"مكالمة عبر الجوال"..طرق جديدة للإحتيال في غزة

الساعة 09:11 ص|28 يناير 2018

فلسطين اليوم

كلمات تسللت إلى مسمعي رغماً عني من شاب بكامل أناقتهِ في بداية العشرينات من العمر، وهو يتحدث عبر هاتفه المحمول حول تفاصيل المأساة التي يعانيها والظروف التي يعيشها، وعدم قدرته على تحقيق متطلبات الحياة.. لأجد نفسي وبلا تفكير أقدم المساعدة له.

في تفاصيل القصة التي حدثت في أحد شوارع مدينة غزة، وقرب أحد مولاتها، وهو أحد الأماكن لاصطياد الفريسة، ترجل أحد الشبان بالقرب من السيارات وأعطاه ظهره ليحبك كذبته وتمثيليته بإتقان، لتخرج من فمه كلمات تطابقت بالحرف مع عدد من المواطنين الذين وقعوا في شباك ذلك النصاب.

هذا الشاب يقف وهو يحدث أحدهم عبر هاتفه الجوال، لتمثل تلك المكالمة التي أسقطت عدد المواطنين في شباكه هي الفخ التي نصبه لزبائنه والتي لم تخلو من البكاء والاستعطاف.

"الو يا خال كيف حالك.. هيني للمرة الثانية برن وبتقولي ارجعلي.. الوضع صعب.. أمانه دبر لي أي حاجة أمي بدها دواء ب70 شيكل.. ويختم حكايته بدقة ويرافقها ببكاء شديد.. أمانة يا خال دبرني أنا إجيت من الشجاعية مشي والدكاترة قالوا ...لازم تأخذ دواء ب70 شيقل"...

الحكاية لم تنته هنا فأكمل عبر هاتفه: أنا أتيت لصاحبي وقال معه فقط 10 شيقل بس..أمانه يا خال ساعدني بأي حاجة ..الله يخليك، وأغلق هاتفه.

لم يكتف بذلك، بل أكمل بنوبة بكاء متواصلة ليقف بعيداً ينتظر فريسته.

مواطنون ممن تحدثت لهم "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أكدوا أنهم سمعوا كلامه وبادروا بمساعدة الشاب، الذي تمنع في بداية الأمر، مما اضطرهم للحاق به وإصرارهم على إقناعه بالمساعدة.

حديث البعض، يكشف أن هذا الشاب اختار طريقته للإحتيال والنصب باستعطاف المواطنين الذين توالوا على تقديم المساعدة "غير البسيطة" له، على الرغم أن هذه المساعدات يستحقها مواطنون متعففون يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة.

طرق الاحتيال باتت متنوعة في القطاع بحثاً عن الأموال في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة , ولكن هذه اكثرهن غرابة كون ان المتسول هو يصر المواطنين تقديم المساعدة له وليس العكس .

لعل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها قطاع غزة دفعت المواطنين للبحث طرق مختلفة في ظل انقطاع الأفق امامهم للحصول على فرص عمل.

البطالة بلغت 80%

وفي تقرير نشر الشهر الماضي اظهر إن نسب البطالة والفقر بقطاع غزة ارتفعت بشكل قياسي وغير مسبوق وصلت إلى ما بين 60و80% نتيجة دخول فئات جديدة لشريحة الفقراء كالموظفين وعمال المصانع والشركات التي أغلقت أبوابها، ناهيك عن وجود 175ألف خريج من الجامعات المحلية.

وأشار التقرير ان السوق المحلي أصبح يعاني من تناقص في معدلات السيولة النقدية المتداولة في غزة، ما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية بنسبة 30%، ترتب عليه انخفاض في حجم الواردات والحركة التجارية في الأسواق.

وأوضح التقرير أن عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة انخفض بمعدل النصف من 750 إلى 350 شاحنة تقريباً بسبب انخفاض القوة الشرائية لدى سكان غزة لافتاً إلى أن غالبية التجار ورجال الاعمال أصبحوا مهددين بالدخول إلى السجون بفعل عدم مقدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية نتيجة حالة الركود الاقتصادي مشيراً إلى أن عدد الشيكات المرجعة بلغ حوالي (60) ألف شيك مرجع.

وأشار التقرير إلى أن الاقتصادي الفلسطيني بغزة تدمر وسكان غزة أصبحوا بمختلف شرائحهم لا يجدون قوت يومهم مؤكداً أن القطاع الخاص الفلسطيني لن يقبل العيش في غرفة الإنعاش، وتحويله إلى جيش من المتسولين والعاطلين عن العمل.

مرض ولا علاقة للوضع الاقتصادي

الأخصائي النفسي د. فوزي أبو عودة اعتبر أن قضية النصب والاحتيال مرض اجتماعي يرجع للجانب التربوي داخل البيئة التي يعيشها الإنسان وكيفية تعامل والديه معه، لافتا إلى أن وسائل الإعلام تلعب دورا في إظهار النصابين وكأنهم أبطال مما يدفع المشاهد المنحرف لتقليدهم .

وأشار إلى أن المحتال لديه مطامع نفسية تدفعه لإظهار نفسه أنه بارع وخارق الذكاء يستطيع فعل ما يريد وتخليص نفسه من مشكلات قد يقع بها الآخرون ، بالإضافة إلى مطامعه المادية بالسيطرة على أموال الغير.

 ويصف أبو عودة النصابين أنهم مرضى نفسيين لابد من معالجتهم كي لا يعيثوا في الأرض فسادا ، وبالرغم من مرضهم النفسي إلا انه لا يمكن إنكار وجود قدرة عقليه لديهم لابد من استغلالها جيدا.

البعض يرى أن ضعف العامل الاقتصادي يفرض وجود نصابين في المجتمع وحول ذلك يقول الأخصائي :"لو قمنا بدراسة تفحصيه لأدركنا الوضع الاقتصادي ليس سبباً للاحتيال .

كلمات دلالية