منزلق سلس -يديعوت

الساعة 01:05 م|30 يناير 2018

فلسطين اليوم

هل في الطريق الى حرب اختيارية في لبنان؟

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: فهل مصنعان – ثلاثة مصانع صواريخ في لبنان هي ذريعة لحرب مبادرة أم لا. هذه المعضلة يتعين على الحكومة أن تعرضها على الجمهور: حرب اختيارية ام العيش تحت تهديد محتدم للصواريخ الدقيقة - المصدر).

سلسلة الرسائل التي نقلتها اسرائيل علنا في الايام الاخيرة، ولا سيما لحكومة لبنان، واللقاء بين نتنياهو وبوتين في موسكو أمس، لا تترك مجالا للشك: اسرائيل تقترب بخطوات كبرى الى "حرب اختيارية". وبكلمات مغسولة أقل: حرب مبادرة في لبنان.

 

نشر الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي أول أمس مقالا في مواقع معارضة لبنانية هدد فيها بانه اذا سمح لبنان باقامة مصانع صواريخ ايرانية، "فسنهاجمها بشكل دقيق". وأوضح أمس وزير الدفاع ليبرمان بان اسرائيل ستكون مصممة في هذا الشأن. والتصميم في مثل هذه الحالات معناه استخدام القوة.

 

وبالتوازي، في موسكو نشر الروس أمس صورة ظهر فيها رئيس شعبة الاستخبارات "امان"، السكرتير العسكري لرئيس الوزراء والملحق العسكري في موسكو وهم يطلعون وزير الدفاع الروسي سيرجيه شويغو قبل الدخول الى مكتب بوتين. لا شيء من هذا صدفة. كل شيء مخطط له. اسرائيل تمارس ضغطا مركزا في محاولة لردع الايرانيين عن اقامة مصانع صواريخ دقيقة في سوريا وفي لبنان. وبالتالي فان الناطق العسكري الاسرائيلي يتوجه الى سكان لبنان، ليبرمان يطبخ الرأي العام الاسرائيلي ونتنياهو يتوجه للروس كي يمارسوا نفوذهم.

 

في الجولة السابقة هذا نجح. في السنة الماضية قدرت اسرائيل بان الايرانيين قاموا بمحاولة حقيقية لان يقيموا في لبنان مصنعا لتركيب الصواريخ الدقيقة. وكان الهدف تجاوز القدرة الاسرائيلية على ضرب ارساليات السلاح من سوريا الى لبنان. وحسب منشورات اجنبية حفر المصنع تحت الارض، واسرائيل على أي حال عثرت عليه.

 

ينبغي الافتراض بان استعراض القوة الاسرائيلية والرسائل السياسية ادت في حينه الى اغلاق المشروع وهو لا يزال في مهده، وان كان معقولا الافتراض مما نشر أمس بان الايرانيين لم

 

يتخلوا ونقلوه الى مكان آخر في لبنان. في 7 ايلول، حسب منشورات اجنبية، هاجم الجيش الاسرائيلي مصنعا للصواريخ الدقيقة اقامه الايرانيون في مصيف في سوريا، قرب مدينة حماة. وكان في اسرائيل احساس بان ايران فهمت التلميحات وخفضت مستوى الاهتمام في كل ما يتعلق ببناء المصانع التحت ارضية، ولا سيما في لبنان. يتبين أن لا.

 

يعاني الحرس الثوري وحزب الله من "الغرور"، ينعشهم الانتصار الساحق الذي حققوه، كما يشعرون، في سوريا، في العراق وفي اليمن. فهم لم يسموا فقط تهديد الناطق العسكري الاسرائيلي بانه "هراء"، بل خلقوا تهديدا على اسرائيل في ضوء اعمال التحصينات التي تجري اليوم على حدود لبنان. ناهيك عن ان التهديدات التي تطلقها اسرائيل في اتجاه لبنان، سوريا وايران في مسألة مصانع الصواريخ تعود الى فرع جد سلس في عقيدة الردع.

 

تتسلق اسرائيل شجرة عالية وتعرف مسبقا بأنها إما ستنزلق منها مع ذيل بين الساقين دون ان تحقق شيئا او ستضطر الى استخدام القوة. وفي حالة الهجوم في لبنان يدور الحديث عن يقين عال للخروج الى حرب، إذ ان الاحتمال لردع العدو متدن. الردع الكلاسيكي هو حين تهدد أنت العدو الا يضربك في ارضك. اما هنا فاسرائيل تطلب من العدو أن يمتنع عن الفعل في ارضه، والا فستضربه. من ناحية الشرعية الدولية ومن ناحية تاريخية، فان احتمال أن يقبل مثل هذا التهديد في الاسرة الدولية ويدفع العدو الى وقف العمل في ارضه صغير جدا.

 

وزير الدفاع على علم بالمنزلق السلس. عندما سئل امس لماذا لا تهاجم اسرائيل الان وتدمر مصانع الصواريخ في لبنان أجاب بانه يمكن العمل ليس فقط من خلال القصف؛ هناك روافع اخرى. قال: "الامر الاخير الذي اريده هو الدخول الى حرب لبنان ثالثة". لليبرمان يوجد ما يعول عليه. لاسرائيل يوجد اليوم اذن صاغية في موسكو. يفهم الروس بان نتنياهو هو الزعيم الاخير في العالم الذي له علاقة طيبة ايضا مع بوتين ومع ترامب في نفس الوقت؛ من ناحيتهما هو أداة عمل حيوية مع الامريكيين. ما بالك انه يمكن استخدام تهديداته لتقليص مدى النفوذ الايراني في المنطقة.

 

نظريا يبدو هذا جيدا. عمليا، اذا واصل الايرانيون حفر مصانع الصواريخ، ستعلق اسرائيل على الشجرة التي تسلقت اليها وسيتعين عليها اتخاذ القرار: فهل مصنعان – ثلاثة مصانع صواريخ

 

في لبنان هي ذريعة لحرب مبادرة أم لا. هذه المعضلة يتعين على الحكومة أن تعرضها على الجمهور: حرب اختيارية ام العيش تحت تهديد محتدم للصواريخ الدقيقة.