اولمرت ونتنياهو- يديعوت

الساعة 01:23 م|26 مارس 2018

فلسطين اليوم

جِد الفروق

بقلم: يرون لندن

(المضمون: اولمرت ونتنياهو يقنعان انفسهما بانه لم يقع اي خلل في سلوكهما. وهذه عملية نفسية تتكرر لدى الخطائين تفاديا لعذاب الضمير -المصدر).

 

القاريء لكتاب السيرة الذاتية لايهود اولمرت والمنصت شديد الانصات لخطاب خلطة الفصح والبقلة المريرة الذي القاه بنيامين نتنياهو الاسبوع الماضي يجد شبها شديدا بينهما. لو غيرنا بعض الاسماء والاحداث الموزعة في بيان السجين السابق وخطاب المحقق معه في الحاضر يمكن توحيدهما ونشرهما كبيان واحد.

 

الرجل الذي دفع دينه للمجتمع والرجل الذي لم يدفع بعد يصفان قوى شديدة، مغرضة، تحيك ضدهما المؤامرات لابعادهما عن منصبهما. كلاهما يدعيان بانه حتى لو اخطآ، فانهما اخطآ بالصغائر، بامور تغفر لغيرهما ولا يغتفر لهما عنها. كلاهما يقوضان ثقة الجمهور بسلطات انفاذ القانون وهكذا يضعفانها ويشجعان الجريمة. الاول يفعل هذا كي ينظف نفسه من عاره والثاني كي

 

يضمن الا تناله يد القانون، وحتى لو نالته ان يتجدد في الرأي العام الاعتراف بانه ذبحته النخبة اليسارية التي لا تزال تمسك عمليا بلجام الحكم.

 

يتهم اولمرت نتنياهو وحزبه بانهما جندا مالا كثيرا وبادرا الى اصدار صحيفة تستهدف ادانته، ونتنياهو يوجه الاتهامات للاعلام ولليسار الممول من مؤسسات خيرية في العالم الغربي. هؤلاء المتآمرون، وفقا لرواية نتنياهو، يحاولون الاطاحة به من الحكم بخلاف ارادة الشعب. واذا اجبر على الاستقالة، فسيكون الامر مثابة انقلاب اعدته طغمة تأمرت عليه. ومثله يدعي اولمرت بان النيابة العامة والقضاة شوهوا قضاءه. النائب العام السابق للدولة موشيه لادور ثبت ذنبه حتى قبل أن يعرف نتائج التحقيق، والمستشار القانوني ميني مزوز شق الطريق الى المحكمة العليا على ظهره الجريح، والقاضي روزين مجرم. اما نتنياهو فيدعي بان ليس النيابة العامة فقط بل وحتى الشرطة تنفلت عليه.

 

"اعداء" اولمرت في الاعلام، بزعمه، هما باروخ قارا وايلانا دايان. اما الصحافيون المعادون لنتنياهو، من ناحيته، فهم عصبة كبيرة من اسر تحرير "يديعوت احرونوت"، "هآرتس" و القناة 10، ولا سيما الشخصين السيئيين هذين رفيف دروكر وباروخ كارا. اما اولمرت فيقول انه دفع ثمنا باهظا على رغبته في الانفصال عن الفلسطينيين والتقاسم معهم ما يسمى "القدس الكاملة"، ونتنياهو مقتنع بان المتآمرين على اسقاطه هم عملاء اعداء الدولة ممن يريدون تقويضها. هذا يقول أنه لم يكن شيء، وذاك يرد وراءه كالصدى، أنه لم يكن شيء ولن يكون شيء. كلاهما يرفضان الاعتراف، ولعلهما حتى اقنعا نفسيهما بانه لم يقع اي خلل في سلوكهما. هذه عملية نفسية تتكرر لدى الخطائين، وبالذات اولئك الذين يميزون بين الخير والشر. فالنفي المطلق يسمح بالهروب من تعذيب الضمير.

 

يسمي نتنياهو التنكيل به "صيد الساحرات" وهو تعبير مستمد من تاريخ القرون الوسطى في اوروبا، ولكن يكثر ذكره في سياق نشاط السناتور الجمهوري جوزيف مكارثي. السناتور من فيسكونسين كان ديماغوجي، شعبوي وكحولي، بنى حياة سياسية مزدهرة على جنون الاضطهاد الذي الم بامريكا في فترة الحرب الباردة. واذ وقف على رأس اللجنة الدائمة للتحقيقات في مجلس الشيوخ، اتهم موظفي الدولة، رجال الجيش، المثقفين، الصحافيين والفنانين البارزين بالعلاقة بالحزب الشيوعي، عميل الاتحاد السوفياتي. وتقريبا كل الاتهامات التي وجهها تبينت كخيالي حطمت حياة

 

الكثيرين، ولكن على مدى بضع سنين افادت حزبه. نتنياهو يستخدم استراتيجية مشابهة، وانا اشك انه في طفولته وفي صباه في الولايات المتحدة تعلم من إرث مكارثي كم سهل تحريض الجماهير من خلال استخدام الاعداء الوهميين.

 

وبالمناسبة، اطلب حقي في الالحاح في مواضيع اللغة العبرية: نتنياهو عاد ولفظ كلمة "الساحرات" بميم ساكنة بدلا من ميم مفتوحة. حتى المضمون الكاذب يجب التعبير عنه بشكل صحيح، هذا على الاقل.