الاسئلة التي بقيت بشأن المفاعل السوري- هآرتس

الساعة 01:16 م|27 مارس 2018

فلسطين اليوم

بقلم: موشيه آرنس

          (المضمون: إن التفاصيل التي تم الكشف عنها حول قصف المفاعل السوري تثير الفخر، لكن ما زالت هناك اسئلة مفتوحة منها كيف تم ذلك دون معرفة اسرائيل على مدى عشر سنوات، وهل هذا يحتاج الى اعادة فحص الاولويات التي حددت للاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية - المصدر).

 

          معظم الاسرائيليين تعاملوا مع المعلومات حول قصف المفاعل النووي في سوريا قبل اكثر من عشر سنوات كمادة هامة للقراءة توفر تفاصيل عن عملية اتخاذ القرارات قبل العملية وحول العملية نفسها، لكن معظمهم لم يتفاجأوا. مباشرة بعد القصف تم نشر أنباء عن مصادر اجنبية، والثقة بقدرة سلاح الجو جعلتنا نعتمد على مصداقيتها في هذه الحالة.

 

          إن وصف كيف تم التحقق من الشك بأنه في المبنى الموجود في الصحراء السورية يوجد مفاعل نووي، والنقاشات في الكابنت برئاسة اهود اولمرت، وقرار قصف المفاعل والعملية السليمة لسلاح الجو، تثير الفخر في قلب كل اسرائيلي. الطريقة ناجحة، وهي تعمل بشكل جيد، لكن هناك عدد من الاسئلة مع ذلك ما زال يقلقنا: لماذا استغرق الامر سنوات حتى انتبهوا للمبنى الذي يوجد فيه المفاعل، وبدأت عملية التحقق بخصوص ما يجري فيه؟ كيف يمكن أن السوريين وشركائهم من كوريا الشمالية نجحوا في بناء المفاعل والاستخبارات الاسرائيلية لم تكتشف ذلك؟ هذه الاسئلة ما زالت صالحة حتى الآن، ومن اجل اصلاح كل خلل يمكن أن يكون موجود في اجهزتنا الاستخبارية التي على مدى سنوات لم تكن متيقظة للشيء الذي نما تحت أنفها. ربما يجب استخلاص عدد من الدروس.

 

          الامر الغريب اكثر هو الى أي درجة لم نكن مستعدين للخطر الذي يهدد اسرائيل في اعقاب نشر التكنولوجيا النووية وتكنولوجيا الصواريخ البالستية في الشرق الاوسط، رغم أن جزء كبير من الحقائق كان معروفا للجميع في السنوات الاخيرة.

 

          بداية القصة كانت بعبد القادر خان، عالم الذرة الباكستاني الذي يوجد من يسمونه "أبو القنبلة النووية الباكستانية". لقد حصل على شهادة الدكتوراة في هولندا وعمل مع شركة "يورنكو"، التي تستخدم تكنولوجيا اجهزة الطرد المركزي لانتاج الوقود النووي. في 1974 عاد الى الباكستان وحمل معه مخططات اجهزة الطرد المركزي واصبح عضو في الطاقم الذي طور القنبلة النووية الباكستانية؛ وبعد فترة تم نشر قصة تهريب المخططات.

 

          لكن عند هذا لم تنته نشاطات خان. لقد بدأ في بيع التكنولوجيا النووية، ومن زبائنه كانت جهات في الشرق الاوسط. يبدو أن الزبون الاول كان كوريا الشمالية، التي في تلك الفترة كانت في المراحل الاولى من تطوير القنبلة النووية. وفي المقابل، حصلت الباكستان على تكنولوجيا الصواريخ البالستية التي استخدمت كقاعدة لصواريخ من انتاجها تستطيع حمل رؤوس نووية.

 

          الزبون القادم كان ايران، التي كانت هي ايضا في المراحل الاولى لمحاولة تطوير سلاح نووي خاص بها. الزبون الذي بعدها هو معمر القذافي، زعيم ليبيا. العلاقة مع ليبيا تم الاعلان عنها في 2003 عندما وافق القذافي على تفكيك سلاح التدمير الشامل لديه، بعد عدة هجمات جوية للولايات المتحدة. وزارة الخارجية الليبية أعلنت في حينه أن "ليبيا اشترت المركبات النووية من التجار في السوق السوداء"، وكشف عن أسماء المزودين الذين كان من بينهم خان. الآن نحن نعرف أن الاعلان الامريكي في العام 2004 بخصوص وجود برنامج نووي ليبي وتفكيكه، فاجأ الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية.

 

          هل يمكن أن يكون نشاط كوريا الشمالية في الشرق الاوسط على مدى سنوات لم يثر أي شك لدى الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية رغم الأنباء التي نشرت في وسائل الاعلام العالمية؟ هل يمكن أن الاهتمام الذي تم تكريسه خلال سنوات على مخططات ايران النووية لم يؤد الى تشخيص اسهام كوريا الشمالية في هذا المشروع، وفحص احتمال وجود اسهام كهذا في البرنامج النووي السوري؟ لا شك أنه خلال سنوات مرت نشاطات التطوير النووي السورية تحت رادار الاستخبارات الاسرائيلية. هذه الحقيقة تثير التساؤل هل لا توجد حاجة الى اعادة فحص سلم الاولويات الذي حدد لاجهزة الاستخبارات.