بقلم: يوسي ميلمان
(المضمون: يحتمل أن يكون الاسد غير استراتيجيته في الرد على غارات سلاح الجو، ولكن هذه تعرضه لخطر شديد هو والاستقرار في المنطقة).
مر الاسبوع الماضي بهدوء في الحدود الاسرائيلية – السورية. فلم تسجل حوادث – وعلى الاقل لم يبلغ عنها – منذ السبت الماضي حين اسقط صاروخ ارض – جو سوري طائرة اف 16. في تلك الحادثة، الاخطر منذ بدء الحرب الاهلية في سوريا، أطلقت سوريا 25 صاروخا نحو طائرات سلاح الجو التي قصفت منصة اطلاق الطائرة الايرانية بلا طيار التي تسللت الى مجالات اسرائيل. وقتل في القصف عدة ايرانيين، ولكن ايران، التي تنفي مجرد وجود الحدث، تخفي موتهم.
وبالمناسبة، أمل مطلقو الطائرة الايرانية بانه بفضل تكنولوجيتها المتطورة ستتملص من الحمايات الجوية الاسرائيلية ولن تكتشف. ويشهد اكتشافها ليس فقط على قدرات اسرائيل النوعية بل وايضا على أن المتملصة الايرانية مبنية اغلب الظن من مواد تتخلف في جودتها عن تلك التي لدى الولايات المتحدة، ويمكن الافتراض ايضا عن تلك التي لدى اسرائيل. فقد بنيت الطائرة الايرانية استنادا الى الطائرة الامريكية المتملصة التي نجحت ايران في اسقاطها في اراضيها.
كنتيجة للرد الاسرائيلي، يمكن لايران ان تستخلص واحدا من استنتاجين. العمل بحذر شديد في المستقبل وعدم استفزاز اسرائيل او محاولة العمل بشدة اكبر لجباية ثمن أعلى منها.
في سلاح الجو يواصلون التخفيف في ملابسات الحدث، وهناك خلاف في مسألة اذا كان الجيش السوري قد عقد كمينا مخططا ضد الطائرات ام أن بطاريات المضادات الحيوية كانت في حالة تأهب عليا. اذا كان هذا كمينا مخططا، فقد كان ينبغي لايران ان تكون منسقة مع سوريا حتى آخر التفاصيل في كل ما يتعلق باطلاق طائرتها غير المأهولة. مهما يكن من أمر، فان النار المكثفة للصواريخ يمكن لها ربما أن تشهد على تغيير في الاستراتيجية السورية. في الفترة الاولى من عمل سلاح الجو في سماء سوريا، والتي بدأت وفقا لاحد المصادر في 2012، وحسب مصدر آخر في وقت لاحق – لن تحاول منظومات مضادات الطائرات السورية تحدي الطائرات الاسرائيلية. فقد كان اهتمام نظام الاسد مصبوبا على الحرب ضد الثوار. وفي مرحلة لاحقة، قبل نحو ثلاث سنوات، بدأت منظومات الدفاع الجوي السوري تطلق بضعة صواريخ نحو كل طائرة تتسلل الى اراضيها وتخترق سيادتها.
تلميح على امكانية أن يكون نظام الاسد غير الاستراتيجية تجاه غارات سلاح الجو كان يمكن أن نجدها هذا الاسبوع في مصدرين. أولا، نائب وزير الخارجية السوري ايمن سوسان قال في مؤتمر صحفي في دمشق انه اذا هاجمت اسرائيل مرة اخرى "بانتظارها مفاجآت اخرى"، والتي لم يفصلها. اما المصدر الثاني فهو الصحافي البلجيكي ايليجا منيا، الذي يغطي أخبار حزب الله منذ تأسيسه الرسمي في 1984. فقد افاد منيا الذي يتجول في المنطقة بان "القيادة السورية وحلفاءها (هو يلمح بايران) قرروا ان يفرضوا على اسرائيل نظاما جديدا لفتح النار".
فحسب التقرير اياه، فان كل خرق للمجال الجوي السوري يرد عليه بصواريخ عديدة ليس فقط نحو الطائرات، بل وايضا نحو بلدات في هضبة الجولان. وكتب منيا يقول ان "ليس المقصود هو اصابة هدف معين، بل فقط منع الاسرائيليين من ادارة نمط حياة اعتيادي واجبارهم على الجلوس في الملاجيء". بكلمات اخرى، اذا كان التقرير صحيحا، فهذه هي الرواية السورية للصيغة الاسرائيلية عديدة السنين التي كانت تقول "اذا لم يكن في جهتنا هدوء، فلن يكون هدوء في الجانب الاخر من الحدود ايضا".
اذا كان الاسد بالفعل قرر التغيير في نظريته الحربية تجاه اسرائيل، فانه يخاطر جدا. واضح ايضا له ولمستشاريه بان اسرائيل سترد بما يتناسب مع ذلك، بقوة تفوق تلك التي استخدمتها في السبت الماضي، والتي دمر فيها سلاح الجو نحو نصف منظومة الدفاع الجوي السورية. في مثل هذه الحالة، المعنى هو التصعيد لدرجة الحرب بين اسرائيل وسوريا، والتي من شأنها أن تجذب اليها ايران وحزب الله. وبعد أن نجح الاسد في استقرار نظامه واستعادة سيطرته في المدن الكبرى وفي محاور السير المركزية، فان آخر ما يريده الاسد هو فتح جبهة جديدة مع اسرائيل، بكل قوتها.
وبالتالي، وايضا لان اسرائيل غير معنية بالتصعيد، مشكوك جدا أن يكون مثل هذا التصعيد والتدهور ممكن التحقق. ولكننا نعرف منذ الان لمن تعطى النبوءة، وبالذات في الشرق الاوسط. الاطراف المشاركة تفحص حدود طاقة الطرف الاخر ومدى قدرته على الامتصاص. وقد اتخذت حتى اليوم سياسة متوازنة ومحدودة الردود بهدف احتواء كل حادثة كبيرة كانت أم صغيرة، ومنعها من التطور الى حرب شاملة. يبدو أن اسم اللعبة الان هو من يتراجع أولا: الاسد، خامينئي أم نتنياهو. اما الاختبار فسيكون في اغارة سلاح الجو التالية.