عملية سلفيت: الظروف والجغرافيا

الساعة 11:21 م|05 فبراير 2018

فلسطين اليوم

أعادت عملية الطعن البطولية التي وقعت عصر اليوم الإثنين، الأنظار من جديد على جدوى وأهمية العمليات المقاومة الفردية والتي استهلها الاستشهادي "مهند الحلبي" في أكتوبر من العام 2015 بعملية طعن وإطلاق نار في مدينة القدس المحتلة، وفجرت انتفاضة القدس في حينه.

فالعملية التي أقدم على تنفيذها، بحسب ما أعلن شاب فلسطيني يحمل الهوية الإسرائيلية، والدته من حيفا ووالده من نابلس شمال الضفة، كان فيها من الجرأة في التنفيذ والإنجاز والنتائج ما أثلجت قلوب الفلسطينيين في كل فلسطين التاريخية والخارج، وأثبتت إن المقاومة ممكنة إن توفرت الإرادة، بالرغم من كل إجراءات الاحتلال وتدابيره.

مجمع مستوطنات وطرق التفافية...

فالعملية وقعت في منطقة تعتبر تجمعا للمستوطنات والطرق الالتفافية، وتحتوي من الحواجز والكاميرات المراقبة ما يجعل التفكير بتنفيذ عملية فيها أمرا صعبا، لكثرة الحواجز وكاميرات المراقبة التي تغطي الشوارع، فعلي بعد أقل من كيلو يقع حاجز زعترة أكبر الحواجز في المنطقة والمجهز بالكامل بالكاميرات، إلى جانب التعزيزات الأمنية على مداخل المستوطنات.

والعملية وقعت على أراضي محافظة سلفيت، وتحديدا في على مداخل مستوطنة أرائيل المقامة على أراضي المواطنين هناك، وحولها قرى "كفل حارس" و"ديرستيا" و"مردا" و"حارس"، بالنسبة للمواطنين المسافرين من وإلى المحافظة، سواء من رام الله وسط الضفة، أو من نابلس شمالها، اعتادوا على تواجد الجنود بالعشرات على هذه الطرق، وأيضا المستوطنين الذين يقفون بانتظار الحافلات.

ومستوطنة أرائيل تأسست في العام 1978، أي من بداية الاستيطان في الضفة، على مساحة أكثر من خمسة ألاف دونم، وتعتبر من أكبر المستوطنات اليوم، وتشتهر بوجود جامعة مركزية فيها تعتبر من أهم الجامعات في إسرائيل، وتحتوي على كل التخصصات تقريبا، إلى جانب عدد كبير من المصانع.

وتعتبر محافظة سلفيت أيضا، كم أكثر المحافظات المنكوبة بالاستيطان، فلم يبق للمواطنين هناك سوى داخل قراهم، فيما صودرت كافة الأراضي المحيطة. وبالأرقام بنيت على أراضي محافظة سلفيت 20 مستوطنة، وهو ما يزيد عن عدد القرى والبلدات في المحافظة والبالغ عددها 18 قرية وبلدة.

مطاردة وحصار...

وكعادتها في المرات التي تقع فيها عمليات يستطيع المنفذ خلالها الانسحاب من المكان دون اعتقاله أو إطلاق النار عليه، تقوم قوات الاحتلال بشكل " هستيري" بمداهمة البلدات الفلسطينية المحيطة بمكان العملية وتنفذ حملات مداهمة وتفتيش واسعة، وهو ما كان فور وقوع العملية مع قرية كفل حارس، الأقرب إلى مكان، حيث فرضت حصارا على البلدة وتقوم بمداهمة المنازل.

وكفل حارس لها نصيبها الخاص من الاستيطان، حيث تقع فيها مجموعة من المقامات "مقامات كفل حارس" والتي يعتبرها المستوطنات مقدسة لهم ويقوموا وبشكل دوري باقتحام البلدة ومنع التجوال فيها للصلاة في المقامات.

جاسوسية فلسطينية

ومن جديد كان للكاميرات المراقبة النصيب من البحث والمصادرة في هذه العملية، حيث كانت أول رده فعل للاحتلال باقتحام بلدة كفل حارس ومصادرة كافة كاميرات المراقبة في المحال التجارية في البلدة، والاطلاع على تسجيلاتها، وهو ما جعلها تعود من جديد إلى واجهة وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعد عملية مفرق صره في يناير الفائت والتي قتل فيها مستوطن ويتهم الاحتلال المطارد أحمد جرار من بلدة برقين بجنين، بالوقوع خلفها، كانت الكاميرات المساعد الأنجع للاحتلال لتقصي أثار منفذي العملية والوصول إليهم، وهو ما جعل نشطاء ومدوني منصات التواصل الاجتماعي الدعوة إلى إزالة هذه الكاميرات كي لا تقدم خدمات " جاسوسية" للاحتلال عن المقاومة.

وهذه الكاميرات الفلسطينية تضاف إلى ما جمعته كاميرات المراقبة التي زرعها الاحتلال في الشوارع العامة والالتفافية بالقرب من موقع تنفيذ العملية والتي أظهرت تفاصيل تنفيذ العملية، الشاب فالمنفذ كان يستقبل مركبة نقل عمومية " فورد" ترجل منها فور رؤيته للمستوطن يقف على الجانب الأخر من الشارع، قطع الشارع وتقدم منه بكل هدوء وجرأه وهو يضع سماعات هاتفه على أذنيه ويدخل سيجارته، وما أن أقترب منه حتى قام بطعنه، وحتى لما هرب منه استطاع ملاحقته ليقوم بطعنه طعنات إضافية.

انتقام المستوطنين

وما أن انتشرت أنباء العملية حتى خرج المستوطنون في محيط مدينة نابلس، جنوبها، إلى الشوارع الالتفافية للعربدة في الشوارع والاعتداء على المركبات الفلسطينية عليها، وبعد ساعات تبين أن المستوطن الذي قتل في العملية هو أحد المتدنيين الذي يقوم بالتدريس في المعهد الديني الكائن في مستوطنة "براخا" المقامة على أراضي المواطنين جنوب نابلس، والتي يعتبر سكانها من غلاه المستوطنين وأكثرهم كرها للفلسطينيين والعرب وطلبا بقتلهم.

ومستوطنة "براخا" لا تبعد الكثير عن مستوطنة "جغات جلعاد" التي وقعت فيها عملية قتل المستوطن في يناير الفائت، والأكثر من ذلك كانت الصورة التي نشرها الإعلام العبري وجمعت بين المستوطنين القتيلين والتي تدلل على علاقة صداقة جمعتهما.

كلمات دلالية