بوتين أطلق صافرة النهاية- هآرتس

الساعة 01:23 م|12 فبراير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: بعد سابقة اطلاق الطائرة الايرانية بدون طيار الى اراضي اسرائيل تقف اسرائيل امام امتحان جديد: ماذا ستفعل في المرة القادمة عندما سيتم نقل ارسالية من السلاح المتطور لحزب الله، بعد أن أثبت اعداءها قدرتهم على المس بها - المصدر).

 

فلادمير بوتين هو الذي أطلق صافرة النهاية للمواجهة بين اسرائيل وايران في نهاية الاسبوع. المحادثة الهاتفية بينه وبين نتنياهو وضعت حدا للخط الهجومي الذي أظهرته حتى ذلك الوقت شخصيات اسرائيلية كبيرة، والهدوء الذي ساد منذ ذلك الحين في المنطقة يذكر مرة اخرى من هو صاحب البيت الحقيقي في الشرق الاوسط.

 

في هذه الاثناء، بعد سابقة اطلاق الطائرة الايرانية بدون طيار الى اراضي اسرائيل تقف اسرائيل امام امتحان جديد: ماذا ستفعل في المرة القادمة عندما سيتم نقل ارسالية من السلاح المتطور لحزب الله، بعد أن أثبت اعداءها قدرتهم على المس بها، في الوقت الذي يستمرون فيه بالتهديد بتصعيد واسع؟ في حين أن التراجع عن السياسة الهجومية سيؤدي الى ظهورها كخائفة فان هجمات اخرى ستشكل خطرا محسوبا.

 

الرئيس فلادمير بوتين أطلق صافرة النهاية في المواجهة بين اسرائيل وايران في سوريا، والطرفان وافقا على حكمه. هذا هو الاستنتاج المقبول من تحليل تسلسل الاحداث في نهاية الاسبوع. في ظهيرة يوم السبت بعد موجة هجمات سلاح الجو ضد اهداف لنظام الاسد ومنشآت ايرانية في سوريا كانت شخصيات اسرائيلية كبيرة ما زالت تعبر عن خط هجومي، وكان يبدو أنهم في القدس يفحصون استمرار النشاطات العسكرية. النقاش حول هذا الامر انتهى بعد وقت قصير من المحادثة الهاتفية بين بوتين ونتنياهو.

 

الاعلان الرسمي الذي أصدرته وزارة الخارجية الروسية تحفظ من خرق اسرائيل للسيادة السورية وتجاهل الخطوة التي اشعلت هذه المرة النار، وهي اختراق طائرة ايرانية بدون طيار لسماء اسرائيل. في محادثة مع نتنياهو بعد بضع ساعات دعا بوتين الى الامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها أن تؤدي الى "جولة جديدة من التداعيات الخطيرة على المنطقة".

 

الروس قلقون ايضا من اقتراب القصف الاسرائيلي من المواقع التي يخدم فيها جنود ومستشارون روس، منها قاعدة "تي 4" قرب تدمر التي هوجمت فيها غرفة قيادة ايرانية أطلقت منها الطائرة بدون طيار أول أمس. هذه القضية اقلقت موسكو ايضا بعد هجوم اسرائيلي مشابه في نفس المنطقة، في آذار الماضي، والذي في اعقابه تم نقل احتجاج.

 

الهدوء الاسرائيلي الذي اعقب محادثة نتنياهو – بوتين يدل على من هو صاحب البيت الحقيقي في الشرق الاوسط. في الوقت الذي بقيت فيه الولايات المتحدة في مكانة الغائب – الحاضر ويستمر البحث عن سياسة خارجية امريكية شاملة، فان روسيا هي التي تقوم باملاء تطور الامور. موسكو استثمرت جهود وموارد كبيرة لانقاذ نظام الاسد في السنوات الاخيرة الى درجة أنها لا تسمح لاسرائيل بافشال هدفها الاستراتيجي.

 

يمكن أن تكون رسائل بهذه الروح قد نقلت اثناء المحادثة الهاتفية بين الرئيسين. هذا لا يعني أنه لا يوجد لاسرائيل أوراق مساومة خاصة بها، تتمثل بالتهديد بادخال الساحة السورية الى دائرة دراماتيكية اخرى. ولكن مشكوك فيه أن نتنياهو متحمس للتصادم مع الروس، فتكفيه المواجهة التي وجد نفسه فيها مع الايرانيين.

 

سنخترق الحاجز

 

نقطة ضعف نادرة كشفت في يوم عمليات ناجح لسلاح الجو – مكنت من ضرب طائرة الـ اف 16 – وفرت للايرانيين والسوريين الانجاز الاعلامي الاكبر. طاقم الطائرة التي اصيبت بقي مكشوفا نسبيا على ارتفاع كبير في الجو بصورة مكنت من الضربة المفاجئة للصاروخ. من ناحية ايران هذا نجاح كبير في العملية الاولى التي نفذها حرس الثورة في هذه الساحة وحده، بدون الاعتماد على وكلاء مثل حزب الله والمليشيات المحلية. هذا النجاح تمت ترجمته على الفور الى محاولة لوضع ميزان قوى جديد بواسطة تصريحات تقول إنه لن يتم السماح في المستقبل لاسرائيل بأن تهاجم كما تشاء سوريا من الجو.

 

المحور حول معسكر الاسد تكبد خسائر فادحة في القصف في نهاية الاسبوع، ومنها شل عمل حوالي نصف بطاريات الدفاع الجوي للجيش السوري. ولكن يبدو أن الاهمية الرمزية الكامنة في اسقاط الطائرة تغطي على ذلك من وجهة نظر ايران وسوريا.

 

في نهاية الاسبوع سجلت سابقتان اضافة لاسقاط الطائرة: ايران قامت باطلاق طائرة بدون طيار خاصة بها الى اراضي اسرائيل، واسرائيل قصفت هدف ايراني فيه اشخاص على الاراضي السورية. اسرائيل اخترقت بهذا حاجز نفسي معين بعد اشهر من التهديد العلني بوقف تمركز ايران في سوريا (الذي ظهر وكأنه كلام هذياني مبالغ فيه).

 

ولكن الآن يأتي امتحان جديد: اذا حددت اسرائيل بأنها لن تسمح بنقل ارساليات سلاح متقدم لحزب الله في لبنان، فماذا ستفعل في المرة القادمة عندما تنطلق قافلة كهذه في طريقها بعد أن أثبت الاعداء القدرة على الضرب وهم يهددون بأن أي هجوم اسرائيلي آخر سيكون ثمنه التصعيد. ايضا على افتراض أنه في المرة القادمة ستنطلق طائرات سلاح الجو لتنفيذ مهمات وحولها غلاف دفاعي اكثر اكتمالا، فان ذلك سيعتبر مخاطرة محسوبة.

 

الهجمات الجوية في الشمال تتم كجزء مما تسميه اسرائيل "معركة بين حربين" التي اساسها المس بجهود زيادة القوة العسكرية لمنظمات مثل حزب الله وحماس. عندما تم طرح التقدير الاستخباري السنوي للجيش الاسرائيلي قبل نحو شهر طرح رئيس الاركان غادي آيزنكوت امكانية أن النجاحات العملياتية العديدة للجيش الاسرائيلي في "المعركة بين حربين" ستدفع العدو للرد بصورة من شأنها التسبب بتدهور المنطقة الى شفا الحرب، وهذا بالضبط ما حدث في نهاية الاسبوع.

 

وعندما هدأت الخواطر، يبدو بنظرة الى الوراء، أننا كنا على بعد شعرة من التدهور الشامل. التقدير السائد في جهاز الامن أمس هو أن جولة القتال الحالية انتهت عمليا، لكن تصادم آخر مع ايران هو مسألة وقت فقط.

 

على هذه الخلفية تسمع الآن في الهوامش اليمينية للخارطة السياسية افكار هستيرية بشأن فرض نظام اقليمي جديد: سننتهي من تعليم السوريين الدرس وبعد ذلك يمكن التصادم مباشرة مع الايرانيين، حتى على اراضيهم؛ في الولايات المتحدة سيكونون مسرورين بالتأكيد، هذه افكار عبثية خطيرة، من الافضل لاسرائيل الامتناع عن التفكير فيها.