34 ثانية من الانفاذ الانتقائي للقانون -هآرتس

الساعة 01:23 م|22 مارس 2018

فلسطين اليوم

صباح يوم الاثنين، بعد يوم من العملية التي قتل فيها عديئيل كولمن في البلدة القديمة في القدس، اعتقلت الشرطة ثمانية من السكان الفلسطينيين. وكان بين المعتقلين فتى ابن 15 وامراة ابنة 67. والاشتباه: انتهاك المادة المتعلقة بـ "عدم منع الجريمة". وتمت الاعتقالات في اعقاب الاشرطة التي وثقت العملية، وبدا فيها المشبوهون وهم لا يفعلون شيئا. غير أن الفترة الزمنية بين بداية الحدث حتى وصول أفراد الشرطة واطلاق النار على المخرب كانت 34 ثانية.

معنى الاعتقال والتحقيق هو ان شرطة القدس تتوقع من المارة الفلسطينيين ان يفهموا ما يحصل امام ناظريهم وان يتصرفوا في غضون ثوان قليلة، في ظل المخاطرة بحياتهم، والا فانهم سيقدمون الى المحاكمة. تفيد التجربة كم خطيرا الامر على الفلسطيني ان يقترب من ساحة عملية، وكم يسارع افراد الشرطة الى فتح النار. مطالبة الفلسطينيين بالاقتراب من مكان العملية هي مطالبة غير اخلاقية ووحشية.

مادة القانون "عدم منع الجريمة" هي مادة اتهام شاذة للغاية في جهاز القضاء الاسرائيلي. واختبارها الاوضح كان في حالة مرغليت هار شيفي التي ادانتها في النهاية المحكمة العليا بسبب عدم منعها اغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين. وفي قرار المحكمة حذر قضاة العليا من اتساع الاستخدام بهذه المادة. فقد كتب القاضي مشآل حشيم ان "لباب جناية عدم منع الجريمة هي في عنصر المعرفة: المعرفة في أن فلانا يعتزم عمل جريمة هي الشرارة التي تخلق صلة بين الشخص (المتهم) وبين الجريمة المخطط لها". ولم تكن تحت تصرف هار شيفي كما ينبغي التشديد 34 ثانية كي تعرف عن الجريمة المخطط لها وتعمل على منعها، بل اشهر طويلة. وحذر القاضي يعقوب تيركل في قرار المحكمة من أنه "ينبغي التمييز، جيدا، بين الواجب الاخلاقي للانسان لاتخاذ وسائل معقولة كي يمنع ارتكاب جريمة ما وبين واجبه القانوني".

باعتقال المشبوهين وفي طلب تمديد اعتقالهم بسبب عدم منع الجريمة سعت الشرطة الى رفع سقف اخلاقي وقانوني متعذر. ليس صدفة أن رفع السقف تم تجاه سكان فلسطينيين. فأحد لا يكلف نفسه عناء مراجعة اشرطة فيديو العمليات في غربي القدس، او في اماكن اخرى، كي يتأكد من أن كل المواطنين الذين يظهرون فيه يتصرفون مثلما يتوقع ان يتصرفوا ويهجمون على المخرب.

من الافضل أن تعلن الشرطة عن اغلاق الملف لانعدام التهمة وتطلب الافراج عن المعتقلين من الاقامة الجبرية التي يخضعون لها. فاستخدام مادة عدم منع الجريمة يجب ابقاؤه لحالات واضحة ونادرة، ولا يجب استخدامه من أجل فرض عقاب جماعي على جمهور ترغب الشرطة في معاقبته.