الذي شغل منصب مستشار الشؤون الاسلامية في مكتب وزير الدفاع الامريكي على مدى نحو 30 سنة، أدار الامير السعودي حوارا مع غودبرغ يقوم على اساس العرف الاسلامي المسمى "التقية"، وهو أحد الاسس في الاسلام والذي بموجبه مسموح للمسلمين الكذب من أجل الدين.

اقوال الامير عن اسرائيل وان كانت اجتذبت الاهتمام الاكبر، الا ان الحديث كله كان عمليا في اسلوب مشابه. غولدبرغ سأل الامير اسألة واضحة، والامير اجاب اجوبة مضللة أو كتلك التي تقبل التأويل على وجهين.

أحد الاجوبة المضللة الذي قدمه الامير كان يعنى بالوهابية، الحركة الاسلامية المحافظة التي تبنت القرآن حرفيا وحسب مؤمنيها على الاسلام ان يسيطر في كل العالم وعلى كل الانسانية أن تسلم. القبيلة السعودية ربطت مصيرها بالوهابية عندما أسست المملكة قبل 85 سنة، ومن 1979 تدفع السعودية مئات ملايين الدولارات لاقامة مساجد ومؤسسات دينية بروح الحركة في كل العالم.

ولكن عندما سأل غولدبرغ الامير عن ذلك، تلقى الجواب المفاجيء التالي: "هذه الوهابية رجاء عرفها. نحن لا نعرفها". فاجاب غولدبرغ بدهشة: "هل هذا يعني أنك لا تعرفها؟ انت أمير السعودية، انت تعرف ما هي الوهابية". "لا يمكن لاحد أن يحدد الوهابية"، ادعى الامير وواصل نفي كل صلة بين العبادات الدينية السعودية وبين الحركة. بل وذهب بعيدا فادعى بان السعودية هي دولة تلقى فيها كل تيارات الاسلام، بما فيها التيار الشيعي، معاملة متساوية.

إذن صحيح، نثر الامير السعودي كلمات جميلة في المقابلة مع المراسل اليهودي الامريكي الكبير، ولكنه لم يجلب بشرى تغيير استراتيجي في الدين او في الطريقة التي يعبر فيها الاسلام عن نفسه في السعودية. وهذا يعيدنا الى السؤال: هل جلبت المقابلة بشرى ما؟ وبالفعل، نعم. تعلمنا شيئا.

 

أعداء من الداخل

الامر الاهم الذي خرج من المقابلة هو أن الامير معني جدا بالتعاون مع اسرائيل ومع الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بالحرب ضد ما يسميه مثلث الشر. وعناصر المثلث هم ايران، حركة الاخوان المسلمين وفروعها الارهابية: القاعدة، داعش وغيرهم.

وبالنسبة لايران، يشرح رود بان هدف التصفية الاساس للثورة الخمينية في ايران ليس اسرائيل او الولايات المتحدة. "الخميني استغل الكراهية الاسلامية العامة تجاه اسرائيل والولايات المتحدة كي يحظى بالشرعية من العالم السني الذي يتطلع هو ومواصلو دربه لان يقوده الى جانب الاسلام الشيعي. فكراهية الشيطان الصغير والشيطان الكبير هي وسيلة لتحقيق الهدف الاساس: تصفية السعودية وكل قيادة سنية اخرى وقيادة العالم الاسلامي".

وبالنسبة لحركة الاخوان المسلمين وفروعها – في أعقاب الربيع العربي واضح للسعوديين ان الاخوان المسلمين هم الجهة الوحيدة في العالم السني القادرة على اسقاط النظام. في مقابلات اخرى اوضح بن سلمان بان تركيا الرئيس اردوغان هي اليوم زعيمة الاخوان المسلمين. ولهذا فانه يرى في تركيا عدوا بمستوى ايران. والحقيقة هي أنه في ضوء التعاون الوثيق بين تركيا وايران في سوريا، يحتمل أن يكون محقا.

وفي كل الاحوال، فان المقابلة مع غولدبرغ كان دليلا آخر على أن الامير معني بمساعدة اسرائيلية وامريكية لهزيمة اعضاء مثلث الشر خاصته. رائع انه يريد التعاون معنا، ولكن رود يحذر بانه يجب التعاطي بمحدودية الضمان مع الالتزام الواضح من جانب الامير للتعاون التكتيكي مع اسرائيل.

وعلى حد قوله، فان الحكم في السعودية يقف الان على اساسات متهالكة، وذلك لانه في السنة الماضية بدأ الامير بنزاع دموي مع أجزاء هامة من العائلة المالكة، حين أجرى موجة اعتقالات تضمنت غير قليل من كبار الامراء.

ويشرح رود بان بكل فرع في عائلة آل سعود يوجد قسم معين في الحكم. في اللحظة التي اعتقل فيها ولي العهد ممثلي الفروع الاخرى في العائلة، فانه بدأ بنزاع دموي مع ابنائها. ويوضح رود بانه "في العالم الاسلامي تعتبر الاهانة اشد من الموت. والامراء لن يغفروا له. سينتظرون اليوم الذي ينتقمون منه فيه على هذه الاهانة".

في ضوء ذلك، فان احتمال المس بالمملكة هو احتمال كبير وعلى اسرائيل أن تأخذ هذا بالحسبان في كل خطوة تعتزم اتخاذها نحو الامير. وحتى لو كان بن سلمان يعمل ببراءة في كل ما يتعلق بالتعاون ضد ايران وحماس مثلا، لا ينبغي استبعاد امكانية أن يستغل أي من اصدقائه التقرب مع اسرائيل كي يمس بالامير وبنا ايضا.

هل يعني هذ بان علينا ان نبتعد عن السعوديين والا نتعاون معهم حتى على المستوى التكتيكي؟ بالطبع لا. ولكن على أي حال محظور الايمان بان حكمه مستقر لانه دكتاتوري ملكي.

الامير السعودي هو بلا شك شريك في الطريق في كل ما يتعلق بالحرب ضد ايران وحتى ضد حماس، الفرع الفلسطيني من الاخوان المسلمين، ولكن في ضوء الجوهر التكتيكي لالتزامه لاسرائيل وغياب كل بشرى بالنسبة للاصلاحات في الاسلام، واضح أنه محظور على اسرائيل ان تقدم أي تنازل من اجل هذه العلاقات.السعوديون لن يخرجوا العلاقات من الخزانة التي توجد فيها.

وبالفعل، لنا صديق لساعة او لساعتين. طالما لم يفقد أي احد عندنا الرأس واحد لن يستغل التعاون بيننا وبينهم كي يقطع له الرأس، سنتمكن من العمل معا في اجل اهداف مشتركة. على أي حال هذه بشرى لا بأس بها، وان لم يكن فيها ما يشهد على شرق اوسط جديد.

كلمات دلالية