اسمحوا لرئيس الاركان أن ينتصر -هآرتس

الساعة 01:00 م|07 فبراير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: من اجل نجاح استراتيجية الردع يجب أن يكون لدى الطرف الآخر ما يخسره، وهذه الاستراتيجية لا تنطبق في الوقت الحالي على قطاع غزة لأنه لا يوجد لحماس ما

يوجد للجيش يد حرة للعمل ضد الارهاب. بامكانه أن يهاجم ايضا اهداف في سوريا أو سيناء، المسؤولية ملقاة على الجيش لتقديم تقديرات حول التهديدات والفرص وعليه اقتراح طرق للعمل أو وقف المبادرات الحكومية التي تعرض اسرائيل للخطر مثل مهاجمة ايران. ولكن الجيش غير مسموح له شن حرب دون مصادقة الحكومة، وبالطبع يحظر عليه اجراء مفاوضات للتوصل الى سلام حتى لو أن السلام هو جزء لا يتجزأ عن أمن الدولة.

 

ولكن هل مسموح للجيش منح الشرعية لسياسة غير اخلاقية بغطاء حرب ضد الارهاب؟ أو سياسة مغلفة بالحفاظ عن أمن اسرائيل؟ هل الجيش لديه الصلاحية لمنع حرب تنبع من هذه السياسة؟ الحالة الفاحصة في هذه اللحظة هي الازمة الصعبة في قطاع غزة، التي حسب اقوال رئيس الاركان آيزنكوت من شأنها أن تؤدي الى انهيار تام يفضي الى مواجهة عنيفة قريبا. وزير الدفاع افيغدور ليبرمان نفى اقوال رئيس الاركان بشكل تام وقال إنه ليس هناك أي كارثة انسانية في قطاع غزة، ولا يضر اذا كانت حماس واقعة في ذعر طفيف.

 

ولكن يجب الحذر، إن تحذير آيزنكوت لا ينبع بالضرورة من قلق انساني. هذا تقدير وضع عسكري مهني، مقدم للحكومة. هذا التقدير يستند الى الاعتراف بأن الجيش الاسرائيلي قام ببناء ميزان ردع أمام حماس، ولكن هذا الردع ناجع شريطة أن يكون لدى الطرف الآخر ما يخسره. وبذلك يشبه بدرجة كبيرة صيغة الردع امام حزب الله. هذه صيغة سهلة الفهم، تمت صياغتها وتعلمها في اماكن مختلفة في العالم. طالما أن نظام الحكم المحلي يخاف على بقائه وطالما أن ضعفه العسكري يملي ذلك فانه سيمتنع عن شن الحرب. ولكن عندما يكون حبل النجاة الوحيد له هو هجوم عسكري، لأن السيطرة سحبت من يديه بسبب عدم القدرة على توفير الاحتياجات السكانية للسكان الذين يحكمهم فانه سيهاجم أو سيحاول الوصول الى المصالحة مع العدو.

 

خيار المصالحة لا يوجد في قطاع غزة، مثلما هي غائبة في لبنان، والفرق بينهما هو أنه في لبنان ما زالت تعمل قوات كابحة لأن قوة حزب الله السياسية مرتبطة بالتعاون مع احزاب معادية وهو يخضع لاعتبارات اقليمية وحتى دولية، يتم املاءها من قبل المصالح الايرانية والسورية. في غزة لا توجد قوة محلية يمكنها أن تملي على حماس خطواتها. وايضا مصالحتها مع مصر لم تثمر حتى الآن نتائج تعزز مكانتها، طالما أن معبر رفح لم يفتح بصورة منظمة ومستمرة.

 

النتيجة هي أن استراتيجية الحصار التي استهدفت انهيار حماس، افلست لأنه لم يبق لاسرائيل ادوات ضغط مدنية ناجعة على قطاع غزة. الجيش الاسرائيلي والشباك هما أول من ادرك أن حماس يمكنها أن تستخدم كوسيلة مساعدة ضرورية في كبح عمليات اطلاق النار ضد اسرائيل، شريطة أن تتمكن من البقاء. في الموازنة بين التهديد الذي تشكله حماس قوية وبين الفائدة التي يمكن جنيها من قوتها، توصل الجيش الاسرائيلي الى استنتاج هو أنه في الظروف السياسية الحالية يجب تفضيل حكم حماس. هذا ليس خيانة استراتيجية لصيغة الردع، بل بالذات دعم لها. طالما أن قطاع غزة يتطور اقتصاديا فسيكون لحماس الكثير مما تخسره، هذا برهان عسكري خالص لا يتطلب التفاوض مع حماس حول السلام أو الانسحاب من المناطق.

إن هذه الرؤية تعطي معنى لتهديدات اسرائيل. لأنه في ظل عدم وجود بنى مدنية واقتصاد مزدهر، فليس هناك ما يوجه اليه التهديد. ولكن من اجل تطبيقها فان رئيس الاركان لا يستطيع الاكتفاء فقط بالتحذير أو تقدير وضع. عليه أن يحدد بأن السياسة الحالية هي تهديد لاسرائيل، وهي العامل الذي يمكن أن يقود اسرائيل الى حرب. واذا شعر أنه لا ينجح في اختراق سور غباء الحكومة، الذي يهدد الدولة، فيجب عليه استخلاص الدروس. أي رئيس اركان مستقيم وعقلاني وحكيم وذكي لا يمكنه أن يكون شريكا في مؤامرة غبية تحيكها الحكومة ضد الدولة.