اقتصاد غزة شبه المنهار يزج تجار و رجال الأعمال في السجون

الساعة 05:17 م|09 مارس 2018

فلسطين اليوم

تمتلئ عينا سامح المدهون بالدموع وهو يروي ما آل اليه وضعه من رجل أعمال ناجح إلى موقوف في أحد سجون حماس في غزة بعد افلاس شركته بسبب تدهور الوضع الاقتصادي في القطاع. يبدو الوضع الاقتصادي في غزة في أسوأ حالاته مع استمرار الحصار الخانق على القطاع الساحلي الفقير للعام الحادي عشر على التوالي.

المدهون يملك شركة لتأجير السيارات في غزة وهو واحد من بين 42 ألف شخص تم اصدار أوامر حبس بحقهم خلال العام الماضي لعدم ايفائهم بالتزاماتهم المالية، وفق الشرطة في غزة. وبعد أن كانت شركته تمتلك نحو مئة سيارة برأسمال يصل إلى "8 ملايين دولار" كما يقول، اضطر المدهون لبيع منزله وغالبية سياراته لسداد ديونه التي بلغت أكثر من "3 ملايين دولار".

يقول الرجل (40 عاما) وهو في مركز توقيف غرب مدينة غزة وبالكاد يحبس دموعه "حتى منزلي بعته، تمكنت من سداد نصف الديون فقط، لم أعد أملك شيئا الآن". ورغم أنه تم ايقافه في أيلول/سبتمبر الماضي إلا أن الشرطة تسمح له بمغادرة السجن ليومين أسبوعيا للبقاء مع عائلته وأطفاله الأربعة ولمحاوله تسديد جزء من ديونه.

والتقت الوكالة الفرنسية به مرة داخل السجن في حين التقته المرة الثانية في شركته غرب مدينة غزة. ويضيف "السوق انهار، رغم أن الأسعار هبطت إلا أنه لا يوجد مشترين، لم يعد معي سيولة وتقدم الناس ضدي بشكاوى وانتهى بي الأمر في السجن". ويتابع "إذا استمر الوضع هكذا فكل تجار غزة سيفلسون".

"الاقتصاد في موت سريري"

يقول مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع إن "الوضع الاقتصادي في قطاع غزة وصل إلى الرمق الأخير من حاله الموت السريري، وهو الاسوأ منذ بدء الحصار".

من جانبه يؤكد رئيس لجنة تنسيق البضائع على المعابر التجارية مع "إسرائيل" رائد فتوح تراجع عدد الشاحنات والبضائع التي يتم استيرادها عبر معبر كرم ابو سالم التجاري التي تسيطر عليه "إسرائيل" ما بين 50 إلى 60 بالمئة خلال السبعة شهور الأخيرة.

وتضاعفت قيمة الشيكات المرتجعة لعدم توفر رصيد في الحسابات البنكية في القطاع لـ 112 مليون دولار في عام 2017 بعد أن كانت قيمتها في عام 2016 تبلغ 62 مليون دولار، بحسب الطباع الذي يؤكد أن قيمة هذه الشيكات "هو دليل قاطع على حالة الانهيار الاقتصادي في قطاع غزة" ويعزو ذلك الى "الحصار وانعدام توفر سيولة نقدية إلى جانب انعدام القدرة الشرائية".

في حين ارتفع عدد كافة الموقوفين في سجون غزة العام الماضي بنسبة 20 بالمئة مقارنة بالعام الذي سبقه، بلغ عدده هؤلاء الموقوفين على خلفية قضايا مالية 42.525 وهو ما يعادل 38 بالمئة من اجمالي الموقوفين بحسب المتحدث باسم شرطة غزة ايمن البطنيجي.

ويشير أيضا إلى أن عدد الموقوفين حاليا في السجون على قضايا ذمم مالية نحو 600 شخص، مشددا على ان "بقاءهم في السجن لن يحل المشكلة".

وخلال الشهر الجاري قامت الغرفة التجارية في غزة بتسديد جزء من قيمة الديون على 140 تاجر ورجل اعمال في القطاع لإخلاء سبيلهم من سجون غزة، إلا أن "مئات التجار ورجال الأعمال محتجزون الآن لدى الشرطة" بحسب الطباع.

وفي محاولة لاحتواء الازمة اعلنت النيابة العامة في غزة مؤخرا في بيان انها قررت "إعطاء فرصة شهر قابلة للتمديد بشكل مفتوح في حال أبدى المدين استعداده للحل وارجاع الحقوق وعدم التهرب".

ويقول البطنيجي "نحاول تأجيل أمر الحبس أو السماح للموقوفين بالخروج من السجن لتسوية أوضاعهم".

واحكمت "إسرائيل" حصارها على قطاع غزة بعد سيطرة حماس عليه في العام 2007، و فشلت عدة وساطات لاستعادة الوحدة بين حركتي فتح وحماس ما فاقم الأزمة الاقتصادية عدا عن الاجراءات العديدة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية خلال الأشهر الماضية ضد قطاع غزة ، وكان أبرزها خفض رواتب موظفي السلطة فيه، واحالة الاف منهم للتقاعد المبكر.

انهيار السوق

يقول أعلى مسؤول للأمم المتحدة في "إسرائيل" والاراضي الفلسطينية إن قطاع غزة يواجه "انهيارا كاملا". كما يحذر "إسرائيليون" علانية من آثار ذلك، وحذر قائد الجيش مرار الكنيست الإسرائيلي من خطر مواجهة عسكرية جديدة إذا استمرت الأوضاع الانسانية في القطاع بالتدهور.

ويقول تاجر آخر فضل عدم الكشف عن هويته وهو أيضا موقوف منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي "كل ما بنيته في السوق منذ تأسيسي شركتي عام 2002 خسرته العام الماضي، ديوني تجاوزت مليون ونصف دولار"، ويتابع "قمت ببيع عقارات لسداد الديون ولم أتمكن من سدادها كلها". ويوضح "السوق منهار بسبب الحصار وأزمة رواتب السلطة" مضيفا "طالما لا يوجد استقرار سياسي لن يكون هناك استقرار اقتصادي ولن تنهض السوق مجددا".

كلمات دلالية