حر تموز -معاريف

الساعة 01:25 م|27 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: جاكي خوري

(المضمون: رئيس الكنيست يتهم ابو مازن بازدواجية اللسان ولكن خطابات ابو مازن تثبت خلاف ذلك - المصدر).

 

قليلة وسائل الاعلام في اسرائيل هي التي تناولت هذا الاسبوع زيارة وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي. فيدريكا موغريني، دبلوماسية ايطالية تتولى المفوضية العليا لشؤون الخارجية في الاتحاد هي معارضة حادة لتصريح ترامب عن القدس ونقل السفارات الاوروبية الى العاصمة. لهذا السبب، ولسبب عطفها العام على القضية الفلسطينية، قدم لها رئيس الوزراء هذا الاسبوع درسا تاريخيا في

 

العلاقة العتيقة للشعب اليهودي بالقدس. وبعد أن التقت بنتنياهو، تفرغت للقاء رئيس الكنيست يولي ادلشتاين. وهو الاخر اغرقها بالصهيونية، ولكن من نوع آخر.

 

اشتكى ادلشتاين امام الضيفة رفيعة المستوى عن زعيم السلطة أبو مازن. اقوال رئيس السلطة للاوروبيين بالانجليزية، قال المضيف الاسرائيلي، تختلف عن رسائله للجمهور العربية بلغته. بكلمات اخرى، اشتكى ادلشتاين من أن محمود عباس يتعامل مع الاوروبيين بوجهين. "بالانجليزية عباس يقول كل الامور التي يريدون ان يسمعوها عن وقف العنف، التعاون الامني والاقتصادي، الحاجة الى مفاوضات وما شابه"، قال لموغريني، "اما بالعربية فهو يدعو الى تدمير الكيان الصهيوني وازالته من الشرق الاوسط، ويسمينا مشروعا استيطانيا للاوروبيين. وعليه فلا يمكن ان يعجب من أن يقوم ابناء 15 بتنفيذ اعمال ارهاب".

 

غير أن كل من يتابع في السنوات الاخيرة خطاب ابو مازن بلغته الام، وجد فيها اللازمات التي يدعي أدلشتاين بانها تغيب. مرات عديدة عاد وأعلن عن رغبته في السلام وفقا لصيغة الدولتين. ورغم الضغط من جانب حماس واتهامه بالخيانة فانه يصر على ان يبقي على حاله التعاون الامني مع اسرائيل. في خطاباته يدعو الفلسطينيين الى الاحتجاج بالطرق السلمية، ويدعي بان الطريق الى الدولة لا يمر في العنف والارهاب. والتفسير على لسانه بسيط: اسرائيل اقوى من الفلسطينيين. ولهذا فان استخدام القوة ضدها مآله الفشل. اما تبني خطوات قانونية ودبلوماسية بالمقابل فكفيل بوضعها في حالة دون وتسجيل انجازات.

 

بخلاف اقوال رئيس الكنيست لم يدعُ ابوم مازن الى ابادة اسرائيل. في خطابه الذي يجري الحديث عنه قبل نحو اسبوعين، والذي شتم فيه ترامب بكلمات "يخرب بيتك" كرس فصلا كاملا للادعاء بان اسرائيل هي دولة مهاجرين، ولهذا فقد خلقت من العدم. وعلى مدى دقائق طويلة، وضع امام سامعيه جملة حقائق صبيانية وغريبة عن مشاريع الهجرة في بداية عهد الدولة، ووصف اسرائيل كدولة استعمارية. والرسالة الكامنة هي ان اليهود تعود جذورهم الى بولندا، روسيا، العراق واليمن وبالتالي لا حق لهم في دولة على هذه الارض. يحتمل أن يكون رئيس الكنيست استخلص من هذه الاقوال ان عباس يرغب في ابادة اسرائيل.

 

تفيد هذه القصة بأمر او اثنين عن آلية تصميم الرأي العام. للسياسيين الاسرائيليين تأثير عظيم نسبيا على الجمهور، وهذا يساعده على بلورة موقف سياسي. والادعاء بان ابو مازن يتحدث بصوتين قابل للاستيعاب جدا، وبوسعه ان ينغرس في الوعي بسهولة كبيرة. في حالة محمود عباس، بان اتهامه بازدواجية الوجه يقع على ارض خصبة: فقد عزت اسرائيل هذه العادة لسلفه ياسر عرفات. والمحاولة لاظهاره كمن يتقاسم هذه الميزة مع عظيم القتلة الذي سبقه، توقع وصمة على ابو مازن.

 

في لقائه مع الضيفة الايطالية ربط رئيس الكنيست بين اتهامات ابو مازن بان اسرائيل هي مشروع استعماري ودوافع الفتيان الفلسطينيين للخروج الى طعن الاسرائيليين. وبالفعل، يؤسفني ان اخيب أمل الطرفين: فلم يوجد بعد الولد الذي يمكنه أن ينجو من خطابات رئيس السلطة.