من هو اليساري- معاريف

الساعة 11:32 ص|27 فبراير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: البروفيسور آريه الداد

(المضمون: جاءت تحقيقات نتنياهو وأظهرت مرة اخرى بان الحزب فقد بوصلته الاخلاقية والايديولوجية. لا بلاد اسرائيل ولا فلسطين، لا يمين ولا يسار. لا نظافة الايدي ولا الهدايا المحظورة. فقط مسألة واحدة هامة لهم: هل انت مع نتنياهو أم ضده -المصدر).

 

عشر سنوات قضيتها كنائب في الكنيست في كتلة الاتحاد الوطني، في حزب كان الرمز اليميني في الكنيست. أبي رحمه الله، البروفيسور اسرائيل الداد، من زعماء ليحي وايديولوجيي اليمين – علمني تقريبا كل ما اعرفه وغرس في كل ما اؤمن به. لقد جلبتني الايديولوجيا اليمينية الى الكنيست. جئت الى هناك كي اقاتل في سبيل بلاد اسرائيل. ورأيت في سنواتي في الكنيست الليكود برئاسة ارئيل شارون يخون بلاد اسرائيل، يقتلع 25 بلدة في قطاع غزة وشمال السامرة. ورأيت بنيامين نتنياهو يصوت المرة تلو الاخرى في صالح فك الارتباط.

 

عندما تركت الكنيست كتبت كتابا، "ما يرى من هنا – ماذا يحصل لزعماء اليمين عندما يصلون الى الحكم؟" حللت فيه العوامل التي أدت بمناحم بيغن لان يقتلع بلدات سيناء، ينسحب من شبه الجزيرة ويعترف "بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني"، فيما يوافق على اعطائهم حكما ذاتيا في يهودا والسامرة وغزة. حللت الجذور الايديولوجية لنتنياهو، الذي واصل اتفاقات اوسلو ولم يلغها، سلم الخليل للعرب وكان مستعدا للتنازل عن كل هضبة الجولان. وهكذا ارئيل شارون، وهكذا ايهود اولمرت، امير الليكود المتميز بحد ذاته.

 

من فوق الجميع ارتفعت شخصية اسحق شمير؛ الوحيد من بين كل زعماء الليكود الذي بقي مخلصا لبلاد اسرائيل ولم يخنها. لم يسلم ميلمتر للعرب واثبت بانه يمكن ان يبقى مخلصا للايديولوجيا حتى عندما يصل الى كرسي الحكم. مقياسي في مسألة من هو اليميني هو موقفه من بلاد اسرائيل. من يكون مستعدا لان يقيم دولة فلسطينية في وطني – ليس يمينيا. ولهذا فان بنيامين نتنياهو الذي في خطاب بار ايلان، وفي خطابات كثيرة منذئذ كان مستعدا لان يعترف بدولة

 

فلسطينية – ليس يمينيا بالنسبة لي. لعله يمين اقتصادي، هو بالتأكيد فنان سياسي، فقد ثبت مكانة اسرائيل الدولية، ولكنه لا ينتمي لليمين الايديولوجي. إذ كان مستعدا لان يتنازل ايضا عن هضبة الجولان بل ويعطي الفلسطينيين دولة في يهودا والسامرة.

 

كما ان نتنياهو ليس يساريا بالطبع. فهو ليس متحمسا لتسليم وطننا للعرب. ولكنه لا يستبعد استبعادا تاما هذه الفكرة. فهذه ليست بالنسبة له أمر لن يمر الا على جثتنا. واذا قلتم انه قال فقط ولكنه يفعل العكس عمليا، فهذا هراء. في 12 سنة له كرئيس وزراء بنى في يهودا والسامرة اقل مما بنى ايهود باراك في سنة ونصف. لم يبن في يهودا والسامرة ولا في القدس، لم يحل السيادة حتى على معاليه ادوميم. منذ 15 سنة وأنا اقول هذا: في الخطابات في الكنيست، في المقالات، في المقابلات للصحافة. ودوما كان يعرف كل رجال المعسكر الوطني، وكذا الليكوديون، باني محق. المستقيمون منهم هزوا أكتافهم واعتذروا: هو افضل ما لدينا.

 

وها أنا قد نلت، بمناسبة شبهات نتنياهو الجنائية والتحقيقات التي تحيط به ومستشاريه المقربين الذين يصبحون أو في طريقهم لان يصبحوا شهودا ملكيين ضده، لقبا جديدا: يتبين اني لست يمينيا على الاطلاق. انا يساري.

 

لا سمح الله لاني تجرأت على انتقاد نتنياهو انتقادا من اليمين: فهم لم يسمعوا مني ابدا كلمة اخرى. ولكن ها أنا قد اضفت صوتي ايضا للتقدير بان على الليكود ان يختار زعيما بديلا كي لا يسقط مع نتنياهو. نتنياهو ليس اليمين. وهو ليس المعسكر الوطني. اذا وجد بريئا – يمكنه أن يعود ليكون رئيس وزراء. ولكن اذا ما وصل الى الانتخابات بينما معلقة فوق رأسه لائحة اتهام – فاليسار قد يصعد الى الحكم.

 

كان بوسعي أن اقول الف مرة اخرى ان نتنياهو ليس يمينيا في نظري، وما كان الليكوديون سيحركون ساكنا. ولكن من اللحظة التي قلت فيها ان على نتنياهو ان يرحل كي لا يسقط كل المعسكر الوطني معه – أصبحت يساريا. فاليساري بالنسبة لهم هو كل من هو ضد نتنياهو.

 

الليكود، الذي كان مستعدا لان يواصل نتنياهو رئاسته حتى بعد خطاب بار ايلان، ليس حزبا يمينيا ايديولوجيا. الليكود هو حزب الحكم، والحكم اهم له من بلاد اسرائيل. وجاءت

 

تحقيقات نتنياهو وأظهرت مرة اخرى بان الحزب فقد بوصلته الاخلاقية والايديولوجية. لا بلاد اسرائيل ولا فلسطين، لا يمين ولا يسار. لا نظافة الايدي ولا الهدايا المحظورة. فقط مسألة واحدة هامة لهم: هل انت مع نتنياهو أم ضده.