هل يتخذ العرب القرار المطلوب؟!...  الشيخ: نافذ عزام

الساعة 09:46 ص|01 فبراير 2018

بقلم

من الواضح أن عدم الاستقرار الذي يعيشه الوطن العربي يلقي بظلاله على القضية الفلسطينية, بل ويعطي انطباعا سلبيا على مستوى العالم استفاد منه ترامب في توجيه المزيد من الضغوط على الفلسطينيين, وفي تقديم المزيد من الدعم «لإسرائيل», بدءا من قراره باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل, والإعلان عن نيته نقل سفارة بلاده إليها, وليست انتهاء بالإجراءات ضد وكالة الغوث الدولية للاجئين الفلسطينيين «اونروا» والتي هي في جوهرها عقاب ضد الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده, ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية, وإنهاء حق العودة الذي اعتبره الفلسطينيون طوال الوقت وبغض النظر عن التقلبات السياسية احد أهم ثوابتهم وأهدافهم, فهل تبدو هنالك نهاية وشيكة لحالة الفوضى وعدم الاستقرار هذه, وهل يمكن ان تستعيد المنطقة التوازن الذي يتيح بناء برنامج جديد يحمي فلسطين والمنطقة والعالم من توحش أمريكا وهجومها الجديد علينا.

مرة أخرى نعيد التذكير بأن القضية الفلسطينية لا يمكن ان تكون معزولة عن المحيط العربي والإسلامي, فقد كانت دوما تتأثر به وتؤثر فيه, والمفجع ان الدول العربية والإسلامية- لأسباب عديدة ذاتية وموضوعية- تركت الفلسطينيين وحدهم في هذه المواجهة العاصفة, وهذا شجع «إسرائيل» في الماضي والحاضر على التنكيل أكثر بالفلسطينيين, والمضي في سياسة فرض الأمر الواقع, وشجع في ذات الوقت أمريكا على تجاهل حقائق الصراع والانحياز الدائم «لإسرائيل», لكن الأمور تأخذ منحى أشد خطورة هذه الأيام في وجود إدارة أمريكية تجاوزت حتى الموقف التقليدي للإدارات السابقة في انحيازها «لإسرائيل»، والظهور وكأنها تتبنى وجهة نظر أكثر تطرفا من عتاة المتطرفين في «الحكومة الإسرائيلية».

نعم الوضع الفلسطيني الداخلي لا يعيش أفضل أحواله، ومعاناة الفلسطينيين تتسع، لكن المؤكد ان الوضع العربي والإسلامي يشجع دونالد ترامب وفريقه المتطرف على اتخاذ السياسات التي لم تجرؤ أية إدارة سابقة على اتخاذها مهما بلغ شغفها «بإسرائيل» وانحيازها لها.

الدول العربية سواء من خلال استمرار علاقاتها وتحالفاتها واتصالاتها مع إدارة دونالد ترامب, أو من خلال سكوتها عن سياساته الصادمة, أو من خلال مغازلتها «لإسرائيل» وتوجيه رسائل وإشارات دافئة لها, الدول العربية بسكوتها هذا توجه ضربة كبيرة للقضية الفلسطينية وللشعب الذي لا زال يدفع الثمن منذ مائة عام تقريبا, وبالتالي ليس غريبا ان تتجه إدارة دونالد ترامب لخطوات صادمة جديدة من قبيل الاعتراف بشرعية الاستيطان والمستوطنات, وتشجيع «إسرائيل» على مصادرة المزيد من الأراضي لبناء مستوطنات جديدة وتوسيع ما هو قائم منها, في خطوة لا تخالف فقط الموقف الأمريكي التقليدي حول الاستيطان, ولكنها تنسف أية فرصة لأي دور أمريكي في هذا الصراع وفي المنطقة بشكل عام.

وهنا يأتي دور الدول العربية والإسلامية، صحيح أن الموقف الفلسطيني هو حجر الزاوية، لكن الموقف العربي والإسلامي مطلوب وبشدة لإشعار أمريكا ان القضية الفلسطينية لا يمكن ان تكون مستباحة إلى هذا الحد.

الدول العربية والإسلامية وبغض النظر عن الأزمات التي تعاني منها, والمشاكل التي تعيشها شعوبها, مطالبة الآن وأكثر من أي وقت مضى باتخاذ خطوات سريعة وجادة في مواجهة الانقلاب الجذري في السياسة الأمريكية, والذي يتجلى بصورة صارخة ومتوحشة في سلسلة المواقف ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الواضحة, والأمر ليس مستحيلا أن تستجيب هذه الدول لصوت شعوبها, وقبل ذلك أن تستجيب لنداء التاريخ والواجب, ليس مستحيلا أن تحدد الدول العربية والإسلامية إستراتيجية جديدة للدفاع عن مصالحها وكرامتها, لأن القضية الفلسطينية تدخل ضمن هذه المصالح, وتمثل تعبيرا عن الكرامة والهوية, وليس مستحيلا القيام بذلك, فهل يتخذ العرب القرار المطلوب.؟!

كلمات دلالية