أفكار محظور التفكير بها -معاريف

الساعة 12:57 م|04 مارس 2018

فلسطين اليوم

\بقلم: مئير عوزيئيل

(المضمون: الحرب التي قد تنشب وحبذا الا تنشب، مع سوريا قد توصلنا الى اكثر من مجرد صد العدو والعودة الى الديار بسلام. فماذا سيحصل مثلا لو وصلنا الى الفرات؟ - المصدر).

 

حرب جديدة في الطريق. في الكتابة الصحيحة يجب أن تضاف علامة سؤال. اما في الواقع الشرق اوسطي فلا حاجة الى علامة السؤال. الحرب توجد هنا كل الوقت، فقد تعلم الاسرائيليون ان يعيشوا وكأنه لا توجد حرب وان يقاتلوا وكأن كل حياتهم حروب. ما يحصل منذ سبعة سنوات على مسافة غير بعيدة عن كل واحد منا، في سوريا، يمثل اكثر من اي شيء آخر ما هو عجيب في فقاعتنا. ولكننا نتصرف وكأننا في حائط فولاذي لا يمكن اختراقه ومطلي بالزفت.

 

ان الكراهية غير العقلانية ضد اليهود لم تنتهي ولم تتوقف حتى بعد ان اقام اليهود دولة. شيء واحد تغير: من الان فصاعدا من يقتل يهودا يدفع على هذا ثمنا باهظا. هناك كلمة غريبة في الكلمات العشرة: "لا تترأف". كيف يمكن الا تترأف؟ يسألون دوما. لا يمكن، بالطبع، وعليه فاحد لا يزال لا يطلب من كارهينا الا يترأف في قتلنا. وحتى اتفاقات السلام مع مصر ومع الاردن ليست حقا حصانة من هذه الكراهية. في كل واحدة من هاتين الدولتين، السلام موجود في بنود العقد. ولكن الترأف في قتل اليهود وتصفية دولتهم مسموح ومرغوب فيه. وعليه، ففي كل هذه البلدان نجد أن منظمات الصحافيين، الكتاب، المعلمين، المحامين، المهندسين، الحدادين، النجارين وكل مهنة اخرى أو منظمة اخرى تتصورونها – يحذرون العلاقات مع اسرائيل او مع الاسرائيليين. في اللغة العربية و(الفارسية) التطبيع مع اسرائيل هو كلمة معناها مرادف للجميع. اسرائيل تعيش في

بحر من هذه الكراهية. وأنا آمل ان تبقى جملة "حرب جديدة في الطريق" التي بدأ فيها هذا المقال هراء آخر كتبته على الورق.

هل نحن مستعدون للحرب عندما ستأتي؟ هذا يعني، هل نحن مستعدون للنصر؟ هل نحن راغبون في النصر؟ بين تصريحات رجال الجيش الاسرائيلي عن اهداف الحرب التي تنشب، سمعنا مؤخرا هذا التعريف للنصر: تصفية نصرالله.

عزائي للارملة، ولكن هذا لا يبدو لي تعريفا جديدا للنصر. فكيف حقا يعرفون في اسرائيل النصر في الحرب التي حبذا الا تنشب، حبذا لو لم تنشب، اذا ما نشبت؟ على مدى حياتي سألت الكثيرين من زعماء اسرائيل هذا السؤال. سألت هذا اشخاصا من كل الاحزاب: ماذا تريد اسرائيل اذا نشبت الحرب؟ ودوما تلقيت اجوبة ملتوية، ولهذا فقد طورت دوما السؤال واضفت له صيغة جواب كهذه: "هل صحيح ان التعريف الاسرائيلي لهدف الحرب، كل حرب، هو: النجاح في صد العدو والعودة الى الديار الى الام بسلام؟" نعم كان الجواب دوما، وكما قلنا على لسان زعماء من كل الاحزاب. ربما كانوا يضيفون احيانا شيئا ما حول كي ثمن الحرب في وعي العدو وما شابه. ولكن بشكل اساس هذا هو الهدف.

الحرب التي قد تنشب وحبذا الا تنشب، مع سوريا، قد تضعنا أمام اسئلة تتجاوز العودة الى الام بسلام. ماذا سيحصل، مثلا، اذا ما وصلنا الى الفرات؟ بعيدا، بعض الشيء، صحيح، ولكن في زمن الحرب تسير الدبابات بسرعة. أفترض ان الكثيرين من قرائي الاحباء يهتزون الان من هذه الجملة ويقولون: "الفرات؟ نهر الفرات؟ لماذا تذكر هذا الان؟ اشطبه بسرعة، لا تطرح افكارا كهذه في رأسك. هذا ما ينقصنا فقط".

هذا ما ينقصنا فقط، الوصول الى الفرات. ولكن هذا من شأنه، او كفيل، بان يحصل لنا في حرب جديدة مع سوريا. هذا النهر، الفرات، الذي يظهر في حدود البلاد التي وعدنا بها، لا يظهر في الاحلام، في التطلعات، او في اهداف الحرب لاسرائيل ولا حتى في اماني مفكرينا. ففريضة "لا تترأف"، بالعبرية الاسرائيلية، هي بالاساس فريضة، لا تترأف في توسيع الحدود. بين عظماء فكرنا، اوري تسفي برينبرغ هو الوحيد الذي تجرأ على ان يحلم بالفرات. هناك بيت في قصائده الذي أثر في بشدة جمالها وسعيها، يصف كيف ينزل قدميه الى مياه الفرات. وجدت لديه ايضا بيوتا كهذه عن الاهداف المناسبة للحرب ضد اعدائنا المجرمين: "من بيننا سيقوم المنتقم... وفي مياه البحر المتوسط سيغسل قدميه وللفرات سيأتي ليغسل ملابسه ويسقي حصونه من عطش الطريق". هذه الكلمات، ذكر نهر الفرات في سياق الاحلام الروحية أو اهداف الحرب، محظورة الاقتباس.

 

افترض أن هناك من سيسعى الى شطبها من الفيسبوك والواتس اب وكل وسيلة الكترونية اذا ما ظهرت فيها في اي مرة. واضح تماما ان الاسرائيليين اليوم ليسوا مبنيين على الاطلاق لمثل هذا التفكير. نحن بصعوبة نستوعب حقيقة ان السفارة الامريكية تنتقل الى القدس. التطبيع مع اسرائيل الذي تحظره البلدان العربية ليس معزولا في بلدان الشرق الاوسط. في واقع الامر، نحن انفسنا ايضا نتعاطى مع التطبيع تجاه أنفسنا كانحراف عن الذوق السليم. كثيرون عندنا يتحدثون منذ الان عن نقل السفارة الامريكية الى القدس ببعض التحفظ وكأن الحديث لا يدور عن السفارة الامريكية الى اسرائيل بل عن السفارة الامريكية الى الليكود. وكأن هذا ليس نقل السفارة الامريكية الى القدس بل نقل سفارة ترامب الى القدس.