بالصور "باب العامود".. بهية تحلم بيوم الإفراج عن ماهر!

طالما صوَّر الإعلام معاناة الأسرى وعذاباتهم داخل سجون الاحتلال، لكنه لم يستطع أن يدخل إلى التفاصيل الدقيقة لحياتهم الإنسانية والعاطفية، وعلاقتهم مع عائلاتهم بصورة مختلفة، وهذا ما فعلته بالتحديد رواية "باب العامود" للكاتبة والإعلامية نردين أبو نبعة.

الرواية المغمسة برائحة القدس والمأخوذة عن قصة حقيقة تم إطلاقها ومناقشتها في قطاع غزة من قبل دار الشاطئ للدراسات والتوثيق وبالشراكة مع صالون نون الأدبي في قاعة مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق بمدينة غزة، بحضور لفيف من المثقفين والكتاب والإعلاميين والأسرى المحررين.

"باب العامود" رواية بطابع قصصي عن الأسير المقدسي البطل ماهر الهشلمون على لسان زوجته بهية، تأخذك إلى ظلام السجن وعذابات الأسرى وذويهم، كما تصحبك إلى أزقة القدس ودكاكينها وجلسات أهلها الذين وقفوا في وجه ظلم وغطرسة المستوطنين الصهاينة.

الكاتبة المقدسية نردين أبو نبعة قالت في رسالة مسجلة: "أن تكتب رواية فلسطينية في هذا الوقت بالذات، الوقت الذي يحتفي العالم فيه بالظلم والقبح، وأن تكتب رواية ضد المألوف والمعتاد وضد المزاج الرسمي العربي، فأنت غير مرحب بك"

وأوضحت أن رواية "باب العامود" رواية الانسان الفلسطيني بعيداً عن القوالب النمطية والاعتيادية، مشيرةً إلى محاولتها التركيز على الأسير الانسان وعلى زوجته، وعلى الأسير الذي يعشق الحياة والحرية والوطن، والذي تشبه أمنياته أمنيات جميع الناس.

وأضافت: "سلطت الضوء على أن الأسير ليس عدد ولكنه مشروع حياة لكن تم قطفه قبل أن يستوي على سوقه، وعرضت الجوانب النفسية والعاطفية للأسير، من حب وخوف وارتباك، ونقل ما لم تنقله كاميرات التلفاز عن هؤلاء الأسرى".

وتابعت: "تكتب بهية رواية الأسرى والوطن والقدس، وتشاركنا في حراسة الذاكرة وحراسة الوطن وتسند الرجل بل تسند الوطن بأكمله، وفي هذه الرواية تحضر القدس وتحضر حلب عمان ودبي وتحضر الأسئلة وأهم سؤال تم طرحه فيها هو: من يملك الحق التاريخي والديني في مدينة القدس؟، حيث أجبت عن السؤال بطريقة معرفية توثيقية، لأن المعرفة والتوثيق في هذه الجزئيات يدعم النص الروائي".

من جانبه أكد ياسر صالح رئيس مؤسسة مهجة القدس، اهتمام دار الشاطئ للنشر والتوزيع بكل ما يتعلق بأدب السجون، وما له علاقة بتضحيات الشعب على طريق دحر الاحتلال.

وشدد صالح في حديثه لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية"، على أن رواية "باب العامود" تعتبر رداً حقيقياً على إعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الرواية تطرح نموذجاً لسكان القدس وتضحياتهم، وتوضح العلاقة بين الأسرى وزوجاتهم وعائلاتهم.

ولفت إلى أن "باب العامود" أكدت على العلاقة بين المقدسي وكل تفاصيل مدينة القدس من رائحة الكعك، والزعتر والزيتون، والنوافذ المطلة على باحات الأقصى، مبيناً أنها تؤكد كذلك على عروبة فلسطين والقدس، وصمود أهالي القدس في بيوت تكاد تهيل على رؤوسهم، وصبر أصحاب الدكاكين والمحلات على عجرفة وطغيان الصهاينة.

وأضاف: "تحدثت الرواية عن الأسرى من الناحية الإنسانية، فغالباً ما نقول أن في السجون 6500 أسير، لكن الرواية تتضمن حديثاً مطولاً عن الأسير ماهر الهشلمون الذي حكم 200 عام وعن زوجته وأبنائه، وكيف عانوا وضحوا وحافظوا على العلاقة حتى وهو خلف القضبان، وعن علاقتهم بباحات وجدران وشوارع القدس العتيقة".

وتابع: "شيء مهم للعالم أن يدرك أن الأسير إنسان وليس رقماً أو مجرماً أو إرهابياً كما يصوره الاحتلال، وكل من يقرأ الكتاب سيجتاحه أشكال التضحية وسيرتبط بالمقدسات بشكل أكبر، فالكلمة رصاصة وجيش رديف للذين يحملون السلاح، والكلمة مهمة جداً في تعبئتنا وفي ربطنا بثوابتنا ومقدساتنا".

من جانبها قالت الكاتبة والناقدة د. مي نايف، إن رواية "باب العامود" مأخوذة عن قصة حقيقة بطلها الأسير ماهر الهشلمون وزوجته بهية، تبدأ الرواية في عام 2025 أي بعد 7 سنوات من الآن، ثم تعود بالزمن مرة أخرى، حيث تتخيل بهية الإفراج عن زوجها الأسير ويقيمون عرساً آخراً لهم بحضور أبنائهم.

وأشارت نايف لمراسلنا إلى أن الرواية حكت عن ثنائية العبودية والحرية، وكيف أن بعض الناس اختاروا العبودية وهم أحرار والبعض عاش حراً رغم أنه خلف قضبان الزنازين.

وعن أسباب اختيار الرواية للمناقشة أوضحت أن السبب الأول هو أنها جاءت في شهر المرأة، والسبب الثاني هو ما تتعرض له القدس في الوقت الحالي، مضيفاً: نحن نريد أن نؤكد ضرورة رفض العبودية والذهاب نحو الحرية".

ونوهت إلى أن الكاتبة لديها أدبية شعرية عالية، وتنظيم روايتها من ناحية الزمان والمكان والحبكة جاء على مستوى عالٍ جداً، مؤكدةً أن الرواية كتبت لنفسها البقاء والخلود، لتبقى جرساً يدق في ضمائر العرب والمسلمين.