استمرار التغول الأمريكي ومسؤولية العرب والمسلمين... الشيخ نافذ عزام

الساعة 10:23 ص|25 يناير 2018

فلسطين اليوم

الكثيرون ومع امتداد العالم يتساءلون عن المآلات التي ستفضي إليها سياسات دونالد ترامب، ليس فقط فيما يخص القضية الفلسطينية، بل بخصوص العديد من القضايا والملفات الساخنة أيضا، حيث لا توجد معايير ثابتة تحكم السياسة الأمريكية في هذه المرحلة، إضافة لوجود مجموعة من الغلاة والمتعصبين ضمن فريق دونالد ترامب، مما سيزيد من التنافر بين أمريكا وكثير من دول العالم.

لكن أكثر ما يجمع أولئك المتعصبين هو دفاعهم المستميت عن "إسرائيل" وسياساتها، وحشد كل وسائلهم وإمكاناتهم لتقديم أقصى قدر من الدعم لها مهما كانت وحشية "إسرائيل", ومهما كانت مخالفتها للقانون الدولي والمواثيق الإنسانية, ونحن نتصور ان دولا كثيرة في أمريكيا اللاتينية وآسيا وأفريقيا وحتى في أوروبا ستواجه أمريكا, وستتخذ من الإجراءات ما يحميها من رعونة الإدارة الأمريكية وسياستها المتقلبة, وستزداد المسافة بينها وبين أمريكا.

وقد كان متوقعا ان تبادر دول أوروبية لتعويض "الأونروا" عن المبالغ التي امتنعت إدارة دونالد ترامب عن تقديمها، وهذا ما حصل بالفعل من بلجيكا والنرويج، ومن المرجح ان تقوم دول أخرى بتقديم المزيد من المساعدات, إن للاونروا أو السلطة الفلسطينية, لكن المشكلة موجودة عند الدول العربية والإسلامية والتي يفترض ان تكون هي صاحبة المبادرة لمواجهة الابتزاز الأمريكي, وتغطية أي عجز ينشأ بسبب الضغوط والتهديدات الأمريكية.

من المؤسف ان تستمر الدول العربية والإسلامية في التعاطي مع الإدارة الأمريكية وكأن شيئا لم يحدث, وهذا لن يهز فقط ثقة الشعوب المسلمة بحكوماتها, ولكنه سيزيد من تغول أمريكا، وسيجعلها تتمادى أكثر في الاستهانة بالعرب والمسلمين حكومات وقادة وشعوبا، وقد كانت تصريحات مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعبيرا عن هذا الاستهتار بالعرب والمسلمين، وقد قال في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي ما لم يقله أكثر المسؤولين الأمريكيين السابقين تعصبا وانحيازا لإسرائيل، ومن غير المتوقع ان تخف حدة هذه المواقف، طالما ظل الوضع العربي على حاله، وطالما استمر التشتت في مواقف الدول العربية والإسلامية، ولا نظن ان التغول الأمريكي المصحوب بعدائية وتعصب غير مسبوقين سيقف تأثيره عند حدود فلسطين، ولكنه سينسحب على مجمل المنطقة والعالم، وحيث تختفي اللغة الدبلوماسية  والمجاملات وتظهر الصلافة والصفاقة والابتزاز كأهم ملامح السياسة الأمريكية الجديدة, ولن يكون هناك مراعاة لأية اعتبارات كتلك التي حرصت الدبلوماسية الأممية على الالتزام بها.

وإذا كانت أوروبا وأمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا وأفريقيا قادرة على حماية نفسها، والتمسك باستقلالية قراراتها، واستخدام أوراق ضغط عديدة لكف يد أمريكا والحد من عبثها، فإن المنطقة العربية ستكون أكثر من سيدفع ثمن التوجه الأمريكي الجديد، وأكثر من سيتعرض للضغط والابتزاز، لذلك لا خيار أمام قادة الدول العربية والإسلامية، سوى التجمع ومحاولة تنسيق المواقف والجهود لحماية الشعوب, والدفاع عن الكرامة والسيادة والمقدس.

إن كل يوم يمر دون العمل لبناء استراتيجية جديدة، يعني جرأة أمريكا أكثر للاستمرار في زرع الفوضى والدمار والجوع والصراعات، مما يعني اتساع دائرة العنف والمعاناة في كثير من الدول العربية والإسلامية، فهل هذا هو ما يريده القادة العرب لشعوبهم؟!.

كلمات دلالية