جبهة الرفض من اليسار
بقلم: بن – درور يميني
(المضمون: السلام، كما ينبغي الاعتراف، يبدو بعيدا جدا. وهذا حصل ايضا لان الرفض الفلسطيني يحظى بتأييد كيري، باينرت وكثيرين آخرين من اليسار المتطرف أكثر - المصدر).
هذه القصة غير دقيقة، قال الناطق بلسان وزير الخارجية الامريكي السابق، جون كيري، في تعليقه على الانباء عن أنه أوصى الفلسطينيين بمعارضة الاقتراحات السياسية لترامب. لقد التقى كيري في لندن مع حسين آغا، الذي يبرز اسمه بين الحين والاخر كـ "مقرب من ابو مازن"، لقد كان آغا ممن اداروا المفاوضات مع مقربي يوسي بيلين، وفي نهايتها علم عن "وثيقة بيلين – عباس". وكانت الوثيقة تبلورت قبل بضعة ايام من اغتيال رابين، ولكن في نهاية المطاف تنكر الطرفان لها. اسم آغا ظهر مرة اخرى كمن ادار في 2013 محادثات، كممثل ابو مازن، مع اسحق مولخو نيابة عن نتنياهو. وحسب الوثيقة التي تبلورت في حينه وافق نتنياهو عمليا على صيغة قريبة جدا من صيغة كلينتون. هذه المرة أيضا تنكر الزعيمان لها.
هل كيري بالفعل أوصى ابو مازن، من خلال حسين آغا على أن يعرض سياسة متصلبة حيال ترامب؟ عندما نعود الى السنة الاخيرة لكيري، في منصب وزير الخارجية، فان هذه بالتأكيد امكانية معقولة. الموضوع هو انه لم تكن هناك حاجة لترامب كي يرفض الفلسطينيون، مع ابو مازن على رأسهم، لكل اقتراح امريكي. فقد عرض كيري مسودته الاولى في كانون الثاني 2014. واعلن افيغدور ليبرمان، الذي كان في حينه وزيرا للخارجية، عن أن هذه هي الخطة الافضل التي يمكن
لاسرائيل ان تتلقاها. ليس واضحا اذا كان تحدث باسم نتنياهو، ولكن واضح ان هذه كانت احدى اللحظات النادرة في تاريخ النزاع والتي خيل فيها بان الطرفين قريبا جدا من التوافق.
مرت أسابيع غير كثيرة، وبلور كيري مسودة اخرى، اكثر راحة بكثير للفلسطينيين، تضمنت تقسيم القدس. وكان اللقاء الحاسم في البيت الابيض في 17 اذار 2014. فقد اقترح الامريكيون على الفلسطينيين الحد الاقصى الذي كان يمكنهم ان يعرضوه عليهم، حتى دون موافقة اسرائيلية. هذا لم يجد نفعا. فقد قال الفلسطينيون لا. نتنياهو حتى لم يتمكن من تحرير رد فعل اسرائيلي.
مرت بضعة اسابيع، وبدأ كيري حملة غريبة وهجومية وجه فيها في واقع الامر اصبع اتهام تجاه اسرائيل. الفلسطينيون قالوا لا، ولكن اسرائيل هي المذنبة. كيري – أسير الصيغة الراديكالية التي تبرر للفلسطينيين لانهم "مساكين" – شرح المرة تلو الاخرى بان الارهاب هو عمليا تحصيل حاصل للفقر، فجعل الجهاد حركة لعدالة التوزيع.
من الصعب أن نصدق بان مثل هذا الغباء خرج من فم وزير خارجية القوة العظمى الاقوى في العالم. سلسلة من البحوث، بما فيها واحد من البنك الدول، دحض تماما حجة كيري. فالوضع الاقتصادي لمعظم المتجندين للارهاب الجهادي، كما وجد البحث، هو فوق المتوسط. وبشكل عام، هناك مئات ملايين الفقراء في العالم، وهم لا يتوجهون للارهاب. المسلمون وحدهم ممن اجتازوا عملية التطرف، والذين ليسوا بالضرورة الافقر في المجموعة، يتوجهون للارهاب.ولكن رجاء لا تشوشوا عقل كيري بالحقائق.
ليس واضحا ما الذي قاله كيري لحسين آغا بالضبط. واضح أن "القوى التقدمية" المرة تلو الاخرى تشجع الفلسطينيين على التطرف في مواقفهم. فهم يجعلون "حق العودة" هو الاهم، رغم انه لا يوجد حق كهذا، ورغم انه واضح بان مجرد المطالبة هي عائق للسلام. بيتر باينرت، احد رموز اليسار اليهودي في الولايات المتحدة، نشر في 2014 مقالا دعا فيه معسكره للتجند كي لا يمنح مشروع السلام لكيري واوباما الفلسطينيين اقل مما تمنحه صيغة كلينتون لهم. هذا ليس لان الفلسطينيين اعتزموا المساومة، ولكن اليسار بدأ منذ الان باتهام الادارة بان اقتراحاتها ليست جيدة بما يكفي. باينرت، كما ينبغي الذكر، يعرف نفسه كصهيوني.
السلام، كما ينبغي الاعتراف، يبدو بعيدا جدا. وهذا حصل ايضا لان الرفض الفلسطيني يحظى بتأييد كيري، باينرت وكثيرين آخرين من اليسار المتطرف أكثر. وفي واقع الامر ليس بالضبط اليسار. باينرت، كيري وغيرهما، هم الجبهة الداخلية المؤيدة لليمين المتطرف الفلسطيني، بالضبط مثلما هم يخدمون اليمين المتطرف في اسرائيل. والنتيجة ستكون دولة واحدة كبيرة، وهذا ليس سببا للاحتفال.