اسرائيل وغزة- يديعوت

الساعة 12:31 م|25 مارس 2018

فلسطين اليوم

حان الوقت للاعتراف بالواقع

بقلم: غيورا آيلند

(المضمون: على اسرائيل أن تغير السياسة، ان تعترف بانها تحادي دولة مستقلة تسمى غزة الحكم فيها انتخب بشكل ديمقراطي نسبيا -المصدر).

 

يبدو مرة اخرى اننا في بداية فترة من الاحداث الامنية، سواء في الضفة أم في غزة. صحيح أن هناك صلة بين المنطقتين، اساسها هي حماس، ولكن من ناحية استراتيجية يدور الحديث عن قصتين مختلفتين تستوجبان موقفا مختلفا. فالوضع في الضفة ثابت ومستقر، ولانه لا يبدو احتمال لاختراق سياسي – الا اذا نجح ترامب في المفاجأة – فان كل ما هو مطلوب هو مواصلة السياسة القائمة التي في اساسها التعاون الاقتصادي والامني. واذا كانت هناك دروس من الاحداث الاخيرة، فانها تكتيكية في طبيعتها.

 

اما في غزة فالوضع مختلف: هناك توجد بالفعل حاجة الى مبادرة اسرائيلية، إذ ان الوضع ليس مستقرا ومن شأنه أن يتفجر في اقرب وقت ممكن، سواء من خلال الانفجار العسكري على نمط الجرف الصامد أم في سيناريو اكثر تعقيدا في مركزه مظاهرات للجماهير واقتحام الجدار نحو اراضي اسرائيل. والاختلاف بين الشكل الذي اعتدنا على التعاطي به مع غزة وبين الطريق الصحيح يقوم على أساس ثلاثة اقانيم. الاول، غزة هي بحكم الامر الواقع دولة مستقلة منذ 11 سنة. فللدولة توجد أربع خصائص: أرض محددة، حكم مركزي ناجع؛ سياسة خارجية مستقلة؛ وجيش خاص بها. وغزة تستجيب لكل هذه الشروط الاربعة.

 

اما الثاني فيتعلق بالمصالح. ليس لاسرائيل بالنسبة لغزة مصالح سياسية، اقتصادية أو اقليمية – فقط مصلحة امنية في الحفاظ على الهدوء. ومع ان لحماس رؤيا لتصفية اسرائيل، ولكن في كل ما يتعلق بالمصالح قصيرة المدى، فانها تكتفي بمواصلة السيطرة في غزة. لهذا الغرض فانها بحاجة الى شرعية دولية والى مساعدة اقتصادية عاجلة – وعليه فلا يوجد تضارب حقيقي بين المصالح الاسرائيلية والمصالح الفورية لحماس.

 

اما الثالث، فهو انه لا يمكن اعادة اعمار غزة طالما كان الاصرار على أن تصل اموال الاعمار الى السلطة الفلسطينية. فابو مازن غير معني باعمار القطاع – هو معني باسقاط حكم

 

حماس، ولا مشكلة لديه في أن يحصل الامر على ظهر مليوني مسكين يسكنون هناك. كما لا يزعجه ايضا صدام عسكري آخر بين اسرائيل وحماس، إذ في نظره هذا صدام بين عدويين.

 

الاستنتاج من الاقانيم الثلاثة هذه هو واضح: على اسرائيل أن تغير السياسة، ان تعترف بانها تحادي دولة مستقلة تسمى غزة الحكم فيها انتخب بشكل ديمقراطي نسبيا. اضافة الى ذلك، على اسرائيل ان تشجع دول الغرب والدول العربية على الاستثمار في اعمار غزة، باشراك حكومة حماس وليس من خلف ظهرها. وبقدر ما يتم هذا، وكلما بنيت في غزة المزيد من محطات توليد الطاقة، منشآت التحلية او مشاريع لانقاذ المجاري – هكذا تكون حكومة حماس ملجومة أكثر. أنا أعرف الحجة التي تقول ان حماس ستستغل المساعدة فقط كي تبني المزيد من الانفاق، ولكن حجتي المضادة: هذا ما يحصل عمليا في السنوات الاخيرة لاننا لا نتفاوض مع حماس ولا نعطيها المال او الوسائل مباشرة. حماس ستستثمر أكثر في البنى التحتية المدنية اذا ما اعترف بها كدولة بحكم الامر الواقع، واذا ما اجريت معها الاتفاقات التي تتطلب رقابة متشددة على الاسمنت وعلى باقي الوسائل التي تدخل الى القطاع.

 

ان الانقسام السياسي بين شطري السلطة الفلسطينية، ذاك الذي في الضفة وذاك الذي في غزة، احدثه الفلسطينيون وليس اسرائيل. ولهذا السبب، ليس لاسرائيل أي مصلحة في تحويل هاتين المنطقتين الى نوع من الدولة الواحدة.من الافضل لنا أن ندير سياسة صحيحة تتمثل بالعصا والجزرة تجاه الكيان السياسي المستقل في غزة، من أن نهدد فقط بالعصا والامل في أن تحرص مصر او ابو مازن على اعمار القطاع.