هذه مجرد رصاصة البدء.. يديعوت

الساعة 05:02 م|01 ابريل 2018

هذه مجرد رصاصة البدء

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: اذا لم يجد الجيش السبيل الى تغيير قواعد اللعب، او على الاقل ابعاد المظاهرات عن الجدار – سنلتقي في الاسبوع القادم ايضا، وفي الاسبوع الذي يليه. وكلما استمرت هذه القصة، هكذا سيكون الثمن السياسي الذي تدفعه اسرائيل اعلى - المصدر).

سجلت قيادة حماس لنفسها أحداث نهاية الاسبوع كنجاح. صحيح، لم يصل مئة الف شخص مثلما وعد، ولكن 30 الف فلسطيني أيضا – بما في ذلك من نساء واطفال، ليسوا جميعهم مجندي حماس وبعضهم هم متظاهرون اصيلون – هذا بالتأكيد انجاز للموجة الاولى. ولكن الانجاز الاهم من ناحية حماس هو رد فعل الساحة الدولية: فقد عادت الازمة في غزة الى الوعي. مصر والاردن ينددان، الاتحاد الاوروبي يصدر بيانا، الامريكيون قلقون. الامين العام للامم المتحدة يطالب بالتحقيق – محصول جميل. وهذا قبل ان تبدأ اسرائيل بان تدفع في الساحة الدولة ثمن القتلى ومئات الجرحى وتكون مطالبة بتوفير التفسيرات.

الـ 16 قتيلا لم يؤدوا الى الغليان، وبالتأكيد ليس الى صدمة وطنية، في الجانب الفلسطيني. من ناحية حماس هذه مادة اشتعال للجولة التالية. لقد فرضت حماس على الجيش الاسرائيلي تعطيل جزء لا بأس به من قواته للمواجهة مع المواطنين، وليس أقل أهمية: من شأن هذه الاحداث أن تؤثر على وتيرة بناء العائق حول القطاع. كما قررت حماس انماط العمل التي سنضطر الى الاعتاد عليها في الاسابيع والاشهر القادمة. والمقصود هو الابقاء بشكل دائم على الخيام التي اقيمت على مسافة 700 – 800 متر عن الحدود الاسرائيلية، بما في ذلك المستشفى الميداني. وفي نهاية كل اسبوع وفي الاحداث التأسيسية كتلك في يوم الاسير، يوم النكبة، يوم الاستقلال وبالاساس في اليوم الذي تنقل فيه السفارة الى القدس، ستصبح هذه الخيام مناطق استعداد، تستوعب جموع من المتظاهرين بهدف خلق صورة انتفاضة شعبية واسعة النطاق.

في هذه الاثناء يطلق القناصون النار على المتظاهرين إذ ليس لدى الجيش أداة حقيقية جيدة اخرى لمنع تسلل الاف الفلسطينيين الى داخل الاراضي الاسرائيلية. لا توجد رافعة ردع اخرى حيال الفلسطينيين في غزة: لا يمكن ان تؤخذ لهم تصاريح العمل، الكهرباء أو الماء، إذ ليست لديهم على أي حال. فالحديث يدور عن سكان منكوبون ويائسون. هذه لم تعد أعمال اخلال بالنظام في نقاط احتكاك معروفة في الضفة، او حيال عشرات قليلة من المتظاهرين على الجدار في القطاع. من ناحية اسرائيل يدور الحديث هنا عن حدث استراتيجي معناه محاولة خلق انتفاضة في قطاع غزة تنتقل في مرحلة معينة الى الضفة ايضا. وبدء المظاهرات في يوم الجمعة الماضي، والذي تم فيه احياء يوم الارض، هو محاولة للربط أيضا بين عرب اسرائيل وصورة الانتفاضة: كلنا معا، لاجئي 1948 و 1967.

في الانتفاضة الاولى، قبل نحو 30 سنة لم يفهموا في اسرائيل في أن اعمال الشغب هي بداية انتفاضة شعبية. اولئك الضباط في الجيش الاسرائيلي ممن قالوا تعلوا لنفكك المظاهرات الجماهيرية بالقوة والذي وان كان سيتسبب بالكثير من المصابين الا انه سينهي القصة بسرعة لاقوا الادانة والاحتقار. وكانت النتيجة سنوات من الانتفاضة والاف المصابين في الطرفين. وفي العام 2000 باتت هذه انتفاضة مسلحة للسلطة الفلسطينية. أما الجيش الاسرائيلي في 2018 فيفهم بانه اذا لم ينجح في أن يقمع وبالقوة الاضطرابات حول القطاع، فمن شأنها ان تؤدي الى اشتعال شامل. وستكون اسرائيل مذنبة في كل الاحوال. اختبار الجيش اليوم هو محاولة كسر الصيغة التي تمليها حماس. والا فسيضطر في كل نهاية اسبزع وفي كل عيد، موعد، او يوم ذكرى لان يعطل نصف الجيش حيال القطاع، ومن شأن هذا ان يستمر لاشهر يحصل فيها العالم، في كل اسبوع، المصابين في الطرف الفلسطيني. اضافة الى ذلك، اذا ما بدأ الطرف الاخر باستخدام السلاح الناري – نار القناصة مثلا – فلن يتبقى في يد الجيش خيار وهو سيضطر لان يرتفع درجة: من وضع رد الفعل حول قاطع الحدود الى المبادرة الى اعمال عسكرية في داخل اراضي القطاع.

محظور أن نتجاهل انجازات الجيش الاسرائيلي حتى الان: الحياة في غلاف غزة تتواصل كالمعتاد، لم يتسلل أي فلسطيني الى بلدة اسرائيلية، صدت خطة حماس لاحداث مسيرات مدنية جماهيرية الى داخل الاراضي الاسرائيلية، والتقدير هو أنه سيكون انخفاض في الطاقة مع الزمن. وكذا على مستوى "الحرب الرقيقة"، أي الحرب النفسية التي منعت تجند جماهير اكبر، سجل انجاز. في أحداث يوم الجمعة، اثنان من بين القتلى الفلسطينيين – كلهم رجال في اعمار 18 حتى 33 – كانا مسلحين بكلاشينكوف وعبوات ووصلا حتى الجدار، وثلاثة آخرون حاولوا التسلل الى الاراضي الاسرائيلية.

بعد الجمعة العاصفة، عادت الاحداث يوم السبت الى صيغتها "العادية" من اعمال الشغب على جدار القطاع. ولكن محظور الوقوع في الخطا. لا تغيير في خطة حماس. اذا لم يجد الجيش السبيل الى تغيير قواعد ا للعب، او على الاقل ابعاد المظاهرات عن الجدار – سنلتقي في الاسبوع القادم ايضا، وفي الاسبوع الذي يليه. وكلما استمرت هذه القصة، هكذا سيكون الثمن السياسي الذي تدفعه اسرائيل اعلى.