من هنا الملك -يديعوت

الساعة 01:20 م|14 فبراير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: بعد الولاية الثالثة لنتنياهو بات يشعر بانه ملك ويتصرف كملك مسموح له كل شيء. وهذا ما ينبغي للجمهور وللمحاكم أن تبحث فيه وفي شرعيته في دولة ديمقراطية - المصدر).

أبدأ من النهاية: بعد أن قالت الشرطة كلمتها في ملف 1000 وفي ملف 2000 لا مفر من استخلاص الاستنتاجات. على رئيس الوزراء أن يجمد نفسه الى أن يتخذ المستشار القانوني للحكومة قراراته بالنسبة للوائح الاتهام. على ناشر "يديعوت احرونوت" نوني موزس، أن يتخلى في تلك الفترة الزمنية عن صلاحياته كمحرر مسؤول. هذا هو رأيي الشخصي، بالطبع. لا يوجد في "يديعوت احرونوت" رأي جماعي يملى من عل. كرامة موزيس عزيزة في نظري، وكذا انجازاته، كفاءاته ومساهماته في قوة الاعلام الحر في اسرائيل. قلبي معه على المستوى الشخصي. أتمنى له أن تزول السحابة عنه بسرعة. ولكن الصحيفة، كل صحيفة، أهم من صحافييها وأهم من مالكيها.

 

والدولة أهم من رئيس وزرائها. هذا ما قيل لدافيد بن غوريون، الاعظم منهم جميعا، في نهاية ولايته، وهذا ما ينبغي أن يقال في اذني بنيامين نتنياهو. فالخطاب الذي القاه امس في أعقاب نشر توصيات الشرطة كان عملا محسوبا خطابيا. هنا وهناك أخل نتنياهو بقول الحقيقة، ولكن هذا حتى ترامب يعرف، وليس في ذلك أي جديد.

 

ان المواجهة بين رواية الشرطة ورواية نتنياهو توجد في مكان آخر. في اثناء ولايته الثالثة والرابعة شم نتنياهو هواء القمم. فقد شعر بان الحظ يلعب له والسماء هي الحدود. مسموح له وهو يستحقه. فقد بادر الى سلسلة خطوات بالقوة ليس بينها وبين مصلحة الدولة أو الليكود أو اليمين أي شيء. فقد اعترف في خطابه أمس بانه حل الكنيست وفرض على البلاد انتخابات باهظة الثمن بسبب نشرة كانت تتزلف لغروره. وقد أثار جلبة هائلة، لدرجة التهديد بانتخابات اخرى، بسبب قناة بث قلة يشاهدونها وتأثيرها هامشي. أحد لم يفهم، احد لن يفهم، على ماذا ولماذا. هذان هما فقط مثالان من اصل قائمة طويلة.

 

في ولايتيه الاوليين كان نتنياهو رئيس وزراء. مع نهاية الولايات الثالثة اصبح ملكا، في نظر نفسه وفي نظر ناخبيه. والملك مسموح له.

 

في اثناء هذه الفترة وسع جدا الاذون التي اعطاها لنفسه للعمل في الشؤون المتعلقة به شخصيا. عندما يستجيب ميلتشن لمطالبه ويقدم له العطايا بمئات الاف الشواكل فانهما صديقان. وعندما يستجيب لاحتياجات ميلتشن ويدفع الى الامام بقانون يستهدف ضخ مئات الملايين الى جيوبه أو يقنع وزير الخارجية الامريكي لترتيب تأشيرة له، فانه يعوض وكيلا اسرائيليا (مشوق ان نعرف وكيلا لماذا، وكيلا لمن، كان مقدم العطية الثاني، جيمس باكر). ولم أصل بعد الى قضية بيزك (ملف 4000)، الذي اشار الى بنية مشابهة ان لم تكن أخطر – التدخل في قرارات مهنية من أجل مصالح تجارية لصديق شخصي، ومقابل واجب في مجال الاعلام.

 

الشرطة تقول: الصفقات التي عقدها نتنياهو، أو حاول عقدها كرئيس وزراء وكوزير اتصالات، لم تكن الا فعل رشوة. يقول نتنياهو: ما تلقيته كان أشياء لا يؤبه لها، وما أردت أن

 

اعطيه كان يستهدف افادة الدولة وفي كل الاحوال لم يخرج الى حيز التنفيذ. لم يكن شيء لانه لم يخرج شيء.

 

الفجوة بين الفكرتين يجب أن تهم ليس فقط خبراء الجنايات. فالطرفان يضعان قيد الاختبار مكانة وقوة رئيس الوزراء في دولة ديمقراطية. نتنياهو يوسع، الشرطة تضيق. المستشار القانوني للحكومة، وبعده المحاكم، ستكون مطالبة بان تقرر موقفا في مسألة دستورية.

 

ان خلاصات التحقيقات تستدعي بحثا في مسألة اخرى: طبيعة نتنياهو. ملف 2000 هو مثال مميز. فقد ادعى نتنياهو في التحقيق معه بان المفاوضات التي خاضها مع نوني موزيس كانت عرضا عابثا. فهو لم يكن يقصد تحقيق أي اتفاق. اما الشرطة فتدعي: نتنياهو يكذب. والدليل هو أنه قام بخطوات حقيقية نحو تحقيق الاتفاق.

 

الشرطة لا تعنى بالمسألة الجماهيرية. ومع ذلك، فعلى السؤال ان يسأل. ماذا يعني العرض العابث؟ هل سياسي يجري مفاوضات سرية لاهداف الغش جدير بان يكون رئيس وزراء في دولة قانون؟ متى يكون عرضه حقيقيا ومتى يكون عابثا؟

 

لا يوجد أي شيء مرفوض في المحادثات بين رئيس الوزراء وناشر صحيفة. لا يوجد أي شيء مرفوض في التفاهمات بين الطرفين. احداث كهذه تحصل كل يوم، في كل دولة ديمقراطية. الصفقة كانت اشكالية: الطرفان وعدا ما هو محظور عليهما أن يعدا به وما لم يعتزما تنفيذه. وكذا حقيقة أن الطرفين أجريا مفاوضات في فترة جعل فيها نتنياهو موزيس وحشا، عدوا للشعب، وقسم كبير من الكتاب في "يديعوت احرونوت" ضربوا نتنياهو دون رحمة. هذه المشكلة جماهيرية، وليست جنائية. لم يشرح الطرفان بعد دوافعهما للجمهور.

 

مسموح لنتنياهو ان يكافح في سبيل استمرار ولايته. مسموح له – حتى مع أنه عندما كان ايهود اولمرت في وضع مشابه قال نتنياهو للجمهور شيئا معاكسا. ما هو محظور عليه هو أن يذر الرمال في عيون ناخبيه. لقد أشار المفتش العام الى ان محافل معينة لاحقت ضباط الشرطة الذين حققوا في القضية. هو قال الحقيقة. اما نتنياهو فيدعي الان بان حقيقة ان المحققين عرفوا بانهم يلاحقونهم خلقت لديهم رأيا مسبقا وعليه فان هذا يحرمهم من حقهم في توصياتهم.

 

هذا عرض عابث، واختلاق نسخ من حملة ترامب ضد محققي القضية الروسية. في نهج نتنياهو، كل محقق يمكنه أن يحبط التحقيق ضده. كل ما نحتاجه هو ارسال احد ما يلاحق المحققين، يكتب شيكا في صالح أحد المحققين، ينشر عنه فرية في شبكة اجتماعية.