العاب سيطرة- معاريف

الساعة 12:31 م|26 فبراير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: زلمان شوفال

تولى لمرتين منصب السفير الاسرائيلي في الولايات المتحدة

(المضمون: حيال المحاولة الفلسطينية لاعطاء موسكو دور مساو لواشنطن بل وأعلى منه بالنسبة للنزاع ستضطر اسرائيل الى ان تسير على اطراف اصابعها كي لا تبدو في نظر الروس كالمانع الاساس امام تطلعاتهم – ومن الافضل أن تبقي المهامة للامريكيين - المصدر).

 

إنقضت النفوس الطيبة في الاعلام والسياسة وكأنها وجدت غنيمة كبرى على تصريحات الناطق بلسان البيت الابيض جوش رفائيل، والتي جاء فيها وكأن رئيس الوزراء "كذب" حين قال انه تحدث مع الرئيس ترامب عن ضم بلدات اسرائيلية في المناطق. باستثناء أن رفائيل لم يقل على الاطلاق ان ريس الوزراء "كذب" – بل ان أقواله كانت مثابة معلومات مغلوطة أو مضللة – وثمة فرق اساسي بين الاثنين. بالمقابل، ما لعله اهم من صيغة اقوال الناطق الامريكي هي روح الامور والتي يمكن أن نشعر فيها بمحاولة ضد ادعاءات الفلسطينيين وجهات اخرى وبموجبها في اعقاب اعتراف الادارة بالقدس كعاصمة اسرائيل، فقدت الولايات المتحدة مكانتها كوسيط نزيه في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.

 

في هذه الاثناء دخلت الاستراتيجية الفلسطينية للعمل في ظهور ابو مازن في مجلس الامن. والموقف الفلسطيني بالنسبة لدور الولايات المتحدة بالذات في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني يشير الى ان الفلسطينيين يحاولون هجر صيغة المفاوضات المباشرة، بل وصيغة اوسلو، ويتمسكون بالدعوة الى تدويل المعالجة للنزاع – أي التكليف به للامم المتحدة او "الرباعية الدولية"، مضاف اليها بعض الدول العربية – مع تشديد صريح على روسيا. لقد عارضت اسرائيل دوما، وعن وحق، لاسباب مفهومة، البحث في محافل دولية ستجد فيها نفسها في الاقلية التي يملى عليها مسبقا، وكان هذا ايضا الموقف التقليدي للولايات المتحدة منذ أن تخلت عن فكرة مؤتمر جنيف، بقيادة مشتركة مع الاتحاد السوفياتي، قبل 40 سنة.

 

يعتقد أبو مازن ومستشاروه على ما يبدو بانه في اعقاب ضعف مكانة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط في عهد اوباما، وبسبب المواجهة بين ادارة ترامب والحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في اوروربا في مواضيع دولية مختلفة كالاتفاق النووي مع ايران، بالتوازي مع صعود نجم روسيا في الشرق الاوسط، نشأت ظروف للتولي موسكو دورا مساويا لدول واشنطن، بل وربما أعلى منه، في كل ما يتعلق بالنزاع مع اسرائيل. وبالفعل، فان الاقوال التي تطلق بين الحين والاخر على

 

لسان دبلوماسيين روس عن "دعوة الطرفين الى موسكو" تشهد على أن الرئيس بوتين على ما يبدو لا يرفض الفكرة رفضا باتا، وان كان من أجل تثبيت مكانة روسيا كقوة عظمى حيال الولايات المتحدة (وربما الصين). في هذا الموضوع ستضطر اسرائيل، بمراعاة مصالحها الاخرى مع روسيا، ولا سيما في الموضوع السوري والايراني، الى ان تسير بالتالي على اطراف اصابعها كي لا تبدو في نظر الروس كالمانع الاساس امام تطلعاتهم – ومن الافضل أن تبقي المهامة للامريكيين. توقع اسرائيل في هذا السياق هو أن تعمل ادارة ترامب مثلما عملت كل الادارات الامريكية في العقود الاخيرة.

 

لقد قيل انه في حديث هاتفي جرى بين ترامب وبوتين في اعقاب مصيبة الطائرة الروسية التي قتل فيها 71 مسافرا من رجال الطاقم، روى الرئيس الروسي بانه سيلتقي ابو مازن، وترامب قال ردا على ذلك ان "هذا هو الوقت للعمل من أجل تحقيق سلام دائم "بين الطرفين". فهل ينبغي أن نرى في ذلك اعرابا عن الامل بعمل مشترك مع الروس في هذا الشأن أم ربما العكس بالذات، بمعنى انك تلتقي مع من تريد، ولكني أنا لا اضيع وقتا كي اصل الى هدف السلام بطريقتي؟ ينبغي الافتراض بان ترامب ومستشاريه يفهمون جيدا بان تخصيص مكان لروسيا على طاولة المباحثات في هذا الموضوع معناه تحقيق المصالح الدولية، وبالاساس الشرق الاوسطية، الصرف لروسيا – على حساب مصالح امريكا – ومس شديد محتمل بالمصالح الاسرائيلية.

 

وبالنسبة للاقوال التي نسبت لنتنياهو، فواضح ان نتنياهو طرح امام الرئيس ترامب، كما هو مطلوب منه كرئيس وزراء مسؤول، عشرات المرات مواضيع تتعلق بالنزاع وبطرق حله – ليس من أجل وضع عراقيل امام نية الرئيس لطرح خطة خاصة به بل من أجل الاعراب عن مواقف اسرائيل في هذا الشأن. هكذا بحيث أن قول نتنياهو انه "تحدث منذ زمن بعيد مع ترامب عن موضوع السيادة في المناطق"، ليس فقط ليس كذبا بل بصعوبة يمكن وصفها حتى "بالمغلوط" او "بالمضلل" – وان كان من حيث توقيته غير مريح للامريكيين، الذين على ما يبدو ليسوا على علم كاف بموجات الحرارة السياسية التي تهب بشكل عام في جلسات كتلة الليكود، والامور التي تقال فيها لا تحظى دوما بصياغة دبلوماسية كاملة. وبين هذا وذاك فان سوء التفاهم حتى وان كان الوهمي بين اسرائيل والبيت الابيض في هذا الشأن سيسوى بسرعة ودون سقوط سلبي، وفي هذه الاثناء أعلن البيت الابيض عن لقاء آخر بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء نتنياهو.