المعضلة الفلسطينية -يديعوت

الساعة 01:33 م|18 مارس 2018

فلسطين اليوم

دموع التماسيح في المقاطعة

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: أمريكا تجمل صفقتها في المنطقة مع السعودية وستفرضها على الفلسطينيين شاءوا أم أبوا - المصدر).

 

أحد لا يضغط حقا على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كي ينشر شجبا لعملية الدهس التي وقعت في نهاية الاسبوع. ففي الطرف الاسرائيلي بات منذ زمن بعيد لا شريك وغير ذي صلة. وفي الطرف الفلسطيني، حيث يعتبر المخرب الداهس "بطلا"، فان خطوة كهذه لن تمر. فبعد كل شيء، لا يأتي التنسيق الامني الفلسطيني ليقوم بعمل المخابرات الاسرائيلية.

وبينما يسكت ابو مازن، تلقينا أمس، في توقيت غريب، دموع التماسيح من صائب عريقات على الازمة الانسانية في غزة. فاليد اليمنى للرئيس لم ينتعش بعد من محاولة اغتيال رئيس

الوزراء رامي الحمد الله في غزة. عريقات، مثل ابو مازن، يعرف ان قيادة حماس تستخف بمؤسسات الحكم في رام الله. ومع ذلك، فانه يصر على المطالبة بالاعتذار عن أزمة الفقر والبطالة لسكان القطاع، وآثارها الخطيرة. وعريقات هو الاخر لا يلمس، عن قصد، تحريض حماس.

في حارتنا، لا يولد أي شيء صدفة: لا عملية الدهس ولا المزايدة الاخلاقية غير المقنعة من جانب عريقات. فالصورة اكثر تركيبا بكثير: بعد يومين سيسير ولي العهد السعودي على الابسطة الحمراء في واشنطن في الطريق الى اللقاء مع الرئيس ترامب في البيت الابيض. وجاء الامير محمد بن سلمان اليه جاهزا. فهو يعرف ما ينتظرون منه، وعما سيتحدث بالضبط. فالطرفان يدعيان بان العلاقات لم يسبق أن كانت اوثق مما هي بين الرياض وواشنطن.

لقد أعد سلمان فروضه المنزلية: سافر الى مصر وربط الرئيس السيسي برؤياه الاقتصادية – بل وأخرج من الجيب مئات ملايين الدولارات. الرياض والقاهرة تتجاوزان ابو مازن في الانتظار للزعيم الذي سيأتي بعده. وكذا في حقيقة أنه قفز – عن قصد – عن الاردن يوجد قول ما: سلمان لن يسحب المحفظة الى أن ينقطع الملك عبدالله عن اردوغان، يكف عن الغمز لايران، ويتبنى "صفقة القرن" لحل النزاع في الحارة. وكما يبدو هذا في الايام الاخيرة، يرفض ملك الاردن الاعلان عن فك الارتباط عن التزامه بحل مكانة الاماكن المقدسة في القدس.

اما ترامب فمثل ترامب، ليس واضحا أي مكان يحتل عنده الموضوع الفلسطيني. فحسب التقارير، استدعي رئيس أجهزة المخابرات في رام الله، ماجد فرج، على عجل الى الرياض، وتلقى من رئيس أجهزة الاستخبارات السعودية المسودة غير النهائية لـ "صفقة القرن" الاقليمية التي يعدها الرئيس الامريكي: 35 صفحة ترسم الدولة الفلسطينية المستقبلية في حدود مؤقتة على نصف اراضي الضفة، تؤجل النقاش في مكانة شرقي القدس الى موعد غير محدد، تقترح حلولا موضعية وانسانية فقط في قضية حق العودة للاجئين. والاساس: تشدد الخطة على أن صفقة القرن لترامب ستنفذ مع أو بدون موافقة فلسطينية. معهم أو بدونهم. بالضبط مثلما قال الرئيس الامريكي في ايامه الاولى في البيت الابيض: اذا ارادوا، فليأخذوا، واذا لم يريدوا، فسنتدبر أمرنا بدونهم.

تسعى صفقة ترامب لخلق كتلة في الحارة معتدلة في مواجهة اردوغان، في مواجهة حماس وبالاساس في مواجهة ايران. فبعد أن ازيل لغم تلرسون، تأخذ السعودية الخيوط، وعبدالله ملك

 

الاردن بالذات يستعرض العضلات. السيسي فرغ لحظات باهظة من حملته الانتخابية للرئاسة، واستدعى اليه رئيس الوزراء الاردني، هاني الملكي. في اعقاب اللقاء، يبدأ قصر الملك باعادة حساب المسار وبعد لحظة ستلغى اتفاقات التجارة الحرة مع تركيا.

كما يبدو هذا، فان اسرائيل توجد عميقا في الصورة: نتنياهو لن يتفاجأ من الاتفاقات، وبالاساس الاتفاقات التي لن تكشف، بين ترامب وولي العهد السعودي.ينبغي فقط لجمه في موضوع المخططات النووية. ايران ليست ذريعة. حين يكون العالم لم يقرر بعد سلمان نعم أم سلمان لا، فان العالم لا يمكنه أن يسمح لنفسه ان يدخل الملك التالي للسعودية في مغامرات خطيرة.