عبث الاونروا- معاريف

الساعة 01:08 م|25 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: عاموس جلبوع

(المضمون: طالما توجد الوكالة التي تخلد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، لن يتحقق اي حل وسط بيننا وبينهم. قصة صغيرة لصحيفة المانية تجسد هذا الواقع افضل من الف خطاب - المصدر).

 

منظمة الامم المتحدة الاونروا توجد هذه الايام في العناوين الرئيسة. الاونروا هي الاحرف الاولى لاسم المنظمة بالانجليزية: وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (في الشرق الاوسط). وهذه الوكالة هي احدى اكبر مظاهر العبث في الامم المتحدة والتاريخ الحديث.

 

في نهاية الاربعينيات من القرن الماضي، اقيمت في الامم المتحدة مفوضية عليا مهمتها كانت الحرص على توطين ملايين اللاجئين في ارجاء العالم، في البلدان التي هربوا اليها. ولكن الدول العربية، التي هرب اليها اللاجئون الفلسطينيون (600 – 700 الف)، رفضت توطين اللاجئين في نطاقها. وعليه فبعد بضعة ايام من قيام المفوضية اقامت الامم المتحدة وكالة خاصة للعناية فقط باللاجئين الفلسطينيين (الاونروا). وهنا يصل العبث الى ذروة الغباء. أولا، تفويض الاونروا قضى بان اللاجئ الفلسطيني ينقل حقوقه في اللجوء بالوراثة. ابناؤه وانساله على مدى الاجيال سيكونون لاجئين، بخلاف كل لاجيء في العالم تعنى به المفوضية، وفقط هو، وليس ابناؤه واحفاده، يعتبر لاجئا الى أن تنجح المفوضية في توطينه. ثانيا، بينما دور المفوضية هو تصفية مشكلة اللاجئين في الاماكن المختلفة في العالم من خلال الحرص على توطينه فان دور الاونروا هو العكس: عدم حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، بل تخليدها. وهكذا، بعد 70 سنة، نحن نقف امام نحو 5 ملايين لاجيء فلسطيني (انسال اللاجئين الاصليين) وامام عشرات مخيمات اللاجئين.

 

للتجسيد بالملموس لعمق المشكلة، والتي هي التي تمنع، برأيي، كل حل وسط بيننا وبين الفلسطينيين، سآتي هنا بمقاطع من تقرير لصحافي الماني زار مخيم عايدة للاجئين، شمال بيت لحم، ونشر في ايار 2013 في المجلة الالمانية "سيسرو". يخيل لي انه يدل اكثر من الف خطاب على ما هو الواقع.

 

"دخلت الى المركز الجماهيري في المخيم"، كتب في التقرير. "مسؤولة الثقافة هي خلود. فقد ولدت هنا. جدتها كانت لاجئة في 1948. خلود تعلمت في انجلترا. بعد انهاء تعليمها عادت الى مخيم عايدة بهدف "العودة" الى اسرائيل، رغم أنها لم تكن هناك ابدا. بالنسبة لها وبالنسبة لباقي السكان في عايدة لا توجد اي امكانية لبدء حياة جديدة في مكان آخر، او الرغبة في أن يصبحوا مواطنين عاديين، إذ انهم سيفقدون عندها مكانة اللجوء التي منحتهم اياها الوكالة. وهي

 

تقول: "نحن لا نريد التطبيع. نحن نريد ان نبقى لاجئين كي نحقق حقنا في العودة ذات يوم". وعليه فليس مفاجئا ان ليس لخلود اي اهتمام باتفاق سلام السلطة الفلسطينية مع دولة اسرائيل. "الناس لا يريدون حل الدولتين". "ولكن ماذا يريد الشعب حقا؟" "فتجيب الحق في دولتنا". لم يقف امامي شخص صاخب بل امرأة شابة مع ابتسامة غربية تتحدث صوت هاديء وسكين عن الدم والارض. تتحدث بشكل واضح جدا عن الامور التي يتمنونها: دولة واحدة بين النهر والبحر، يكون بوسع كل الفلسطينيين، انسال لاجئي 1948، المشتتين في كل العالم، ان يعيشوا. خلود لا ترى شأنا كبيرا في أن هذا لن يتحقق في الطرق السلمية، لان هذا يعني من ناحية اسرائيل انهاء وجودها كدولة يهودية. وتسأل خلود سؤالا بيانيا"لماذا نحتاج دولة يهودية؟ لا شك اننا كلنا يمكننا أن نعيش في دولة فلسطين الديمقراطية عندما تكون أغلبية فلسطينية". وسألت: "وماذا سيكون مع الاقلية اليهودية". فتجيب: "هذه مشكلة صغيرة. سيوجد لهم حل في نهاية الامر". فينهي المراسل الالماني فيقول: "الزيارة هزتني".

كلمات دلالية