انتخبوا أنفسهم -يديعوت

الساعة 01:36 م|14 مارس 2018

فلسطين اليوم

انتخبوا أنفسهم -يديعوت

بقلم: سيما كدمون

(المضمون: أحد من كل اللاعبين في هذه المهزلة لم يفعل ما فعله بدوافع مصلحة الدولة. لا يوجد هنا ايثاريون. يوجد هنا سياسيون متهكمون، يحرصون قبل كل شيء على كراسيهم وعندما يهددها شيء ما، فانهم يحشنون بقوى عليا كي ينقذوا جلدتهم - المصدر).

 

مع أن رؤساء احزاب الائتلاف نزلوا عن الشجرة العالية التي تسلقوها، فان من نزل من هناك حقا هو رئيس الوزراء. فمساء اول أمس فقط سخر من رؤساء المعارضة الذين يخافون الانتخابات، وبعد استطلاع واحد وأقل من يوم من المداولات الحثيثة – تواضع في تطلعاته لاعادة احتلال رئاسة الوزراء وأعلن عن عودة الحياة الى سيرها الطبيعي.

 

إذن من قال ان ليس للاستطلاعات تأثير؟ فبعد الشكل الذي تصرفت فيه أمس الساحة السياسية، يمكن اجمال الامر والقول، انه لا تكون الاستطلاعات تعكس الواقع دوما، ولكن لها قدرة هائلة على تغييره. وهذا ما حصل أمس، ولا داع لان يروي لكم احد قصصا عن المسؤولية

 

الوطنية، عن مصلحة الدولة وعن الراشدين المسؤولين الذين عملوا من خلف الكواليس انطلاقا من الحرص على مصلحة الجمهور الاسرائيلي.

 

أحد من كل اللاعبين في هذه المهزلة التي تسمى قانون التجنيد، لم يفعل ما فعله بدوافع مصلحة الدولة. لا اولئك الذين ادوا الى الازمة، لا اولئك الذين انسابوا معها ولا اولئك الذين حاولوا بكل قوتهم حلها. لا يوجد هنا ايثاريون. يوجد هنا سياسيون متهكمون، يحرصون قبل كل شيء على كراسيهم وعندما يهددها شيء ما، فانهم يحشنون بقوى عليا كي ينقذوا جلدتهم.

 

لم يتراجع رئيس الوزراء عن نيته التوجه الى الانتخابات لاعتقاده ان هذا يضر بالدولة. فقد تراجع لانه فهم بان من شأن هذا ان يعود اليه كالسهم المرتد. فالحصول على استطلاعات مادحة من 30 مقعدا هذا شيء يعظم النفس، ولكن ليس عندما يكون هذا على حساب اولئك الذين يفترض أن يكونوا شركاءك في الحكومة القادمة. حتى 35 مقعدا لن تساعد نتنياهو على تشكيل ائتلاف، اذا كان شركاؤه ضعفاء او غير موجودين. وهذا ما اظهرته الاستطلاعات التي اجريت أول امس في قنوات التلفزيون. احزاب الائتلاف التي بصعوبة تجتاز نسبة الحسم او تلك التي ستنزل في عدد مقاعدها. وعندما تكون لهذه الاحزاب أصلا عدم رغبة تامة في التوجه الى الانتخابات، فهذا بالتأكيد يبعث على اعادة التفكير.

 

ولكن يحتمل أن يكون ما غير الصورة هو بشكل عام شيء آخر. فقد كان نتنياهو واثقا من تجربة الماضي بانه هو الذي يقود ويقرر موعد الانتخابات إذ ليس مريحا للجميع، ولا سيما للمعارضة، الاعتراف بان الموعد ليس مناسبا لهم. فمن المتوقع منهم أن يبدوا استعدادا لكل موعد. أما انتظام كل أعضاء الكنيست، باستثناء يوجد مستقبل وميرتس لطلب أن تجرى الانتخابات في تشرين الاول – شكل عاملا مركزيا في اسقاط الخطوة. ففي مرحلة معينة كان لنتنياهو 46 نائبا فقط وافقوا على الانتخابات في حزيران. وكل الباقين – في تشرين الاول.

 

من ناحية رئيس الوزراء، كان سلم الاهمية قبل كل شيء ان تجري الانتخابات في حزيران. واذا ليس في حزيران – فمن الافضل ألا تجري انتخابات على الاطلاق. والاسوأ من ناحيته، هو انتخابات في تشرين الاول. نصف سنة من اليوم هو زمن كثير، وعلى الاطلاق ليس مؤكدا ان ينجح نتنياهو في هذه الفترة الزمنية من الهرب من بشرى المستشار القانوني. واذا كان كذلك، فلعله من الافضل الشد قدر الامكان ما هو موجود، وعدم القتال على ما لا يمكن معرفة سينتهي.

 

ولكن الدفعة الاخيرة للهبوط من الشجرة أعطاها ليبرمان. فوزير الدفاع، الذي على مدى كل الاسبوع بدا كمن يعتزم السير حتى النهاية، لدرجة أنه كان بدا أنه بينه وبين نتنياهو توجد صفقة مربحة – اكتشف أمس انه في الطريق الى حقيبة الدفاع في الحكومة القادمة توجد محطة أخرى. واذا كان عدد مقاعده في هذه الانتخابات سيكون مثل ذاك الذي ظهر في الاستطلاعات، فليس مؤكدا على الاطلاق ان يصل الى مرحلة الاتفاقات الائتلافية. وحتى بالنسبة لليبرمان كان هذا رهانا خطيرا جدا. وفي الظهيرة كان يمكن أن نراه يتجول ويركل الكرة لتعود الى ملعب نتنياهو. ليبرمان ليس إمعة. وهو لا يعتزم ان يحفر بيديه حفرة لنفسه. امس، لاول مرة، اظهر لنتنياهو الطريق لحل الازمة كي لا يسير الى الانتخابات.

 

ليس مؤكدا أن نعرف في أي مرة كل ما وقع بين أذني نتناهو. اذا كان هذا هو الاستطلاع، الموعد، او كان امورا اخرى غيرت دافعه للسير الى الانتخابات. مثلا، ماذا كان وزن الاتفاق الذي صاغته احزاب الائتلاف، وكان فيه تهديد ضمني للكشف عن حقيقة أن نتنياهو يجر الدولة الى الانتخابات بسبب التحقيقات فقط. اما ربما كان هذا على الاطلاق وعدها بالا تفكك الحكومة الى ان تكون توصية بلائحة اتهام كاملة – كاملة من المستشار القانوني.

 

هذا ايضا لا يهم. المهم أن نعرف كم سهل جر الدولة الى انتخابات تكلفها مليارات. كم هي المصلحة الشخصية، نزعة البقاء، التلاعبات السياسية تملي جدول أعمال هذه الدولة.

 

وبأي سهولة يمكن قلب الجرة رأسا على عقب.