بعد تعيين "مايك بومبيو" و"جون بولتون" ترامب يستكمل تشكيل وزارة الحرب

الساعة 08:52 ص|01 ابريل 2018

فلسطين اليوم

في الأيام الأخيرة تم طرد إثنين من أركان وزارة دونالد ترامب يعتبران من المعتدلين واستبدلا بإثنين من الصقور المتطرفين الذين يدعون للمواجهة والتصعيد واستخدام العصا الغليظة مع الذين يعارضون السياسة الأمريكية وخاصة إيران وروسيا وكوريا الشمالية والسلطة الفلسطينية ويكرهان العرب والمسلمين، ومن المعجبين الداعمين لسياسة الاستيطان الإسرائيلية. فقد قام ترامب بطرد وزير الخارجية ريكس تيلرسون، واستبدله بمايك بومبيو، رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية، وصاحب القناعة في نظرية «صراع الحضارات» التي أطلقها صامويل هننغتون عام 1993. كما طرد إتش. آر ماكماستر، مستشار الأمن القومي واستبدله بجون بولتون، صاحب الدعوة لضرب إيران وكوريا الشمالية.

وكما جاء في عنوان افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز» في اليوم التالي لتعيين بولتون «نعم، جون بولتون خطير حقاً» فكل المؤشرات تشير إلى السيطرة المطلقة لتيار المحافظين والمتشددين على مقاليد الحكم في عهد ترامب والذين يذكروننا بوزارة بوش الأولى التي ضمت صقور المحافظين الجدد ديك تشيني، ودونالد رامسفيلد وكوندوليزا رايس، والذين أطلقوا حروبهم على العرب والمسلمين قبل نهاية السنة الثانية في البيت الأبيض. فبعد استبعاد تيلرسون من الخارجية وماكماستر من الأمن القومي لم يبق أحد من المعتدلين نسبيا إلا وزير الدفاع جيم ماتيس الذي يطلق عليه لقب «الذئب المتوحش» وهو كعسكري سابق ليس صانع سياسة بل منفذ إذا اقتضت الضرورة.

في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الخميس 22 اذار/مارس 2018 «عينت جون بولتون مستشاري لشؤون الأمن القومي وسيتولى مهامه في التاسع من أبريل المقبل». خبر أثار في الولايات المتحدة والعالم وفي أوساط الأمم المتحدة بالتحديد موجة من التعليقات والتحذيرات والتوقعات. فقد عرفته أوساط الأمم المتحدة سفيرا بين آب/أغسطس 2005 وكانون الأول/ديسمبر 2006 عندما عينه الرئيس الأسبق جورج بوش أثناء إجازة مجلس الكونغرس لأنه كان يعرف أن تعيينه لن يمر بسلام ولن يحصل على التأييد المطلوب من لجنة العلاقات الخارجية فهو المعروف بقولته الشهيرة «لو فقدت الأمم المتحدة طوابقها العشرة الأخيرة فلن ينتبه لها أحد» وقال إنه يكره الأمم المتحدة التي «ليس لها وجود». وبولتون كان أحد الذين لفقوا الأدلة في اتهام العراق حيازته على أسلحة الدمار الشامل وفبركة الأكاذيب التي أدت إلى احتلاله عام 2003. كما أشاد بولتون في مقال بالهجمات الاستباقية لاسرائيل في تدمير مفاعلين نوويين، في العراق عام 1981 وسوريا 2007. وبعد خروجه من إدارة بوش ظل ناشطا في مؤسسات اليمين المتطرف مثل «هيريتج فاونديشن» كما عمل محللا سياسيا مع محطة «فوكس نيوز» المنبر الإعلامي الأهم لليمين الأمريكي والمحافظين الجدد. وكان يكتب مقالات بين الحين والآخر في صحيفة «وول ستريت جورنال» اليمينية ومجلة المحافظين الجدد «ويكلي ستاندرد».

قاوم بولتون بكل قوته توقيع الاتفاقية النووية بين الدول الست وإيران وظل يعتبر ذلك أكبر أخطاء الرئيس باراك أوباما. ومن المعروف عن بولتون أنه يعمل مع لجان المجموعات العنصرية التي تحرض ضد الإسلام في الولايات المتحدة كما أنه يدعم دون تحفظ سياسة الاستيطان الإسرائيلي ويؤيد حزب الليكود تأييداً مطلقاً.

وبعد تعيينه ظهر بولتون في قناة «فوكس نيوز» ليحاول أن يلطف صورته البشعة فقال إنه يرى دوره كوسيط نزيه من خلال توفير مجموعة واسعة من الخيارات للرئيس ترامب الذي يحتاج إلى تبادل حر للآراء مع مستشاريه. إلا أن الكل يعرف آراء بولتون المتطرفة والتي طالبت الرئيس ترامب بضرب كوريا الشمالية وإيران وسوريا.

من هو مايك بومبيو؟

يحاول المحللون السياسيون أن يفهموا دوافع الرئيس ترامب في إقالة ماكماستر، فأشاروا إلى معارضته السابقة لقرار الرئيس الغاء الإتفاق النووي مع إيران من جانب واحد وتحذيره من ويلات الحرب ضد كوريا الشمالية، وفق تفسير اسبوعية «ذي أتلانتيك». ولكنه عاد وغير رأيه وبدأ ينصح الرئيس بعد تسلمه مهام منصبه بضرورة العمل على حرمان كوريا الشمالية من امتلاك القدرة النووية عوضاً عن احتوائها وهو ما أدى إلى تنافر بينه وبين كل من تيلرسون وماتيس.

تخرج بومبيو من الكلية العسكرية في ويست بوينت في نيويورك ووصل رتبة رئيس في الجيش وعمل ميدانيا في ألمانيا قرب حائط برلين قبل إنهياره. ثم أكمل دراساته العليا في كلية القانون في جامعة هارفارد وعمل رجل أعمال في مجال صناعة قطع غيارات الطائرات. عينه ترامب مديرا لوكالة الاستخبارات الأمريكية في 23 كانون الثاني/يناير 2017 وأولى زياراته خارج البلاد كانت إلى السعودية حيث منح ولي العهد آنذاك محمد بن نايف ميدالية رمزا لتعميق العلاقات مع السعودية. وقد ضمن من الرئيس أن يسمح للوكالة أن تشن غارات باستخدام الدرونز (طائرات بدون طيار) دون إذن وزارة الدفاع أو حتى إعلامهم.

وزير الخارجية الجديد، مايك بومبيو سيعيد إلى الأذهان نظرية «صراع الحضارات» فهو من أكثر الكارهين للعرب والمسلمين والأجانب. وكتب تغريدة مرة على حسابه في تويتر يصف الرئيس السابق باراك أوباما بأنه «مسلم شرير وشيوعي». وعندما رشح نفسه لانتخابات مجلس النواب كتب ضد منافسه من أصول هندية «صاحب الرأس المعمم» إشارة إلى ما يلبسه السيخ على رؤوسهم. وفي إحدى خطاباته في مجلس النواب عام 2013 قال إن كل مسلم لا يدين العمليات الإرهابية يضع نفسه في موضع الاتهام والمشاركة. وعن الاتفاقية النووية مع إيران قال: «أتطلع إلى التراجع عن هذا الاتفاق الكارثي مع أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم» وأضاف: «إن هناك خيارا أفضل من التفاوض مع إيران هو القيام على الأقل بـ 2000 طلعة جوية لتدمير القدرات النووية الإيرانية وهذه ليست مهمة صعبة على قوات التحالف». أما عن فلسطين وإسرائيل فحدث ولا حرج. فاثناء زيارة لإسرائيل في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 قال إن «رئيس الوزراء نتنياهو هو الشريك الحقيقي للشعب الأمريكي» وأن «جهود نتنياهو لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية تستحق الإعجاب والتقدير». وعن الحرب ضد الإرهاب قال «يجب أن نقف مع حليفتنا إسرائيل ونضع حدا للإرهاب وأن الهجمات المستمرة من قبل الفلسطينيين تبعد احتمال السلام».

وقد يكون الضحية المقبل وزير الدفاع، جيم ماتيس، الذي ظل يعترض على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعلى نقل السفارة إلى القدس ويعترض على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران وعلى ضرب كوريا الشمالية، فلم يبق أمامه إلا أن يصمت أو يجاري الأغلبية في وزارة الحرب أو أن يترك موقعه لمن هو على شاكلة بومبيو وبولتون، خاصة إذا ما قرر هؤلاء فعلا إلغاء الاتفاقية مع إيران بعد أقل من 40 يوما كخطوة ضرورية استباقية للتوجه نحو التصعيد الحار مع إيران.

 

كلمات دلالية