صراعات الديمغرافيا

أناس المعجزة وأناس الشيطان- يديعوت

الساعة 02:00 م|29 مارس 2018

فلسطين اليوم

بقلم: يفعت ايرلخ

(المضمون: التنازل عن المفاهيم العنصرية باسلوب الشيطان الديمغرافي والمعجزة الديمغرافية وتعلم المعطيات. فبعد كل شيء يدور الحديث عن البشر وليس عن الارقام – علي ايهود والعرب ان يتعلموا كيف يعيشوا معا بين البحر والنهر ).

الارقام تلقى الى الهواء. خمسة ملايين، ثلاثة ملايين، مليونان، مليون ونصف. باحثون، سياسيون، عسكريون، يتلاعبون بالارقام، يرفعون وينزلون وفقا للاجندة. هذا الاسبوع كان هذا هو مندوب الادارة المدنية من قال في نقاش في لجنة الخارجية والامن في الكنيست، انه بين البحر والنهر مسجل نحو خمسة ملايين فلسطيني. هذا ما افاد به العقيد اوري مندس، نائب رئيس الادارة المدنية. وكان السياق ديماغوجيا على نحو خاص. فقد عني النقاش باضراب الادارة المدنية في الاسبوعين الاخيرين وبالمطالبة بزيادة الميزانية. ووضعت الحجة بشكل واضح على الطاولة: هناك مزيد من الفلسطينيين لادارة حياتهم ولهذا فهناك حاجة لمزيد من المال. فهل الادارة تضخم المعطيات عبثا؟ لا وكلا. انتبهوا الى دقة لغة المندوب: بين النهر والبحر مسجل خمسة ملايين فلسطيني. مسجلون. لا وليس يعيشون. السجل الفلسطيني لا يحدث عنده معطيات الهجرة. فلسطيني يسكن منذ 30 سنة في الولايات المتحدة سيبقى مسجل كرعية فلسطينية. وليس هو فقط، بل وايضا كل ابنائه. استنتاج يعقوب فايتلسون، الذي أجري بحثا جذريا ومضيئا للعيون لمعهد الاحصاء الصهيوني هو أنه في الخمسين سنة الاخيرة بلغ ميزان الهجرة السلبي من يهودا والسامرة وغزة اكثر من 800 الف نسمة. وينبغي أن يضاف الى ذلك حقيقة أن مكتب الاحصاء المركزي الفلسطيني لا يعرض معطيات حقيقية بالنسبة للوفيات. وعلى افتراض أن الفلسطينيين لم يخترعوا اكسير الحياة، فانهم هم ايضا يعانون من الوفيات الطبيعية، التي يفترض أن تجد تعبيرها في السجلات. وحسب بحث فايتلسون، في يهودا والسامرة يعيش اليوم نحو 1.8 مليون فلسطيني. وحسب تقديرات مختلفة، يعيش في غزة نحو مليون ونصف فلسطيني. يعنى أساس بحث فايتلسون بتحليل معطيات الخصوبة. فالبحث يثبت بان الفارق بين الولادة اليهودية وتلك العربية آخذ في التقلص. وحسب تقدير البحث، فان عموم السكان في دولة اسرائيل في العام 2059 سيصل الى 16.725.477 نسمة، منهم سيصل عدد السكان اليهود الموسع الى 13.913.723 نسمة والسكان العرب الى 2.811.754 نسمة، أي 16.81 في المئة من عموم السكان. وحسب هذا التوقع، فان النسبة بين السكان اليهود والعرب بين البحر والنهر تعمل في صالح اليهود بشكل حاسم. لا غرو أن العنوان الفرعي للبحث هو "كيف تحول الشيطان الديمغرافي الى معجزة ديمغرافية. لم يحظ َ بحث معهد الاستراتيجية الصهيونية بالوصول الى العناوين الرئيسة. في اسرائيل، لسبب ما، يحبون اقل عناوين رئيسة من هذا النوع. وبالمقابل، فان الرقم الديماغوجي الذي القته الادارة المدنية لعب دور النجم في الصحف وحظي بعناوين رئيس كبرى: المساواة بين اليهود والمسلمين بين البحر والنهر.

ان الفكر الذي يضخم الارقام ويشدد على التكاثر العربي يسعى الى خلق فصل بين السكان، وبذلك يزعم بانه وضع "المشكلة" من خلف الجدار. هذه الفكرة لم تنجح في غزة. والدليل هو أنه اليوم ايضا، بعد أن طرد من غزة كل يهودها، يواصل العالم يرى في اسرائيل مسؤولة عن القطاع، والديموغرافية الاخروية تواصل احصاء السكان هناك ايضا. اما للفكر المضاد، ذات الذي يفهم بان فكرة الفصل بين السكان ليس قابلة للتحقق، فمريح تقليل الارقام. وهذا التقليل ليس حكيما على نحو خاص. اذ بالضبط من يؤمن بعدم الفصل وبالحياة المشتركة التي تتضمن منح حقوق كاملة للفلسطينيين، يجب أن ينظر الى الواقع في العينين.

ولعل ما هو أكثر صحة للمجال هو التعاطي مع المسألة بلا عناوين مهددة أو تفاؤل زائد. التنازل عن المفاهيم العنصرية بأسلوب الشيطان الديمغرافي والمعجزة الديمغرافية وتعلم المعطيات. فبعد كل شيء يدور الحديث عن البشر وليس عن الارقام – على ايهود والعرب ان يتعلموا كيف يعيشوا معا بين البحر والنهر.

 

كلمات دلالية