درس روسي -يديعوت

الساعة 12:38 م|06 فبراير 2018

فلسطين اليوم

لا تهذروا - قرروا

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: اذا كان الكابنت يقدر بانه يوجد تدهور في الشمال، وان الايرانيين يبنون مصانع صواريخ، وان حماس في ضائقة اقتصادية توشك على ان تتفجر علينا – فعليه أن يعمل لا أن يتحدث - المصدر).

 

"زا باتشنوف" (من أجل الجماعة، بالروسي). كانت هاتان هما آخر ما قاله الرائد أنطون فليبوف، طيار سوخوي 25 التي اسقطت في سوريا يوم السبت، قبل أن يفجر القنبلة في نفسه على مطارديه. صرخته في شبكة الاتصال، بعد أن كان اطلق مشطا ونصف من مسدسه وفهم بان معركته خاسرة، وصلت حتى الكرملين.

 

بعد ساعتين من الحدث قام الروس بـ 68 طلعة جوية، وصفوها كقصف بـ "سلاح دقيق". وعندما يقول الروس سلاح دقيق، فانهم يقصدون بشكل عام صواريخ جوالة. معسكرات الثوار في منطقة بلدة معسران في محافظة إدلب في شمال سوريا، حيث هبط الطيار الذي اسقطت طائرته بصاروخ كتف (روسي) على أيدي الثوار المؤيدين للاتراك، محيت. الروس لم يتحدثوا، لم يهددوا، لم يتحمسوا. هم ببساطة عملوا.

 

عندنا، بالمقابل، يهددون من الصباح حتى المساء: على حزب الله، حماس، السوريين، الايرانيين ومن لا. القيادة السياسية والعسكرية تسخن نفسها وتفزع الجمهور. اذا كان الكابنت يقدر بانه يوجد تدهور في الشمال، وان الايرانيين يبنون مصانع صواريخ، وان حماس في ضائقة اقتصادية توشك على ان تتفجر علينا – فعليه أن يعمل لا أن يتحدث. فالتهديدات تبث عدم ثقة بالنفس وضعفا، ولا تغير شيئا في الجانب الاخر من الحدود، باستثناء المزيد من تآكل الردع الاسرائيلي. ليس هكذا تتصرف دولة مع قدرات تكنولوجية قوة عظمى. اسرائيل وحزب الله أو حماس لا يقفون على الاطلاق على ذات مستوى القدرات العسكرية، ولكننا نصر على أن نجري معهم حوارا علنيا وكأن الحديث يدور عن دولتين متطورتين مع قدرات متشابهة. ان الرسالة التي على اسرائيل أن تبثها للعدو واحدة: في اللحظة التي يصاب فيها مواطنون اسرائيليون في عملية ما، فان الثمن في الطرف الاخر سيكون بالاسلوب الروسي.

 

بشكل عام، يلقننا الروس درسا في العلاقات الدولية. فمن جهة يستقبل نتنياهو باذرع مفتوحة لدى بوتين. ومن جهة اخرى فانه منذ أن تواجد الروس في المنطقة، ولا سيما في السنة الاخيرة، ينبغي الافتراض بانهم يبذلون جهدا هائلا كي يجمعوا المعلومات الاستخبارية عن اسرائيل. وضمن امور اخرى من خلال استخدام مكثف لشبكة التجسس الروسية من البحر – تلك "سفن الصيادين" التي تتجول في الحوض الشرقي من البحر المتوسط، والتي من المعقول الافتراض بانها مخصصة لالتقاط المعلومات الالكترونية. فاذا كان الروس مثلا يعرفون بان اسرائيل تخطط لضربة وقائية في لبنان أو في سوريا، فانهم لن يترددوا في نقل المعلومة الى الامام، اذا ما ناسبهم ذلك في ذاك الوقت. اذا كانت مصلحتهم بان تكسر اسرائيل قدما في الجبهة الشمالية، فانهم سيحرصون على أن يحصل هذا. اما العناقات في الكرملين في جهة، والبزنس في جهة اخرى.

 

لكن عندنا يثرثرون عن علاقات خاصة مع الروس. فبعد يومين من زيارة نتنياهو الى موسكو الاسبوع الماضي وصل الى هنا وفد من مجلس الامن القومي الروسي (هيئة ذات صلاحيات استشارية فقط). فاعتملت الدولة: ها هو انتصار دبلوماسي آخر؛ الروس يأتون كي يدرسوا القضية الايرانية بعمق. وتبين أن الزيارة كان مخططا لها منذ زمن بعيد كزيارة مجاملة لزيارة رئيس قيادة الامن القومي الاسرائيلي الى موسكو، وانه اذا كان ثمة شيء لم يرغب الروس في الحديث فيه في زيارتهم الى البلاد فهو الموضوع الايراني. لقد ملوا، كما رووا بعد ذلك، من المحاولة الاسرائيلية لفرض مباحثات عن ايران عليهم.

 

نحن نوجد الان في موجة من الخوف من الحرب في الجنوب بسبب الانهيار الانساني في غزة. غزة في انهيار منذ سنين. غير أنه في الاسابيع الاخيرة تجري حماس تلاعبا في الضائقة. حتى وقت اخير مضى كانت وسائل الاعلام المرتبطة بالمنظمة تتخذ جانب الحذر من المبالغة في عرض معاناة السكان، وذلك لان الازمة هي اعتراف بالفشل الاداري لحماس. اما الان فيبرزون هناك الازمة الانسانية التي ستؤدي بزعمهم الى انفجار مع اسرائيل والى قوافل عشرات الاف السكان الجوعى ممن يقتحمون الجدار.

 

حماس تهدد كي تخيف اسرائيل، السلطة، المصريين، وربما العالم – ونحن نقع في الفخ ولا نكف عن الكلام، الاعلان والثرثرة عن الازمة الانسانية التي ستؤدي الى حرب. غير أن التصعيد في الطريق الى الحرب هو موضوع واحد بينما الازمة الانسانية هو موضوع آخر. اذا كانت لاسرائيل مصلحة في تحسين الوضع في القطاع، فيجب عمل ذلك دون صلة بتهديدات الحرب. الرسالة لحماس يجب أن تكون واحدة: اذا اصيب مواطن اسرائيلي، فسنجبي من غزة ثمنا بالمقاييس الروسية.

كلمات دلالية